آقفاص مهملةٌ من جريد النخيل تتكومُ لدي باعة الخضر والفاكهة، منظرٌ هامشيٌ قد لايبدو لافتاً لأحد من المارة، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة للمهندسة المعمارية منار مرسي التي وجدت في هذه الصناديق مادةٌ خصبةٌ للإلهام تُحرّض خيالها علي إبداعِ وابتكار تصميماتٍ جديدة تحولها إلي قطعٍ فنية من الأثاث والديكورات المستوحاة من الأقفاص، شغفها بالتراث المصري الأصيل والحرف اليدوية التقليدية التي تواجه خطر الاندثار، جعلها تفكّر جدياً في إحياء الحرف القائمة علي "جريد النخيل" وإدخالها إلي البيوت العصرية بأشكالٍٍ جذّابة تُناسب أذواق الشباب. ستديو "ميم" هو الاسم الذي أطلقته منار مرسي علي مشروعها الجديد الذي تُكرس من خلاله مفهوماً جديداً للاستدامة البيئية بتصنيع وحدات الأثاث من مادة صديقة للبيئة، غير البعد التراثي الذي دفعها إلي خوض هذا المشروع، فجريد النخيل كما تقول كان يستخدم تاريخياً لبناء البيوت في المناطق الريفية، ويدخل أيضاً في تصنيع قطع الأثاث البسيطة لهذه البيوت، ومن عمق ارتباطه بالبيئة المصرية قديماً، نجد أن أقفاص الجريد حاضره في لوحاتٍ كثيرة لفنانين تشكيليين من المستشرقين الذين جاءوا إلي مصر خلال القرن التاسع عشر. وفكرة الاسم كما تقول منار مرسي نابعة من كون حرف ال"ميم" حرفاً مشتركاً في أكثر من ثلاث عشرة لغة منها اللاتينية واليونانية والهيلوغريفية مايشيرُ إلي تلاحم الثقافات، وعند الفراعنة مرتبطٌ بالطبيعة لأنه يعني «الماء». وفي اللغة العربية عندما نضيفه إلي بعض الأفعال يغيّر الدلالة إلي المكان، ولأن ملامح مشروعي مستوحاة من جوهر هوّية المكان والطبيعة أعجبني الحرف، تضيف منار: أنا مغرمةٌ بالأماكن، أستوحي أفكاري من الجولات التي أقوم بها في شوارع القاهرة. لاحظت أن العناصر المصنّعة من "جريد النخيل" تشكلُ خيطاً متصلاً بين كثير من الشوارع والأسواق الشعبية، منها اللّوح الذي يحمله بائع الخبز فوق رأسه حاملاً أرغفته بتوازن عجيب، الأقفاص التي يستخدمها باعة الخضر والفاكهة، شعرت بجمال هذه الأقفاص وعملت علي تفكيكها وتنفيذ أفكار عديدة منها تصلح أن تكون قطع اكسسوار للمنزل العصري.