حالات العنف ضد الأطفال، لكن يبقي أخطرها العنف الجنسي والتحرش، التي باتت في تزايد مستمر، بل إنها بدأت تتخطي الشارع لتحدث داخل الأسرة الواحدة، وفي المدارس، وفقاً إلي دراسة حديثة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، كشفت أن هناك 20 ألف حالة تحرش سنوياً تحدث في مصر 85% منها تكون ضد الأطفال. علماء اجتماع: يجب تفعيل القانون.. والتصدي للظاهرة يبدأ من المنزل ورغم أن معظم الدراسات تشير إلي أن العديد من حوادث التحرش بالأطفال لم يتم الإبلاغ عنها لأسباب عائلية، ويتم التكتيم عليها خوفاً من الفضائح، إلا أنه بحسب الدراسة التي أعدتها فادية أبوشهبة، أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، فإن 45% من الحالات التي تم رصدها يتعرض فيها الأطفال للاغتصاب الكامل. التقديرات، تشير إلي أن 150 مليون فتاة و73 مليون ذكر أقل من 18 عامًا قد عانوا من الاتصال الجنسي أو غيره من أشكال العنف والاستغلال الجنسي الذي ينطوي علي اتصال بدني، وقدر عدد الأطفال الذين يجري استغلالهم في البغاء والمنشورات الإباحية 1.8 مليون طفل، و35% من الحوادث يكون للجاني فيها صلة قرابة بالطفل، كما أن هناك 1023 حالة عنف وانتهاك ضد الأطفال شهرياً، من بينها العنف الجنسي بواقع 116 حالة. أما عن الاتجار بالأطفال لأغراض جنسية، فإن الاستغلال الجنسي هو أكثر أشكال الاتجار بالبشر المعروفة شيوعًا علي الإطلاق بواقع 79%، وفي معظم الحالات يكون ضحايا الاستغلال الجنسي هم الفتيات. السيدة (س.م)، روت ل"آخرساعة"، تفاصيل تعرض طفلها للتحرش من قبل أحد الجيران، حيث استغل وجود الطفل لديهم، وانشغال والدته بأعمال المنزل، وقام بارتكاب بعض الحركات الجنسية مع الطفل الذي شعر بأنها غريبة عليه وذهب يحكي لها ما حدث، فقامت هي بتنبيه الطفل بأنه من الخطأ تنفيذ أوامر أي شخص، إلا أن الأمر سبب للطفل مشاكل سلوكية ونفسية عديدة. بينما تحكي (ع.أ) قصة طفلها الذي استدرجه رجل غريب بالشارع، قائلة "استغل أحدهم طفلي عند سؤاله عن أخيه باحدي العمارات المجاورة التي كان يتردد عليها لسكن صاحبه بها، وعند ذهابه للبحث عنه أجابه أنه فوق السطح واستدرجه إليه وأجبره علي خلع ثيابه، ولكنه نجا منه لأنه أخذ يصرخ مما أثار قلقه فهرب، وتركه وحيداً". من جانبه، يقول محمود بسطاوي، أستاذ فلسفة القانون بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إنه إذا نظرنا إلي مؤسسات الرعاية الاجتماعية يعتبر الطفل معرضاً للخطر إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له، بل إن الأمر تخطي كون الطفل هو المعتدي عليه ليصبح هو الجاني لمثل هذه الجرائم نتيجة لوجوده بالشارع، وفي دراسة قمت بها عن معاملة الأطفال المعرضين للخطر وبالبحث علي 28 مؤسسة بها 2875 حدثا من الأطفال تنوعت بينهم الجرائم، وكان منها جرائم الاغتصاب وهتك العرض، وكشفت الدراسة أن 4% منهم معرضات للانحراف الجنسي، كما يبرز ارتكاب مثل هذه الجرائم بالفئة العمرية الأكبر من 15 سنة. بسطاوي، أكد أن التحرش بالأطفال بينهم وبين بعض، خاصة إذا كانوا من أطفال الشوارع، ظاهرة متكررة وفي تزايد، فالطفل دائماً في حالة ضعف، وفي ظل انهيار القيم يكون الطفل هو الضحية، خاصة طفل الشارع لأنه بدون حماية أو مأوي، وأوصي بسطاوي، بأهمية تفعيل الحماية علي الطفل، ووضع إسترتيجية