بوادر أزمة بين وزارة العدل ونقابة المحامين، علي خلفية تقدم الأولي بمشروع قانون إلي الحكومة يقضي بزيادة رسوم التقاضي وفرض طابع دمغة من أجل دعم صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية للقضاة، علي أن تعرضه الحكومة علي قسم التشريع بمجلس الدولة قبل رفعه إلي رئيس الجمهورية لإقراره، فيما اعتبر المحامون أن هذه الخطوة تؤثر علي حق التقاضي لغير القادرين، بما يحمل أعباء إضافية علي كاهل المواطنين. كانت نقابة المحامين عقدت اجتماعاَ طارئاَ علي مستوي الجمهورية طالبت فيه بضرورة إرجاء عرض مشروعات القوانين التي تم إقرارها خلال الفترة الأخيرة علي البرلمان المقبل، لكي يتم طرحها للنقاش المجتمعي بصورة أكثر استفاضة وهو ما رفضه بعض القضاة واعتبروه تدخلاً من المحامين في الشأن القضائي. ثروت عطالله الأمين العام المساعد لنقابة المحامين أكد ل»آخر ساعة» أن النقابة ترفض الاتجاه الحالي بزيادة الرسوم القضائية وفرض طابع القضاة، لأنه يضر بمصلحة المواطن المصري في المقام الأول، فالنقابة ليست ضد علاج القضاة وأسرهم علي أعلي مستوي وفي أفضل المستشفيات علي نفقة الدولة، لكن يجب ألا يكون ذلك علي حساب المواطن البسيط وبطريقة تجنب غير القادرين تحمل أعباء مالية إضافية، فزيادة الرسوم النسبية والثابتة علاوة علي فرض طابع القضاة سيشكل ضغطاَ علي المواطن الذي يسعي للحصول علي حقه وفي ذات الوقت يعجز عن سداد رسوم الدعوي القضائية التي تبدأ من 2000 إلي أربعة آلاف جنيه، وقد تمثل نصف المبلغ الذي تم رفع الدعوي من أجله، ما سيصرف غير القادرين عن اللجوء للقضاء لاستعادة حقوقهم، بما يخالف الدستور الذي كفل حق التقاضي للمواطن، مشيراَ إلي أنه في حال إصدار هذا القانون فإن القضاء سيصبح حكراَ علي الأغنياء فقط التي لا تشكل لهم الرسوم القضائية أي عقبة. يتابع قائلا:َ نحن في نقابة المحامين المنوطة بالدفاع عن جموع الشعب المصري وخاصة الفقراء والمعدمين منهم سنتصدي لهذا القانون كونه يحمل بين طياته تهديداَ للأمن القومي ويفاقم من أعباء المصريين ومن الممكن أن يشكل مع ضعف الأوضاع الاقتصادية شرارة ثورة غضب من المواطنين في وقت لا تتحمل فيه ظروف البلاد الحالية المزيد من القلاقل والمشكلات. كما لفت إلي أن نقابة المحامين كانت قد أرجأت منذ فترة النظر في إدخال تعديلات علي مشروع قانون لزيادة رسوم أتعاب المحاماة إلي البرلمان القادم حتي لايقال وقتها أن هذا الأمر كان بمثابة صفقة مابين القضاة والمحامين، مؤكدا عدم وجود ما يستوجب العجلة لإصدار تلك القوانين دون العرض علي مجلس النواب القادم الذي له الحق في أن يقرر مدي صلاحيتهم للتطبيق وتوافقهم مع الظروف الاقتصادية للمواطنين من عدمه. في ذات السياق أبدي سامح عاشور نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب، معارضته لأي زيادة في الرسوم القضائية دون إجراء حوار أو نقاش حول مدي جدواها والفائدة التي سيجنيها المواطنون في مقابل تلك الزيادة، مضيفا أنه في مقدور الدولة إيجاد وسائل بديلة لتلك القوانين تستطيع من خلالها توفير الخدمات الصحية للقضاة وذلك من خلال بنود الخزانة العامة للدولة. يتابع: أننا علي تواصل مع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء للمطالبة بعرض مشروعي القانونين علي البرلمان القادم لاتخاذ ما يلزم بشأنهما، فالنقابة لا تود استباق الأحداث في الاعتراض علي مشروع القانون الجديد، ولكن هناك تصميم علي تصعيد الموقف حال إصرار الدولة علي تطبيق هذا القانون، موضحا أن النقابة ستتخذ عدة خطوات تصعيدية لن يتم الكشف عنها حاليا. علي الجانب الآخر تباينت آراء القضاة تجاه مشاريع القوانين الجديدة حيث قال المستشار عبدالله فتحي وكيل أول نادي القضاة أن وزارة المالية هي المسئولة عن إصدار هذا الطابع شأنه شأن أي طوابع أخري مثل طابع الشرطة، وكلها أمور تتعلق بميزانية الدولة ومدي السيولة المتوفرة لديها وسياسات وزارة المالية ولا شأن للقضاة بها. وشدد علي أن زيادة الرسوم المثار بشأنها الجدل تمثل نسبة ضئيلة للغاية لا تشكل عبئاَ علي المتقاضي أو تمس بحقوقه ولن تمنع صاحب الحق من السعي للحصول عليه قضائياَ خاصة أن كافة المصاريف والرسوم سيتحملها الخاسر للدعوي. بينما أكد المستشار حسن العزيري نائب رئيس محكمة النقض ورئيس نادي قضاة طنطا، أن نادي القضاة يؤيد إصدار هذا القانون لأن زيادة الرسوم المقترحة به تعد نسبة غير مؤثرة علي الإطلاق علي حق التقاضي لدي المواطنين غير القادرين فطابع دعم القضاة لاتتجاوز تكلفته العشرة جنيهات ولايستحق الضجة المثارة حوله. في حين أوضح المستشار محمود الشريف مساعد وزير العدل والمتحدث الرسمي باسم نادي القضاة أن الرعاية الصحية والاجتماعية للقاضي هو أمر تكفله الدولة، ومنوط بها تغطية موارده من أي مصدر من الميزانية العامة وخلافه، لذا فإن القول بأن مشروع قانون الرسوم تم تعديله خصيصا لصالح صندوق رعاية القضاة هو كلام عار تماما من الصحة ويعد خلطاَ للأمور بين هذا القانون وبين فرض طابع القضاة والذي سيتم تخصيص موارده ضمن صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية للقضاة.