معسكرات غزة تدرب شباباً سيناوياً بزعم محاربة إسرائيل أيمن نور وخالد علي يقودان تحالف الإخوان البرلماني وجدي غنيم من «الخوارج» ويسير علي طريق «الكفر» الدرس سريعاً، فطنته كشفت له العديد من الأمور مبكراً واستطاع أن يقرأ المشهد قبل عشرات السنوات، 8 سنوات فقط هي عمره داخل جماعة الإخوان، أدرك خلالها أنهم إرهابيون ولا يمتون للإسلام بصلة، لم يتنصل منهم ولكنه يعلم عنهم ما لا يعلمه كثيرون، أول من حاربهم من أبناء جيله، تصدي لهم وواجهوه بعنف، عاش معهم ليعرف حقيقتهم وحينما أدرك أن أفكارهم التكفيرية سيطرت عليهم تركهم وظل ينادي بمحاربة الجماعة منذ الثمانينات وحتي الآن، الدكتور خالد الزعفراني الباحث في شئون الحركات الإسلامية والقيادي الإخواني السابق يقرأ لنا في الحوار التالي ملامح المشهد السياسي الراهن في ظل ما تشهده البلاد من تطرف الجماعات الإرهابية. كيف تري الحوادث الإرهابية في سيناء؟ - ما يحدث الآن في سيناء أمر متوقع منذ 28 يناير 2011، حينما خرجت العناصر التكفيرية من السجون ونشط التفكير القطبي الذي ظل كامنا في أواخر حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، فضلاً عن اتباع مكتب إرشاد جماعة الإخوان لهذا الفكر واتخاذه منهجاً لها منذ تنظيم 65 الذي أسسه سيد قطب وشاركت فيه قيادات منهم جمعة أمين ومحمود عزت وخيرت الشاطر ومحمد بديع. وما تشهده مصر الآن كان مخططا له من قبل ثورة يناير بثلاث سنوات، وكان هناك اتفاق مبرم بين أمريكا والرئيس المعزول محمد مرسي علي أن يتولي حكم مصر، ووجود خيرت الشاطر وقتها كمرشح أساسي كان «تمثيلية». ولماذا تم الاتفاق مع مرسي دون غيره؟ - مرسي لم يكن كادراً سياسياً بارزاً في الجماعة، ومهمته اقتصرت علي الاهتمام بالملف السياسي للإخوان فضلا عن أنه رأس المجموعة البرلمانية بمجلس الشعب، وعلي الرغم من ذلك تم اختياره، ولم تهتم أمريكا لرفض قدامي الجماعة ترشحه بعد أن فوجئوا بظهوره فهو لا ينتمي لجيل السبعينيات أو الثمانينات، أما عن اختياره فهناك العديد من الأسماء التي تم طرحها والتي كانت علي اتصال معهم مثل عبدالمنعم أبوالفتوح الذي كان يمثل صداعا في رأس الإخوان وقتها لذهابه إلي السفارة الأمريكية في الأردن لعقد اتفاق معهم بشأن الانتخابات. وماذا عن تورط الإخوان في العمليات الإرهابية؟ - الإخوان يتحملون المسئولية كاملة فهم أول من أزاح التيار الإصلاحي المتمثل في فكر حسن البنا، في سبيل إعلاء الفكر الجهادي والتكفيري، ولعل استضافة مرسي للتكفيريين بسوريا ومؤتمر سد النهضة لم يكن صدفة، فنواياهم الإرهابية كانت واضحة للجميع، كما أن الإخوان بسطت رداءها علي الجماعات الجهادية ودعمتهم وأي شيء يتم تنفيذه يكون بالتنسيق بينهم. هل سيتمكن أبوالفتوح من حصد مقاعد في مجلس النواب؟ - هناك دافع قوي يحرك أبوالفتوح وهو الغيرة من محمد بديع كونه أحق برئاسة مكتب الإرشاد، كما أنه يستلهم شعبيته من الإخوان فهي مصدر قوته، وحزب مصر القوية ليس له أرضية في الشارع، رغم أنه يضم عددا من النخبة فإنه إلي الآن لايزال خاليا من التنظيم، وأعتقد أنه لن يتمكن من حصد مقاعد برلمانية لأن المصريين يعتبرونه "إخوان". وماذا عن تحالفات تيار الإسلام السياسي الانتخابية؟ - هناك معلومات تؤكد أن الجماعة الإرهابية تسعي لتشكيل طيف واسع وتحالف انتخابي كبير يضم عددا من الأحزاب وهي الوسط والبناء والتنمية، وأيمن نور من الليبراليين، وخالد علي من اليساريين والاشتراكيين الثوريين. وهل ستكون تلك الأحزاب ساتراً لدخول الإخوان البرلمان؟ - هذا التحالف ضعيف ولا قيمة له والمصريون لديهم وعي كاف بالقدر الذي يجعلهم يتصدون لدخول الإخوان أو أي من داعميهم للبرلمان، ولكن هناك عنصر قوة يمتلكه الإخوان وسيستغلونه فور إعلان بدء العملية الانتخابية وهو تصدر القيادات الفاسدة في الحزب الوطني وكذلك أعضاء الأحزاب الكرتونية المشهد الحالي، فسيتخذون وجودهم ذريعة لإعلاء مرشحيهم، فضلاً عن أن الشعب كان ينتخب الإخوان لإسقاط الحزب الوطني فكيف يكون الحال إذا ترشح أحد من رموزه الآن. هل شعرت بالندم بعد أن استولي الإخوان علي شعارك «الإسلام هو الحل»؟ - الإسلام هو الحل كان عنوان كتاب لي ألفته عام 1979، وكان يهدف إلي إعلاء قيم الإسلام في المجتمع لأنه الحل لكل المشكلات المجتمعية والدنيوية ولا يوجد شيء في حياتنا إلا وله مرجعية في قرآننا الكريم، فمن هذا المنطلق أطلقت اسم الكتاب، وحينها كنت قيادياً بحزب العمل الإسلامي وجاءت انتخابات 1987 وكان هناك تحالف انتخابي يجمع بين العمل وحزب الأحرار والإخوان، وكان يجب اختيار شعار موحد ولم يكن لدي الإخوان إلا شعارات حسن البنا القديمة التي رفضوا التخلي عنها وهي: "الرسول زعيمنا والقرآن دستورنا والموت في سبيل الله هدفنا"، وعرض عليهم الإسلام هو الحل وقبلوه علي مضض رفضاً منهم التخلي عن شعاراتهم، ومن وقتها ظل ملازماً لهم إلي الآن، وأنا شعرت بالندم علي هذا الكتاب بعد أن استغله الإخوان في السياسة وبعد اتخاذه منبراً لما يفعلونه بحجة الإسلام وأعتقد أنه سقط بسقوط الإخوان فلن يحظي بقبول شعبي مرة أخري، وفي حقيقة الأمر الإسلام كدين فقط يصلح لكل زمان ومكان وهو الحل بالتأكيد. لماذا تركت الإخوان؟ - كنت من أوائل المنضمين للجماعة في جيل 79 وتركتهم عام 1984 وناقشت المرشد العام وقتها وقلت له أفكاركم متطرفة وقطبية وتشبه أفكار شكري مصطفي قال لي: "إنت هتروج كده عاوز تهدم جماعة الإخوان زي ما هدمت التكفير والهجرة"، وظللت أواجهها بمفردي إلي أن ظهر الخرباوي وغيره من المتنورين. كيف تري دعوة الجبهة السلفية للثورة المسلحة في نوفمبر؟ - "ثورة نوفمبر المسلحة كلام في الهوا"، جماعة الإخوان محتضنة خالد سعيد في تركيا ويتقاضي آلاف الدولارات شهرياً نظير ما يقوم به من ترويج لمثل هذه الفاعليات،هم يحركونه كيف يشاءون، وكثيرا ما أعلنوا عن هذا في المناسبات مثل ذكري رابعة ونصر أكتوبر ويتوعدون ويخططون لإحداث مزيد من القلق، أما عن "الجبهة القطبية السلفية التكفيرية" التي تجمل نفسها باسم الجبهة السلفية فهم معروفون للجميع وهم روافد وأبواق للإخوان ليس إلا، والإخوان يريدون ترويج فكرة أن لا استقرار في مصر دون مشاركة للإخوان في العملية السياسية وعينهم ستظل علي مجلس النواب وسيبذلون أقصي ما لديهم من أجل الحصول علي مقعد واحد فقط . ما تفسيرك لاستمرار العمليات الإرهابية حتي الآن؟ - الإخوان أعطوا قبلة الحياة للتكفيريين والجهاديين أثناء حكم مرسي، وما نعيشه الآن في مصر نتيجة طبيعية لما يحدث في القطر العربي كله، فالميليشيات سيطرت علي معظم البلدان فمن الطبيعي أن تتأثر حدودنا بشكل أو بآخر. وأذكر أني زرت غزة قبل عزل مرسي بثلاثة أشهر وفوجئت بما يحدث بالأنفاق كونها مفتوحة لأقصي درجة ويتم نقل بضائع وسيارات وكل شيء فمن الطبيعي أن يتم تهريب السلاح ، وهناك في غزة شاهدت معسكرات مفتوحة لتدريب الجهاديين بعضهم من حماس وآخرون من سيناء والتدريب في تلك المرحلة يتم علي أعلي مستوي بحجة محاربة الإسرائيليين وبعد ذلك يتم الزج بهؤلاء لقتل الأبرياء في البلدان العربية. هل توافق علي تهجير أهالي سيناء؟ - بالتأكيد فالتهجير هو الحل والتعمير لن يأتي إلا بعد تطهير سيناء من الإرهاب، ولكن أقترح تأسيس قري نموذجية بها كل وسائل المعيشة كهرباء ومياه للشرب وصرف صحي، ولابد أن يري الشعب السيناوي أن الدولة لا تفرق بينه وبين أي مواطن آخر. الإخوان حكمت علي الإسلام السياسي بالخروج من مصر نهائياً هل هذا صحيح؟ - بالفعل فالمصريون لن ينتخبوا مرة أخري من يتحدث باسم الدين للوصول لأغراض أخري، ولكن هناك بعض الإسلاميين المتنورين مثل الدكتور كمال الهلباوي والدكتور ثروت الخرباوي وغيرهم ممن هاجموا الإخوان وظلوا ثابتين علي موقفهم دون تغيير، فيجب إعطاء فرصة لهؤلاء حتي لا يؤخذ وا بذنب الإخوان. لماذا إذا فشلت المراجعات الفكرية لبعض الإسلاميين؟ - المراجعات الفكرية التي جرت في التسعينات للجماعة الإسلامية لم تكن عن اقتناع من كافة أعضائها والبعض منهم ظل مقتنعا بالفكر الجهادي مثل عبود وطارق الزمر اللذين قبلا المراجعات رغماً عنهما وسرعان ما انكشفا للرأي العام، هؤلاء تركيبتهم معقدة ونفوسهم تميل للتظلم والتشدد. وما تعليقك علي تحريض وجدي غنيم الجهاديين علي قتل الجنود؟ - وجدي غنيم فكره تكفيري منذ أيام شكري مصطفي، ولم يكن منسجماً مع الفكر الإصلاحي، ومن يحرض علي قتل المسلمين يكون كفر بالله لأنه من الخوارج، وهذه الفتن التي يروجها ليست مستحدثة وظهرت علي مر العصور بل ظهرت في عهد الرسول ذاته حين قال له أول الخوارج: "اعدل، فقال الرسول([): ويلك من يعدل إذا لم أعدل". وقال الرسول ([) في هؤلاء : "يخرج من سلالته قوماً تحقرون صلاتكم إلي صلاتهم وقيامكم إلي قيامهم، وصيامكم إلي صيامهم وقراءتكم إلي قراءتهم يخرجون من الإسلام كما يخرج السهم من الرمية".. وهؤلاء شتان بينهم وبين الإسلام فهم قتلوا الصحابة وكفروهم وقتلوا علي بن أبي طالب، هؤلاء يقطع دابرهم كلما ظهر قرن قطعه الله ، ويظهرون وينتهون، كما أنهم سيقتلون بعضهم بعضا فهي جماعات انشطارية، وخير مثال علي ذلك جماعات بيت المقدس التي تحارب داعش الآن بحجة أنهم أكثر تكفيراً، بأسهم بينهم شديد.