كان للصحافة المصرية في ذلك الوقت رونقها عظمتها جاذبيتها حصون كبيرة مرتفعة عالية يصعب الاقتراب منها فضلا عن الصعود إليها وطرق أبوابها.. ولكنني فوجئت بأن أبوابها أوسع أبواب وأكثر شهرة وقوة وأداء مفتوح أمامي هكذا بمحض الصدفة .. الصدفة وحدها قادتني فعلا إلي أكبر هذه الحصون وأكثرها »منحة« إنها آخر ساعة بكل قوتها وعظمتها وتاريخها بين يدي أمير الكتابة الصحفية في مصر والشرق الأوسط »محمد التابعي« إلي أيدي مصطفي أمين وعلي أمين ومنهما معا إلي يدي محمد حسنين هيكل أكثر الكتاب أهمية ودراية وقربا من السلطة في الشرق الأوسط كله وليس في مصر وحدها علي اعتبار أن مصر وقائدها جمال عبدالناصر كانا يقودان قاطرة التغيير في الشرق الأوسط وأفريقيا برمتهما إن لم يكن في أماكن أخري كثيرة في العالم.. وآخر ساعة قابعة في الدور الثاني من المبني الذي بدأ يكبر وينمو وتعرف المنطقة كلها باسمها واسم الصحافة الحديثة التي بدأتها: شارع الصحافة في منطقة الإسعاف قلب مدينة القاهرة الكبري. في حين كانت كل الصحافة الأخري موزعة هنا وهناك الأهرام في مبناه القديم العتيق في شارع صغير في نواحي شارع شريف قريبا من شارع نوبار وقريبا أيضا من ميدان الأزهار.. والجمهورية أو جريدة الجمهورية تستخدم المبني القديم لدار التحرير هناك عند شارع نجيب الريحاني قريبا من مسرحه وقريبا أيضا من شارع عماد الدين وكذلك شارع الجمهورية.. الذي كان يحمل اسم شارع »إبراهيم باشا« من قبل وكانت آخر ساعة فعلا هي التي تقود في كثير جدا من الأحيان قاطرة العمل في المبني الجديد لأخبار اليوم.. وجريدة الأخبار أيضا. كان أبناؤها أو صحفيوها هم النجوم..صحيح كان نجوم الكتاب في جريدة الأخبار وأخبار اليوم من أمثال كامل الشناوي ومحمد زكي عبدالقادر وعباس محمود العقاد وأحمد الصاوي محمد وآخرين وآخرين.. لكن النجوم من الصحافة من أمثال صلاح هلال وصلاح جلال وفتحية بهيج وأحمد رجب (دينامو الصحافة في مكتب الأخبار بالاسكندرية) وجميل عارف وأكبر مصوري مصر محمد يوسف وأحمد يوسف وخميس عبداللطيف وحسن دياب ورشاد القوصي وآخرين.. فقد أضافت الصورة إلي آخر ساعة قوة إلي قوتها.. كان يقود هذا الفريق كله محمد حسنين هيكل بينما كان الشباب أمثال وجدي قنديل وصلاح منتصر وحُسن شاه قوة أخري تغذيها بالدم الشاب.. وللحديث بقية..