رغم مشقة الصيام في شهر رمضان في الأوقات العادية والشكوي المعتادة من الحر والإرهاق فإن الصيام علي ارتفاع 42 ألف قدم من الأرض يتسم بمشقة من نوع مختلف حيث يكون الإفطار علي الطائرة رغم سطوع الشمس كما يمتد الصيام إلي أكثر من 20 ساعة في الرحلات الطويلة مع الإرهاق بسبب نقص الأوكسجين.. ورغم رخصة الإفطار أثناء السفر فان طاقم الطائرة يجد صعوبة في الأخذ بهذ الرخصة لأن عملهم متواصل بالسفر علي الطائرات طوال العام مما يعني صعوبة تعويض أيام الإفطار. يقول الطيار علاء عاشور: إن ظروف الصيام تختلف أثناء رحلة الطائرة عن الصيام في الأوقات العادية حيث نعاني أثناء السفر من نقص الرطوبة في جو الطائرة ويكون الجو جافا مما يشعرنا بالتعب والإجهاد خاصة أن الطائرة تحلق علي ارتفاع 42 ألف قدم بسرعة تعادل 82 % من سرعة الصوت أي حوالي 900 كم / ساعة ممايسبب لنا الشعور بالإجهاد والجفاف نتيجة قلة الأكسجين كما أن الطيار يحتاج إلي التركيز ولياقة بدنية وجسمانية عالية لمقاومة تلك الظروف المحيطة به أثناء الطيران للحفاظ علي سلامة الركاب والطائرة ولابد من التركيز وعدم السماح بأي خطأ لأن الأخطاء غير مسموح بها علي الطائرة ولا يكون الصيام مبررا لأي خطأ كما لابد من التعامل مع الأخطار والمواقف المفاجئة التي تهدد سلامة الطائرة أثناء الرحلة .. ورغم الرخصة بالإفطار التي يأخذ بها كثير من المسافرين إلا أننا يصعب علينا الأخذ بها نظرا لطبيعة عملنا ورحلاتنا المتواصلة خلال السنة حيث يصعب تعويض أيام الإفطار. يضيف: أما بالنسبة للركاب فان مسئوليتي كقائد للطائرة إبلاغهم بتوقيت الأفطار للقضاء علي أي لبس أو جدال أثناء الرحلة سواء عند السفر إلي أوروبا أو إلي أفريقيا حيث نستعين بجداول للحسابات الفلكية بما يتناسب مع كل رحلة وهناك ملحوظة هامة يتم مراعاتها وهي أن موعد الشروق والغروب يختلف حسب الارتفاع فكلما زاد ارتفاع الطائرة يتأخر غروب الشمس والعكس عند بزوغ الفجر حيث يستمر ضوء الشمس في السماء فوق السحاب بينما تغرب الشمس علي الأرض والنظام الأمثل في هذه الحالات هو الأفطار علي توقيت البلد التي سافرت منها حتي لو كانت الشمس ساطعة أمامي. ويقول عمرو محمود رئيس طاقم الضيافة إن رحلاتنا أحيانا تقلع قبل الفجر أي في بداية يوم الصيام وفي هذه الحالة لاتوجد أي مشقة وأحيانا تقلع الرحلات قبل الإفطار مباشرة ولا توجد مشكلة أيضا من ناحية الصيام أثناء الرحلة لأننا نقوم بخدمة الركاب (300 راكب) وتقديم الوجبات لهم فور إقلاع الطائرة رغم أننا في حالة صيام، لكننا نشعر بالسعادة لأن الراكب ضيف عندنا ولابد من تقديم الخدمة له وهذا حقه وبعد انتهاء توزيع الوجبات علي الركاب يأتي دورنا في تناول الإفطار مع استمرار تقديم أي خدمات أخري للركاب خاصة في وجود أطفال بصحبتهم أو كبار السن الذين يحتاجون رعاية خاصة.. ويضيف أنه رغم رخصة الأفطار عند السفر أثناء الرحلة لتجنب المشقة إلا أننا نصر علي الصيام. وتقول المضيفة مني محمد رغم هدوء الركاب علي الطائرة نظرا لظروف الصيام إلا أننا نراعي أن هناك أعدادا من الركاب علي الطائرة غير صائمين ولابد من تقديم الوجبات لهم أو أي مشروبات يطلبونها خاصة أن كثيرا من الركاب يأخذون برخصة الإفطار أثناء السفر خاصة مع طول مسافة الرحلة عند السفر الي أوروبا أو إلي أمريكا .. وتصادفنا بعض الحالات الغريبة أثناء السفر عند العودة من نيويورك في الثامنة مساء بتوقيت نيويورك حيث يتم تقديم وجبات الأفطار للركاب وبعدها بساعات قليلة يبدأ ظهور ملامح الفجر لأنها تعادل الثانية صباحا بتوقيت مصر حيث نبدأ الإعداد للسحور وسط دهشة الركاب. ويقول الطيار خالد محمد إن فترة صيام رمضان أثناء السفر تختلف تماما عند السفر بالطائرة عنها عند السفر بأي وسيلة أخري حيث تحدث بعض المفارقات التي لا تجدي معها الاجتهادات الشخصية فمثلا عند سفري لأول مرة من سياتل بالولايات المتحدةالأمريكية في طريقي إلي القاهرة يوم الخميس ظهرا وصلت يوم الجمعة ولم يظهر الليل طوال الرحلة بمعني أن النهار استمر حوالي 48 ساعة مما دعا البعض إلي الأخذ بفتوي رخصة الأفطار حتي نتجنب الإرهاق.