دراسات وأبحاث وندوات متعددة طرحها الخبراء والمتخصصون،كانت بمثابة أحلام تحولت إلي حقيقة علي أرض الواقع بعد الإعلان عن مشروع العاصمة الجديدة أمام العالم كله خلال فعاليات المؤتمر الاقتصادي العالمي «مصر المستقبل». بعد نحو 6 سنوات تقريباً سنجد أنفسنا نقف أمام عاصمة إدارية جديدة تضاهي العواصم العالمية، ومخططة علي أُسس حديثة تساعد علي تفريغ قلب العاصمة القديمة. القاهرة، تلك العاصمة القديمة التاريخية التي أطلقوا عليها "جوهرة الشرق"، التي يزيد عمرها عن الألف عام، وتعتبر عاصمة مصر الموحدة منذ 2500سنة تقريباً، ستودع قريباً كافة المباني والكيانات الإدارية التي كانت تكتظ بها. تحتوي مدينة القاهرة علي معالم عديدة لتراث الحضارات المختلفة التي تواجدت علي أرض مصر علي مر الزمن من الحضارة الفرعونية والرومانية، والإغريقية، والقبطية، والإسلامية وأخيرا الحديثة، وهي أكبر منطقة حضارية في قارة أفريقيا. وبعد مرور سنوات جاءت القاهرة في المركز الأول من حيث نسبة التلوث التي وصلت إلي 169مايكرو جرام/المتر المكعب، وتحتل المرتبة ال 15 في أكثر البلاد ازدحامًا في العالم، كما وجد هناك ملوثات الهواء بنسبة عالية جدًا من الهيدروكربونات، الرصاص، جسيمات التي تعد كلها مسببات لمرض السرطان، فأصبح من المستحيل أن يستمر الوضع علي ما هو عليه، وكان من الضروري الإقدام علي التفكير "خارج الصندوق"بشكل إيجابي في مشروع العاصمة الإدارية لإيجاد حل جذري لمشكلة الازدحام والتكدس، والتلوث في القاهرة الكبري. وكانت فكرة إنشاء عاصمة إدارية لمصر خارج القاهرة هي الحل الوحيد الذي أجمع عليه العديد من الخبراء علي أنه الحل السحري لمصر لحل مشاكل الازدحام والتكدس المروري. والغرض من العاصمة الجديدة نقل كل الوزارات المختلفة، ومجلس الوزراء في مدينة واحدة بعيدة عن شدة الازدحام في القاهرة ومن المقرر تنفيذ هذا المشروع أن يكون موقعها في طريق القاهرة - العين السخنة، وسوف تضم العاصمة الجديدة حيا دبلوماسيا للسفارات، ومقار للشركات والمؤسسات الدولية الكبري، ومراكز للمال والأعمال، ومناطق للمعارض، ومنطقة سكنية «راقية» ومجمعات تكنولوجية، وعددا من الجامعات والفنادق الكبري. تفاصيل المشروع عرضها الدكتور مصطفي مدبولي، وزير الإسكان، خلال كلمة له بالمؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، موضحاً أن القاهرة ظهرت وامتزجت بها كل الحضارات، "علينا أن نساهم في إثراء هذه الصورة ونضيف لها أننا أنشأنا شيئًا جديدًا للقاهرة"، موضحًا أن العاصمة تتكلف 45مليار دولار، وبناؤها يستغرق من 5 إلي 7سنوات وهو بمثابة مركز جديد يضم أماكن (قصر الرئاسة والبرلمان والحكومة وحياً دبلوماسياً علي أعلي مستوي) علي مساحة 1500فدان. وقال: "إن تخطيط العاصمة الإدارية الجديدة مأخوذ من مناطق وسط المدينة مثل قصر النيل ومصر الجديدة إلي جانب العواصم العالمية التي تجمع بين التاريخ والحداثة، وقررنا عمل عاصمة عالمية علي أعلي مستوي تضم جميع فئات المجتمع المصري وبخاصة الشباب ومحدود ومتوسطو الدخل". وأضاف وزير الإسكان أن الشكل العام للعاصمة سيكون مناطق خضراء ترتبط بمراكز النمو في المحافظات من خلال شبكة من وسائل النقل، مشيرًا إلي أنه مع اكتمال المدينة ستبلغ 160ألف فدان تستوعب ملايين من سكان القاهرة الكبري. مؤكدًا أن: "حجم التنمية في هذه المدينة يتمثل في 700كيلومتر مربع وبعد إخراج الأودية والمناطق الجبلية ستكون 460كيلومترًا مربعًا هي مساحة المنطقة العمرانية في هذه المدينة، 25حيًا سكنيًا مع اكتمال نموها، 10آلاف كيلومتر من الطرق، و1.7مليون فرصة عمل دائمة، أكبر حديقة علي مستوي العالم، ومطار دولي جديد وحديقة ترفيهية 4أضعاف مدينة "ديزني لاند"، وبناء مليون و100ألف وحدة سكنية و40ألف غرفة فندقية، وسنعتمد علي الطاقة الجديدة والمتجددة". وأضاف وزير الإسكان، إن مشروع العاصمة الجديدة سيتم تنفيذه بالكامل بأيدي المصريين، لينضم إلي قائمة المشروعات العملاقة التي دشنتها مصر مؤخرًا. وأضاف وزير الإسكان، أن هذا المشروع العملاق سيكون مهمًا جدًا في جذب الاستثمارات العربية والدولية، ويأخذ بفكر الاستدامة في عملية التنمية بأحدث النظم العالمية. مشيرا إلي أنه سيتم التخطيط بصورة علمية للعاصمة الجديدة، لأن عدد سكان القاهرة سيتضاعف خلال ال 40سنة المقبلة، مضيفا أن "العاصمة الجديدة نتاج لتخطيط علمي وضعه أكبر خبراء التخطيط". عقد بناء العاصمة الجديدة تم توقيعه فعليا وأكد محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة "إعمار"الإماراتية، والمتولي تأسيس العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، أنهم كشركات استثمارية يحققون أرباحا ويرغبون في تقديم أعمال جيدة ومتميزة، موضحا أن الإنسان البسيط في مصر يحتاج أن نعمل مدينة صالحة لكل الفئات ومستوي دخل جيد وطرق جيدة وخدمات وأن تحدث حالة من التعايش بارتياح في جو من الاحترام. وأكد "العبار"أنهم يسيرون في حالة من الانضباط والعمل الجاد مع قليل من النوم لتنفيذ المشاريع، مستدعيا كلام الرئيس عبد الفتاح السيسي له خلال شرحه مدة إنهاء المدينة الجديدة التي قال وقتها إنها ستنتهي خلال 10سنوات ولم يرض بذلك الرئيس، مشيدا بتحسن أداء المقاولين في مصر، مؤكدا أنه في حالة الرغبة في زيادة عدد المقاولين سيتم الاستعانة بالعمالة كلها من مصر. مؤكدا انتهاء المشروع في 5سنوات". وحول انتهاء المشروع بعد 5 سنوات فقط، قال لابد من الرجوع إلي المقاولين والمخططين والمواد الموجودة لديهم، منوها أنهم يحتاجون إلي العمل ليل نهار خاصة أن حركة السوق في مصر ونمو مصر والقاهرة لم يره من قبل.