كم مرة زرت داراً للأيتام؟ مرة أو مرتين؟ أو لم تقم بهذه خطوة من قبل؟ أياً كان، فمجرد الزيارة وإن كان لها وقع طيب علي النفس فهي لا تكفي، فالطفل لا يحتاج لشخص يزوره ويعطيه هدية ثم يرحل. الطفل يحتاج لاهتمام، لحب، لتفاعل، لصداقة تدوم، هذه ببساطة الفكرة التي خطرت ببال شباب «نحن لا نسير علي الأرض وحدنا». البداية كانت، حينما قرر خمسة شباب زيارة دار للأيتام يوم عطلتهم تقع بالقرب من منزلهم، وهنا عرفوا مدي السعادة التي حملوها للأطفال دون أن يدروا ودون بذل أي جهد إنساني أو مادي، ذهبوا وهم لا يعرفون أن هذه الخطوة ستكون الأولي في مشوار الألف ميل نحو حياة إنسانية أفضل. قرر الخمسة شباب أن يداوموا علي زيارة هذه الدار أسبوعياً وفي كل مرة كان عدد المتطوعين يزداد مرة تلو الأخري. عملهم الخيري أصبح أسلوب حياتهم، لا يمكنهم أن يتخيلوا عالمهم دون مشاركة الغير أفراحهم وأوجاعهم. لديهم قناعة راسخة بأنهم لا يسيرون علي الأرض وحدهم وأن هناك دورا وواجبا عليهم، لذلك كان اختيار اسم الجمعية، الذي كان أيضاً يحمل معاني ضمنية، لترسيخ قيم الإنسانية وتدعيم مشاركة الآخرين في الحياة ممن يحتاجون الدعم والمساعدة سواء كانوا مسنين أو أطفالا أيتاما أو معاقين. تعددت نشاطات الجمعية لتشمل زيارة خمسة أماكن محددة، حتي يتسني تقديم كل الدعم لهم وتتنوع تلك النشاطات بين زيارة دور الأيتام ومعهد الأورام ودور المسنين. وأكد محمد عاشور، أحد مؤسسي الجمعية، أن نشاطهم الحالي اقتصر علي خمسة أماكن فقط لتدعيم علاقة المتطوعين بالحالات، مشيراً إلي أن العلاقة بينهم تجاوزت مرحلة الزيارة فحسب بل هم يعرفون جميع المتطوعين بأسمائهم ويتحدثون معهم تليفونياً وينتظرونهم يوماً بعد الآخر. ولفت عاشور، إلي أن المتطوعين لا يهتمون بالجانب المادي بقدر اهتمامهم بالجانب الإنساني ، فمثلاً يقوم أحد المتطوعين بعمل حفلات دورية في معهد الأورام لإسعاد الأطفال كحفل « قوطة حمراء والليلة الكبيرة» مما يترك أثراً إيجابياً عند الأطفال لأنهم بحكم إقامتهم بالمعهد لا يسعهم زيارة تلك الأماكن ومشاهدة هذه العروض المسرحية. واتفق معه في الرأي عمر عطية أحد المنظمين، حيث أكد أن الروابط الإنسانية باتت قوية بين المتطوعين والحالات خاصة دور المسنين ، فلا تكتفي المجموعة بزيارة الدار بل يداومون علي التحدث مع الحالات لمحاولة التخفيف عنهم. «علي أد ما تقدر فرحهم .. بصلهم واحفظ ملامحهم ... حيجيلك يوم فيه تتمني لو حتي في نومك تلمحهم ضحكتهم دي كفاية علينا»، هذا هو الشعار الذي يحمله هؤلاء خلال تعاملهم مع الحالات المسنة لما يواجهونه من أسي وحزن إما بسبب كبر السن وعدم قدرتهم علي الحركة، أو بسبب ما فعله أبناؤهم بهم. ولم تكتف الجمعية بزيارتهم والتخفيف عنهم فحسب، بل يقومون بتحديد يوم شهرياً ليكون احتفالا بهم خارج الدار فيتنزهون في الحدائق والمراكب النيلية وأحياناً يصطحبونهم لمشاهدة حفلات موسيقية، مما يجلب لهم الفرحة والسعادة. عمرو عطية، مؤسس الجمعية أكد أنهم وضعوا خطة زمنية لتطوير العمل الخيري بحيث لا يقتصر علي زيارة دور الأيتام والمسنين فحسب، بل يشمل تطوير المناطق العشوائية وتعليم الأطفال بتلك المناطق، والذهاب للقري في المحافظات وتقديم الدعم لهم عن طريق التعليم وإدخال المياه والكهرباء.