هل البرامج الرياضية في الفضائيات تتحمل وحدها مسئولية حالة الاحتقان بين جماهير وعشاق كرة القدم، أعتقد أن الإعلام الرياضي سواء كان مكتوبا أو مسموعا أو مرئيا ساهم بدرجات متفاوتة في زيادة التعصب والتطرف، وتحويل هذه اللعبة من رياضة ومنافسة شريفة إلي وسيلة لتفجير شحنات الغضب والعنف، المشكلة تعود إلي انحياز أقلام ومقدمي البرامج التليفزيونية لأندية رياضية، وبالتحديد للأهلي أو الزمالك، هذا الانحياز ينتقل من موقعه الطبيعي داخل العاطفة الشخصية لمعظم الإعلاميين، ويتحول إلي سلوك مهني، أصبح من المألوف أن تتسابق الأقلام والفضائيات للفوز باهتمام المشاهدين، وإثارة مشاعر التعصب داخلهم ، حتي لو كان من خلال اختلاق الأخبار وفبركة التقارير والتصريحات وتلوين العناوين والتحليلات ، وافتعال المانشيتات التي تصور خطف لاعب، أو التحايل علي ثغرة قانونية وكأنه بطولة وليس جريمة أخلاقية ورياضية، حالة من الفوضي، دفعت تعصب جماهير الكرة لدرجة غير مسبوقة، مرشحة للأسف للزيادة والتطور، في أواخر السبعينات صدرت جرائد خاصة تعبر عن ناديي الأهلي والزمالك، كانت أحد الحلول المهنية لصياغة أسلوب ومنهج رجل الإعلام الرياضي ، وجمع الأقلام المرتبطة عاطفيا بالنادي، ليكتبوا وينشروا كل ما يؤكد انحيازهم ، بينما يتحرر الإعلامي في الصحافة القومية من شبهة الانحياز، تحقق هذا لفترة زمنية قصيرة، وسرعان ما تغيرت المعايير، وبعد أن كانت مساحة الخلل محدودة ومعروفة، تحولت إلي تبادل للخصومات والصراعات والمشاحنات والمهاترات عبر المحطات التليفزيونية والإذاعية والصحف والمجلات ! هل يوجد حل ؟ ممكن، لكنه يتوقف علي رغبة وقدرة العاملين في الإعلام الرياضي علي المواجهة الحاسمة، والمناقشة الموضوعية للمشكلة وأسبابها ووسائل احتواء آثارها السلبية، وقبل ذلك مدي جدية الجميع في العمل تحت شعار الحياد الإيجابي، ومحاصرة المتعصبين والمنحازين داخل الجرائد والفضائيات التي تملكها الأندية، الإعلام الرياضي في الوسائل القومية والحزبية والمستقلة يجب أن يلتزم بالموضوعية ويحترم حق القراء والمشاهدين في تعاطي إعلام رياضي يرتفع فوق الصغائر، ويرفض التعصب مهما كانت مبرراته.