منذ أن اخترع الأمريكي »جرهام بل« مكبرات الصوت أصبحنا نستعملها ونسيء استخدامها في كل شيء بحياتنا، وغير مبالين (للأسف الشديد) بحقوق الإنسان بأن يستمتع بالراحة والسكينة والهدوء، والتي يرتكبها مجموعة من أبطال التلوث السمعي. أكتب هذا الكلام بعد أن تعرضت وجيراني من آثار هذا التلوث عندما فكر واحد من »الأذكياء« المسئولين عن العمارة التي نسكنها ودون أن ينتخبهم أحد بتركيب جهاز يعمل تلقائيا بمجرد أن يتحرك المصعد وتغلق أبوابه، ويصدر هذا الجهاز صوتا مشوشا لاتستطيع تمييزه إن كان قرآنا أو أذانا أو دعاء لرداءة الصوت لأنه يعمل بالبطارية، وكلما ضعفت ازداد إزعاجا وشوشرة وتستقبله الأذن برفض واستهجان خاصة أن السكان لم يؤخذ رأيهم قبل تركيبه! ولأن صاحب الفكرة شديد التدين فقد افترض أن السكان سيرفعون أكفهم بالضراعة لله أن يحفظه ويسدد خطاه علي هذا الاختراع المذهل كلما سمعوا هذه الأصوات »المحشرجة« لكنه فوجيء بمن يستنكر اختراعه. وربما بدا متأثرا بتجربة بلد التنين فأراد الشراء »صنع في الصين« (من ماله الخاص وليس من صندوق العمارة المكتظ بفائض الأموال) فذلك أوفر من تركيب ميكروفون علي باب كل شقة متصل بالمسجد لنقل أذان وشعائر وتراتيل كل صلاة، لأن المسئول عن عمارتنا أكثر من غيره الكافرين، وهو عضو بالمجلس الأعلي للطرق الصوفية، ومشهود له بالتقوي عن باقي سكان العمارة الذين لطموا خدودهم وارتفعت أصواتهم بالبكاء والعويل يوم اختيار الدكتور أحمد الطيب شيخا للأزهر، فقد توقعوا تعيين مسئول عمارتهم إماما أكبر للمسلمين في مصر وباقي أرجاء العالم الإسلامي. للأسف الشديد هذا الصراخ العالي الصادر من الأجهزة المكبرة للصوت، غير موجود في البلاد التي صنعت هذه الأجهزة، وعندهم قوانين حازمة لحفظ النظام، ولديهم عقوبات صارمة ضد كل من يسيء استعمالها، وتصل العقوبة إلي حد الغرامة أو الحبس، فلننظر إلي ماوصل إليه حالنا نحن المسلمين من فوضي وغياب النظام والقانون. لنكن أكثر تحضرا، والمفروض علي مجلس إدارة أي عمارة أن يعمل علي راحتهم لا إزعاجهم، ولو أصبح غير قادر علي تحقيق ذلك، فالأفضل أن يترك المسئولية لغيره.