أثناء حواره مع محمد التلاوى مسلوة كبيرة يحملها رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية، فهو المسئول عن "فلترة" كل ما يتلقاه المجتمع من أعمال فنية، فيتحول لما يشبه "المصفاة" التي تحول دون وصول الأفكار الهدامة أو المشاهد والألفاظ الخادشة للحياء إلي الجمهور.. في هذا الحوار، يؤكد د.عبدالستار فتحي، رئيس الرقابة، أن مهمة الرقيب ليست سهلة كما أنها تحتاج إلي خبرة طويلة، مشيراً إلي أنه يطبق روح القانون في التعامل مع الأفلام ليجيز عرضها لأن تطبيق القانون بحذافيره يعني أنه سيمنع كل الأفلام. عن موقفه من تدخل المؤسسات الدينية في عمله، وفكرة إلغاء الرقابة، وغيرها من الموضوعات والأسئلة كان لنا هذا الحوار.. مهام منصبك صعبة ومعقدة، فكيف تستطيع إرضاء الجميع؟ - أرضي الجميع عندما يحصل كل شخص علي حقه كاملاً، فالمؤلف الذي يقدم عملا محترما نقول له أهلا بك، وبالتالي فالمتلقي الذي نقدم له منتجا محترما، لن يشكو منه، وبالتالي رد فعل الشارع والنقاد سيكون جيداً، وهذا من وجهة نظري يعتمد علي الخبرة في الرقابة، فهذا الجهاز العمل به حساس وعامل الخبرة مهم وأعتمد جدا علي الرقباء القدامي. وأحياناً يأتي لي خريجون من معهد السينما للعمل بالرقابة لكن أغلبهم يكون لديهم خوف من الوظيفة ومن اتخاذ القرار، وفي النهاية تكون العين المدربة والخبيرة هي التي تحسم الأمر، ونحن كنا قد فتحنا فكرة إعادة هيكلة الرقابة مع وزير الثقافة السابق د.صابر عرب، وجاء د.جابر عصفور، ليضع الأمور في نصابها لنصل إلي مرحلة التصنيف العمري. وكيف نصل لمرحلة التصنيف العمري؟ - لكي نصل لمرحلة التصنيف نحتاج لمجموعة آليات منها تثقيف المتلقي، فمثلاً في إشارة المرور لابد أن يعرف قائد السيارة ما دلالة الألوان الثلاثة الأحمر والأخضر والأصفر، وكذلك نحن أيضا لابد أن نعرف المتلقي ما هي إشارتنا، فهذه ثقافة معرفية موازية للثقافة الإبداعية، أيضا لابد أن يكون أصحاب السينمات علي دراية بقوانين الرقابة ويطبقونها فعندما نقول "للكبار فقط" ينفذ ذلك وسيكون هناك بالطبع عقاب علي من يخالف ذلك، فمرحلة التصنيف مهمة جدا فكل دول العالم بها رقابة فهناك رقابة منتجين في أمريكا ورقابة مجتمع مدني في فرنسا والرقابة ترجع لثقافة المجتمع، ونحن لسنا أقل من هؤلاء الناس بالعكس فنحن نملك مائة عام سينما. هل أنت مع تدخل المؤسسات الدينية في قرار عرض الأفلام بعد موافقة الرقابة عليها؟ - بالتأكيد أنا لست مع تدخل المؤسسة الدينية، فالأزهر له مجاله الكبير والواسع الذي نجله ونحترمه وللرقابة مجالها وهو الإبداع الفني وهناك أعمال نأخذ رأي علماء الأزهر الشريف فيها وهذا الرأي يظل استشاريا إلا إذا كان الأمر متعلقا بنصوص فإذا كان هناك أمر يتعارض مع نص ديني واضح ومحدد لابد أن نأخذ رأي الأزهر أو رأي الكنيسة لكن إذا كان الأمر اجتهاديا يظل الفن لأهل الفن وهذه قناعتي منذ البداية إلي الآن فالذي يعطي الترخيص هو جهاز الرقابة التابع لوزارة الثقافة وبالتالي لكل منا دوره. كيف نظرت إلي أزمة فيلم حلاوة روح، وهل أخذت منها العبرة الكافية؟ - أنا لم آخذ من فيلم حلاوة روح عبرة وأنا أعتقد أن الفيلم كان من الممكن أن يكون أفضل من ذلك وأكثر تأثيرا إذا تم وضع ملاحظات أكثر وأنا عملت لجنة جديدة بعد مغادرة الرقيب السابق وتحدثت عن ملاحظاتي وهو فيلم عادي قياسا بأفلام أخري وأعتبره ضعيف المستوي يخاطب الغرائز أحيانا وهو أقل من متوسط، وكل المجتمعات فيها مثل هذه الأفلام ولكن إلي جانبها أفلام أخري جيدة ولكن المشكلة في أن يصبح ذلك هو كل إنتاجنا وكل ما نملكه. متي تعود الدولة للإنتاج مرة أخري؟ - أنا ضد إنتاج الدولة للأعمال السينمائية، لأنني أخشي أن ينحرف هذا الإنتاج لتوجيه عقل المشاهد، لكن من الممكن أن تشرف الدولة أو تساعد لوجيستياً في فيلم أو توفر خدمات معينة لأن الذي ينتج لابد أن يكون له مصلحة حتي إذا كانت الدولة تنتج لما تراه في صالح الدولة. العديد من الفنانين والمثقفين كانوا ينادون منذ فترة بإلغاء الرقابة فهل أنت مع هذا الرأي؟ - أري أن وجود الرقابة في حدها الأدني مهم جدا ووجوده في رأيي للإيجاز وليس للمنع والمنع هذ استثناء، وأعتقد أن الرقابة في الفترة الحالية يأتي إليها المبدعون وهم لا يشعرون بأي قلق وكأنهم يأتون لنزهة، رغم أنه لا يمكن لأحد أن يناقش الرقيب في تقريره وأنا منذ عام 1980وأنا في هذا الجهاز وهذا ليس جديدا. معني كلامك أنه ليس هناك محاباة لأي من المخرجين أو المنتجين؟ - أتحدي من يثبت ذلك أو يأتي بحالة واحدة. بصراحة، ما رأيك في الرقباء السابقين خلال العشر سنوات الأخيرة؟ - لا تعليق، فكلهم محترمون فمنهم أساتذتي وزملائي وتلاميذي أيضا كلهم عملوا بقناعتهم وآرائهم واحترم هؤلاء جميعا. هل حدث تعديل في معايير تقييم الرقابة علي الأعمال الفنية مع ثورتي 25 يناير و30 يونيو؟ - القوانين لازالت كما هي لكن حدثت صحوة نفسية ونوعية عند الناس حررتنا من بعض المعوقات الشخصية لكن القوانين لم تتغير عندنا دستور لم يترجم بعد إلي قوانين وبالتالي نحن تخففنا من بعض القيود النفسية وهذا ممكن يكون له تأثير إيجابي في الحكم علي الأشياء من قبل الرقباء لكن تأثيرة ليس كبيرا لانه ليس مسنودا بقوانين، فنحن إذا طبقنا قوانين الرقابة الحالية فلن ننتج فيلما واحدا فهناك قيود كثيرة جداً ونحن نعمل بين السطور. موقف الرقابة من تصوير أعمال أجنبية بمصر؟ - بالطبع لا يوجد ضرر بالعكس نحن نشجع ونحبذ ونتمني تصوير أعمال سينمائية في مصر لان بلدنا جميلة ونريد أن نظهر هذا الجمال لكل العالم لكي تنشط السياحة ويعم الخير علي بلدنا، ومؤخرا جاء الممثل توم هانكس الي مصر وقام بتصوير بعض المشاهد من فيلمه الجديد في الغردقة والذي يظهر جمال الطبيعة في البحر الاحمر ونحن نشجع ذلك، ولكن لن نسمح بتصوير فيلم أجنبي مغرض يسيء لنا و يظهر عيوبنا ويتربص بنا ويصور العشوائيات متعمدا ويقول هذه مصر. هل يمكن أن نري في الفترة المقبلة فيلم يحوي مشهداً جنسياً صريحاً وعليه عبارة «للكبار فقط»؟ - القضية هي التي تحكمنا سواء كانت اجتماعية أو جنسية أو غيرها ليتم وضع هذه العبارة علي دعاية الفيلم، من ناحية أخري مجتمعنا لا يقبل وجود مشهد جنسي صريح بحجة الإبداع فهناك نظم وأعراف تحكمنا، وفي أوروبا هذا هاجس لا يشغلهم وبالتالي هذا عادي جداً فهم تجاوزوا هذه المسألة بينما نحن مجتمعنا مؤمن وبالتالي لن أستطيع أن أصدمه. هل عطلتك الرقابة عن كتابة الأعمال الفنية؟ - بالفعل لكن أنا أحاول أن أكتب يوميا لكنها منعتني عن تسويق أعمالي وأخذت من وقت أولادي وبيتي الكثير وهذا لأنني أحب عملي جدا ولا أقبل للنجاح بديلا وأنا ارتبطت بمنظومة عددها 204 موظفين وأصبحت مسئولا عنهم وأعرف مشاكلهم وأريد أن أحلها وأنا حياتي قدرية ولا أندم علي ما فات.