أصبحت بعض المهن اليدوية والحرفية التي كانت تشتهر بها الفيوم معرضة للانقراض والاختفاء تماما من قاموس المواطن العادي. انسحبت هذه المهن أمام التطور الحديث في الصناعة ومن أشهرها مبيض النحاس الذي انسحب أمام هجوم الأواني الألومنيوم والتيفال وغيرها. نفس الأمر ينطبق علي حرف ومهن أخري ومنها سمكري وابور الجاز الذي اختفي أمام البوتاجاز ومواقد الغاز والكهرباء ومثل كاتب الآلة الكاتبة الذي طور من نفسه واصبح يستخدم الكمبيوتر وتحويجلي سويتش التليفون الذي قهره التليفون المباشر والمحمول وما تلاه من تكنولوجيا الاتصالات علاوة علي الترزي العربي والمنجد البلدي وحتي بعض المهن النسائية كالماشطة التي كانت تنتشر بالأحياء الشعبية اختفت أمام محلات الكوافير ومنها كذلك بائع العرقسوس بزيه الفولكلوري المميز والذي يكاد يختفي تماما أمام الثلاجات ومعلبات العصائر. يقول أحمد ابراهيم مفتاح وكيل وزارة التأمينات الاجتماعية بالمعاش ان هذه المهن يرثها الابناء عن الآباء والأجداد كما اشتهرت عائلات كبيرة بهذه المهن بمختلف المحافظات. يضيف ان هذه المهن شبه محصورة تأمينيا ولكنها بأعداد قليلة وتتركز في قري بعينها مثل العجميين بأبشواي والكعابي وبيهمو وجرفس بسنورس ويؤكد ان مثل هذه المهن معرفة بالقانون 112 للتأمينات الاجتماعية علي انهم كل من ليس له محل عمل ثابت ولا يستخدم عمالا ويؤمن عليهم بشرط اكتمال 10 سنوات في المهنة ويتقدم للتأمينات بشهادة من الداخلية تفيد مهنته وعدم سفره للخارج حتي لا يكون هناك ازدواج تأميني بالنسبة له. ويضرب مفتاح مثلا بصناعة الحصير البلدي التي بدأت في الانقراض بعد انتشار السجاد والموكيت وظهور الحصير المصنوع من البلاستيك واصبحت مطلوبة فقط في بعض القري السياحية والبيوت الريفية والمساجد الصغيرة التي مازالت تستخدمه رغم بعض المشاكل التي تواجه هذه الصناعة من ارتفاع اسعار الخامات والخيوط المستخدمة في صناعة الحصير. ويعتبر سلطان معوض 75 سنة عميد صناعة الجريد بالفيوم ان انتاج الفيوم من الجريد رخيص التكلفة بالمقارنة بالأثاث الخشبي والحديث إذ يمكن من خلالها توفير الأثاث المنزلي من جريد النخيل وبأسعار لا تتعدي 1000 جنيه واشار إلي أنه مطلوب التطوير في هذه الصناعة والحفاظ عليها وعلي العاملين فيها. ويقول ان محافظة الفيوم كانت تتربع علي عرش العديد من الصناعات الحرفية ومنها تصنيع اقفاص الفاكهة وادوات صناعة الخبز المنزلي والنظافة وصناعة الاثاث المنزلي من جريد النخيل وصناعة الحصير من السور ونبات البردي وصناعة الفخار من الطفلة والطين وكانت مراكز سنورس وابشواي وطامية من المراكز الرائدة في هذه الصناعات علي مستوي الجمهورية وكانوا يصدرون انتاجهم بكميات كبيرة لبعض الدول العربية والأجنبية. يضيف ان كل هذه الذكريات القديمة توقفت بسبب المنتجات الصيني والبلاستيك التي جعلت الأهالي يعتبرون الآن ان تلك المهن راحت عليها وطواها النسيان وانصرف عنها المئات من الشباب. وتقول ابنته ايمان ان مهنة صناعة المنتجات من جريد النخيل كانت مزدهرة خاصة بقري الكعابي والاعلام بمركز سنورس وقرية العجميين بأبشواي خلال فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات ولكنها بدأت تختفي تدريجيا منذ التسعينيات وتلاشت في السنوات الحالية لتخلف طابورا من العاطلين الذين طرقوا ابواب المقاهي واتجهوا للعمل في مجال البناء الشاق. أما الحاجة بدرية رجب ان شوارع مدينة سنورس والقري التي كانت تتخصص في هذه الصناعة كانت لا تخلو من تلال اقفاص الجريد والحبال والمقشات التي كانت تحتل الارصفة والطرقات في انتظار سيارات النقل الكبيرة لنقلها للأسواق سواء المحلية أو العربية وكلها مصنوعات من منتجات النخيل. ويقول المهندس علي محافظ الفيوم انه لاحياء هذه الصناعات التي تكاد تنقرض وتختفي قررت محافظة الفيوم تخصيص ألفي فدان من أملاك الدولة بحوض وطفة خارج زمام الوحدة المحلية لمركز ومدينة يوسف الصديق لإنشاء أول قرية منتجة منخفضة التكاليف وصديقة للبيئة قال ان المشروع هو الأول من نوعه بمصر والشرق الأوسط ويهدف لتوجيه امكانات المحافظة لصالح ابنائها واحياء الصناعات البيئية بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية والبيئة وجهاز بناء وتنمية القرية والمراكز البحثية المتخصصة كمشروع تجريبي لانشاء نمط جديد من القري في مصر. وتقول ليلي طه قاسم ايمن المجلس القومي للمرأة بالفيوم ان المجلس يقدم قروضا ميسرة للمرأة المعيلة والأسرة بالتعاون مع جمعية تنمية المشروعات الصغيرة بالفيوم بهدف تحسين أوضاع الاسرة والنهوض بأوضاعها.