أثار قرار الدكتور عباس شومان (وكيل الأزهر) بوقف الشيخ عيد يوسف (أمين لجنة الفتوي بالأزهر) عن أي أعمال تتعلق بالإفتاء لانتقاده احتفال المغرب بعيد الأضحي المبارك بعد العالم الإسلامي بيوم استياء الأوساط الإسلامية والعربية خاصة علي مواقع التواصل الاجتماعي.. وزاد الأمر تعقيدا عندما استقبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب (شيخ الأزهر) سفير المملكة المغربية بالقاهرة الدكتور محمد سعد العلمي عقب هذه الأزمة، وأدلي بتصريحات غريبة.. فما هي طبيعة هذه الفتوي التي شكلت من أجلها لجنة فقهية خاصة في الجامع الأزهر وفتحت تحقيقا مع هذا المسئول بلجنة الفتوي بالبحوث الإسلامية التي تتبع الأزهر؟! قد تختلف بداية دخول شهر رمضان والالتزام بصيامه من بلد لآخر، إذ يبدأ شهود الشهر بالتأكد من دخوله إما برؤية الهلال ليلة الثلاثين من شعبان كشرط لوجوب الصيام، ولا تثبت الرؤية بالحساب الفلكي لأنه يحتمل الخطأ، ولا عبرة باختلاف المطالع، فمتي رأي الهلال أهل بلد وجب الصوم علي جميع البلاد التي علي خط طول واحد لأن المسلمين أمة واحدة ما داموا جميعا يشتركون في ليل واحد، أما الدول التي يكون فيها ليل في الوقت الذي يكون عند الآخرين نهارا فلهم صومهم وللآخرين صومهم، وإذا لم يتيسر لدولة أن تعرف خبر الهلال عند دولة أخري (وهذا مستحيل مع التقدم التكنولوجي ووسائل الإعلام والنت بعد أن صار العالم قرية صغيرة) حينئذ فلكل دولة أن تعمل بما تري، ولا يضر الخلاف بينهم، وهذا ما يحدث الآن كل عام إذ تري بداية رمضان في بعض البلاد الإسلامية مختلفة عن بلاد أخري، وإن كان ذلك علامة للفرقة بين الأمة العربية والإسلامية.. لكن الأمر مختلف تماما عند وقفة عرفات وعيد الأضحي المبارك، ويجب أن يلتزم كل العالم العربي والإسلامي بإعلان السعودية ببداية شهر ذي الحجة وبالتالي الوقوف علي عرفات في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة من حين زوال الشمس في هذا اليوم إلي طلوع فجر يوم النحر (عيد الأضحي)، وبالتالي تحديد يوم الوقفة وبداية عيد الأضحي لا خلاف عليه مطلقا، وهذا التوحيد والالتزام يؤدي إلي أن يتعارف أبناء الإسلام علي اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأوطانهم في مكان واحد وزمن محدد، ومن خلال هذا التعارف يتم توحيد الكلمة وتبادل المنافع، ثم يكون من وراء ذلك التعاون التام وتقوية الرابطة الأخوية بين المسلمين، ودعم أنشطة الدعوة الإسلامية لأن يوم عرفة هو مؤتمر شعبي لكل حجاج العالم الإسلامي.. وكما نعلم أن كل الأمة الإسلامية التزمت بيوم عرفة طبقا لإعلان المملكة العربية السعودية، وكان يوم عرفة (الجمعة) وبداية عيد الأضحي المبارك في كل الدول العربية كان (السبت)، إلا دولة واحدة شقيقة هي المملكة المغربية التي احتفلت بالعيد يوم (الأحد)، وثار عدد من علماء الإسلام علي ذلك، وكان منهم في مصر الشيخ عيد يوسف «أمين لجنة الفتوي بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر»، الذي انتقد هذا الخلاف غير المسبوق، واتهم فيها المغاربة بخرق الإجماع الإسلامي وبطلان عيدهم وصلاتهم، وبالتالي أثارت تصريحاته غضب المغاربة علي مواقع التواصل الاجتماعي. وعلي حد علمي فقد استنكرت الدوائر الدبلوماسية بالمملكة المغربية فحوي هذه الفتوي رسميا لدي وزارة الخارجية، وعلي الفور سارع الدكتور عباس شومان (وكيل الأزهر) بوقف الشيخ عيد يوسف أمين لجنة الفتوي بالأزهر عن أي أعمال تتعلق بالإفتاء رغم أن هذا تخصصه، بل أمر بتشكيل لجنة فقهية خاصة في الجامع الأزهر وفتحت تحقيقا مع هذا الشيخ الجليل حول فتواه الجريئة. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل زادت القضية تعقيدا عندما أراد سفير المملكة المغربية بالقاهرة الدكتور محمد سعد العلمي أن يشكر الأزهر وشيخه علي موقفه النبيل من إرضاء ساسته في بلاده وإنزال العقاب الصارم علي أحد مشايخ الأزهر الذي أصدر تلك الفتوي التي أغضبت الجهات الرسمية في بلاده، فاستقبله فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب (شيخ الأزهر) في مكتبه، وخلال هذه المقابلة أكد أكبر قامة إسلامية في مصر والعالم الإسلامي أن العلاقات بين الأزهر الشريف والمغرب وطيدة ومتينة.. يسودها الود والاحترام، ولم يحدث علي مدي التاريخ الطويل أن اصطدم علماء الأزهر بعلماء المغرب.. شيخ الأزهر قال: إن هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومجمع البحوث الإسلامية، ودار الإفتاء المصرية هي الجهات الرسمية التي يعتد بفتواها في مصر. وإذا كانت من شروط المفتي في أي موقع يتولاه أن يكون حاصلا علي شهادة تخصص في الفقه والشريعة أو في التفسير، وأن الجامعة الوحيدة في العالم الإسلامي كله التي توفر هذه الدراسة المتخصصة هي الأزهر، فهل الشيخ عيد يوسف من غير خريجيها.. ومن الذي سمح له بمزاولة الإفتاء في هذا الموقع التابع للأزهر؟ والغريب فعلا أن الدكتور أحمد الطيب (شيخ الأزهر) لم يجب في هذه المقابلة مع السفير المغربي بالقاهرة ولا في غيرها عن سؤال هام يتردد علي شفاه ملايين المسلمين: هل احتفال المغرب بعيد الأضحي المبارك بعد موعده جائز شرعا.. أم العكس صحيح؟! من جانبه كان السفير المغربي سعيدا بهذه المقابلة مع شيخ الأزهر مؤكدا عمق الروابط بين الأزهر الشريف والمغرب التي لا يمكن لأحد أن يعكر صفوها، ودعا علماء الأمة إلي قصر الفتاوي الشرعية علي المختصين في الشريعة والفتوي، وشدد علي ضرورة العمل علي تطويق المشاكل قبل استفحالها واستغلال المغرضين لها..