معلنة لحماية الطفولة، والاهتمام بالمؤسسات التربوية، والقضاء علي أصول المشكلة التي تبدأ من الفقر الذي بدوره يؤدي إلي التفكك الأسري، واحترام الطفل علي أن يكون لديه حقوق تكفلها الدولة، وترعاها من خلال مؤسسات تتابع الأطفال ومشكلاتهم سواء داخل المدارس أو المنازل. وعن الانتهاك الجنسي ضد أطفال الشوارع، تقول سميحة نصر، رئيس شعبة بحوث الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية، إن التحرش الجنسي يعد نوعا من أنواع العنف ضد الأطفال، واعتداء علي حقوقه، وهناك عواقب وخيمة متوقعة من أسلوب حياة الشارع علي الأطفال، وعلي المجتمع فهم أطفال في حاجة للحماية، وطالبت بإجراء دراسات مسحية بكافة المحافظات لوضع استراتيجية لمواجهة الظاهرة، وتفعيل قانون الطفل الذي يوصي بالمادة 97، أن تنشأ في كل محافظة لجنة عامة لحماية الطفولة ولجان فرعية في كل قسم أو مركز شرطة لرصد جميع حالات التعرض للخطر والتدخل الوقائي والعلاجي اللازم بما يحقق عنصر الاستمرارية في التصدي للظاهرة. سميحة، طالبت أيضاً بتغليظ العقوبة علي من يستغل الأطفال في الأعمال الإجرامية ومن يقوم بانتهاك أعراضهم واغتصابهم، واستثمار الأطفال كرأس مال بشري، وضبط كافة أنواع القضايا والجرائم التي ترتكب من الأطفال أو عليهم من البالغين من خلال متابعة البؤر الإجرامية والأماكن التي يقطن فيها الأطفال والهاربون من دور الرعاية الاجتماعية وتفعيل المادة 96 من قانون الطفل والتي تقضي بعقاب كل من عرض طفلا لإحدي حالات الخطر بالحبس مدة لا تقل عن 6 اشهر وغرامة لا تقل عن 2000 جنيه، مضيفة أنه طبقاً للدراسات فإن أكثر من نصف الأطفال الذين يخرجون للشارع (51% منهم) لا يرتكبون جرائم، ويعتبر هؤلاء معرضين للخطر طبقاً لحكم المادة 96 من قانون الطفل. عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أكدت أننا الآن في مرحلة من الاضطرابات الأمنية والأخلاقية، وأي جريمة في ازدياد، لأن جميع الجرائم في المجتمع مترابطة، وعندما يستقيم المجتمع تقل مشكلاته، مشيرة إلي أن هناك مساوئ أخلاقية تبدأ من الأسرة والمدرسة بجانب الضغوط النفسية التي يعاني منها الأفراد وتدفعهم لارتكاب مثل هذه الجرائم. كريم، قالت إن التحرش كأي جريمة أخري لو تحسنت الجوانب الأخلاقية يمكن الحد منها، كما يجب الوضع في الاعتبار أن الغريزة الجنسية من أقوي الغرائز عند الإنسان، لذلك لابد أن يكون عليها ضوابط معينة، وهي ضوابط حددها الشرع، والدين أوصي بالفصل بين الأخ وأخته من سن 9 سنوات عند النوم، وأن يكون هناك احتشام بالمنزل. ولفتت إلي أن الظروف دائما في حالة تغير، فنحن الآن نعيش حالة من تفاقم الظروف الاقتصادية التي تسببت في تأخر سن الزواج، وضاعفت من الضغوط النفسية علي الشباب، بالإضافة إلي الإنترنت والتليفزيون وكثرة المناظر الإباحية، التي تثير الشباب وتدفعهم إلي ارتكاب مثل هذه الجرائم. بينما ينصح أحمد شوقي، أستاذ الطب النفسي، بأهمية ملاحظة الطفل، وإذا ما كان هناك تغير بسلوكه نتيجة لتعرضه لتحرش جنسي أو لفظي، فبعض الأطفال الذين يتعرضون للتحرش نجد تغيرا بسلوكياتهم، ويصاحبها اضطرابات في النوم وتعرضه للأحلام المزعجة واضطرابات في الأكل أو التبول اللا إرادي، ويضيف أن الطفل غالباً ما يكون غير مدرك لما حدث له ويكون الإيذاء النفسي أقل بكثير من الإيذاء الجسدي.