علي الرغم من إنشائها قبل حوالي 16 عاماً، لتصبح أكبر صرح إعلامي في الشرق الأوسط، إلا أن مدينة الإنتاج الإعلامي أصابها المرض وضربها الفساد، وتراكمت خسائرها، وغاب عنها المنتجون في الفترة الأخيرة، ليصل حجم خسائرها إلي 300 مليون جنيه خسائر، بخلاف المديونيات التي وصلت إلي نحو 430 مليون جنيه. مفاجآت أخري وكوارث تكشفها "آخرساعة" بالمستندات توضح حجم التدهور والانهيار الذي أصاب المدينة، في سياق التحقيق التالي. يقول المصدر الذي يعمل داخل المدينة وطلب عدم ذكر اسمه - عندما تم إنشاء مدينة الإنتاج الإعلامي عام 98 تم توزيع أسهمها كالتالي: اتحاد الإذاعة والتليفزيون له 43% من أسهم المدينة وبنك الاستثمار يمتلك 18.8% و20.5% اكتتاب عام وباقي الأسهم موزعة بين شركة مصر للتأمين 2.5% والبنك الأهلي 5% وبنك مصر 4.85 والأمن القومي 5% علما بأن "مصر للتأمين" مملوكة لمجموعة البنوك وباعتبار أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون هو المالك الأكبر للأسهم فإن له الحصة الكبري في مجلس إدارة المدينة الذي يتكون من 14 كتلة تصويتية لذلك آلية اتخاذ القرار تكون لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، حيث يرشح رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب من اتحاد الإذاعة والتليفزيون دون منازع. لكن في الفترة الأخيرة شهدت المدينة انهيارا وخسائر كبيرة لأنه عندما قام أنس الفقي وزير الإعلام الأسبق وأسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق برهن أسهم الاتحاد لبنك الاستثمار بقرض 50 مليون جنيه لتطوير مبني ماسبيرو عام 2009 وبناء عليه استقوي البنك ولم تتدخل الدولة في مديونية الاتحاد لدي البنك التي بلغت 21 مليار جنيه علما بأن أصل الدين 6 مليارات وما بقي فوائد ولم يستفد الاتحاد بأصل الدين والدليل أن الاتحاد يقوم بتأجير ستديوهات من مدينة الإنتاج الإعلامي وتدفع لهم المستحقات المالية. وبحسب المستندات فإن المدينة منيت بخسائر فادحة قدرت بحوالي 220 مليون جنيه نظرا لخسارة قضايا تحكيم دولي في قضية مجمع الاستديوهات وتجهيزاته بقيمة 33 مليون دولار، والتي دخل ضامنا للمدينة فيها البنك الأهلي الذي يتقاضي قسطا شهريا قيمته 37 مليون جنيه، نظير ما دفعه نيابة عن المدينة في قضية التعويض الدولي. كما توقفت مدينة الملاهي الوحيدة الموجودة داخل مدينة الإنتاج "ماجيك لاند" لمدة أربع سنوات، رغم أنها كسبت قضية التعويض بقيمة 23 مليون جنيه وأوصي مجلس الإدارة وقتذاك بضخ هذا المبلغ في إعادة تشغيل الملاهي لكن المبلغ ذهب مكافآت. علي الوتيرة ذاتها، تم إلغاء جهاز السينما، بدعوي الخسارة وتم دفع 57 مليون جنيه لشركة مصر للاستديوهات ودور العرض نظرا لعدم استكمال مدة العقد، وتسبب عدم عرض مسلسل "أهل إسكندرية" في خسارة قدرها 25 مليون جنيه، حيث إن المسلسل يشوه تاريخ الشرطة المصرية، ولا أحد يعرف من سمح بالانفاق علي إنتاجه، وبعد إلغاء جهاز السينما الذي كان ينتج أفلاما تعرض في إحدي دور العرض بمنطقة المعادي، المؤجرة للمدينة لعرض إنتاجها وصلت خسائر دور العرض إلي ثمانية ملايين جنيه سنوياً. وفجر المصدر مفاجأة أخري بتأكيده أن الأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام التابعة للمدينة، تحقق خسائر تقدر بحوالي 3.5 مليون جنيه سنوياً وعدد طلابها 83 طالباً فقط، رغم أنها الأكاديمية الوحيدة التي تضم كماً كبيراً من الاستديوهات وقنوات التدريب، ما يؤهلها لأن تكون من أنجح الأكاديميات في العالم، حيث بلغت رواتب هيئة التدريس ستة ملايين و455 ألف جنيه ورواتب الإداريين ستة ملايين و661 ألف سنوياً وهذا يعني أن رواتب الإداريين أعلي من رواتب هيئة التدريس. في السياق، فإن فندق موڤنبيك المؤجر من المدينة الي الشركة العربية الفندقية ب8 ملايين جنيه لم يحقق أي عوائد منذ "25 يناير 2011" وطلبت الشركة المستأجرة إعفاءها من قيمة الإيجار، وبالنسبة إلي قطاع التسويق بالمدينة فإنه لم يسوق أي شيء لأن المدينة لم تنتج أي أعمال درامية. ورغم أن المدينة تمتلك ستديوهات ومناطق تصوير مفتوحة وكاميرات، إلا أن أحداً لا يقبل عليها، نظرا للمغالاة في الأسعار، مما أدي إلي اتجاه شركات الإنتاج إلي ستديوهات أخري مثل "الجابري" و"عمر عرفة" الواقعين خلف المدينة. وقد بلغت مديونية قطاع التسويق بحسب المستندات 77 مليون جنيه وهي أموال مستحقة للمدينة لدي الغير ولم تستطع المدينة تحصيلها من إجمالي مديونية قدرها 280 مليون جنيه، بالإضافة إلي 150 مليون جنيه مديونية اتحاد الإذاعة والتليفزيون للمدينة، وبذلك يصبح إجمالي المديونيات 430 مليون جنيه وأصدر الجهاز المركزي للمحاسبات كتاباً يتهم فيه القائمين علي المدينة بالتقاعس في جمع المديونيات لأسباب تتعلق بالمصالح الشخصية. مفاجأة أخري مفادها قيام مدينة الإنتاج ببيع قطعة أرض مساحتها أكثر من ألف متر بمبلغ 32 مليونا و574 ألف جنيه إلي إحدي الشركات التي دفعت 11 مليونا فقط من أصل المبلغ. الغريب أن الجهاز المركزي للمحاسبات رفض عملية البيع التي قامت بها المدينة باعتبار الأرض حصة عينية لا يجوز التصرف فيها. إلي ذلك، يري مصدر آخر بالمدينة أن انحياز الحكومة لبنك الاستثمار في موضوع المدينة فاق كل التوقعات وأيضا انحيازه للمحطات الخاصة في مسألة حق البث الحصري لبطولة الدوري الممتاز لكرة القدم (2013 -2014) الذي اشتراه التليفزيون المصري وسوقه بقيمة 220 مليون جنيه، وبعد ضغوط علي التليفزيون المصري من مسئولين في الدولة تم بيعه ب80 مليونا، أي تسبب ذلك في خسارة 140 مليون جنيه كان يفترض دخولها خزينة الدولة. وتساءل مصدر آخر من داخل المدينة: هل قرار أسامة هيكل رئيس المدينة الجديد بعدم التجديد لما فوق الستين، سيسري علي سيد غضبان رئيس قطاع الإنتاج والتوزيع بالمدينة أم أنه سوف يتغاضي عن ذلك لأنهم زملاء قدامي في صحيفة واحدة. وتابع: المدينة مازل يسيطر عليها نفس الأشخاص، وحتي تستعيد مكانتها لابد من التخلي عن سياسة الأيدي المرتعشة، واستبدالها بقبضة حديدية وفتح المدينة أمام المخرجين العرب والشركات العربية والاستثمار، إلي جانب ضرورة اعتماد السياسة الإعلامية علي خطط مدروسة.