يقترب شهر رمضان وتتوق النفس إلي عالم الروح.. إلي عالم الصوفية وما فيه من جلال وجمال وصفاء. وبينما كنت أطلع علي ما يكتب في صفحات (الفيس بوك) لفت نظري ما كتبه الدكتور أحمد عبدالله إخصائي الأمراض النفسية والعصبية، وهو يورد كلمة مضيئة لمولانا جلال الدين الرومي عن الذات الإلهية يقول فيها: حينما أكون معك يصبح كل شيء صلاة التعبير رائع وجميل، ويشعر به من يقترب من هذا العالم الجميل.. عالم الصوفية كما يسميهم البعض وأهل الله كما يسميهم البعض الآخر. فالله الواحد الأحد.. الرحمن الرحيم هو الملاذ عندما تشتد الخطوب، أو يحاط الإنسان بالأحزان، وهو وحده القادر علي أن ينشل الإنسان من كل ما يحيط به من إحباطات الحياة. ويسوقنا هذا إلي عالم الصوفية الرحب. فرابعة العدوية مؤسسة مدرسة الحب الإلهي في الإسلام كانت تقول إنها أحبت الله.. جل علاه.. حبا لذاته وليس طمعا في جنة أو خوفا من نار، وكانت تردد: أحبك حبين.. حب الهوي.. وحبا لأنك أهل لذاكا.. وهذه النشوة الروحية جعلت عمر بن الفارض يتحدث عن تلك المدامة الإلهية فيقول: يقولون لي صفها فأنت بوصفها خبير أجل عندي بأوصافها علم صفاء ولا ماء ولطف ولا هوا ونور ولا نار، وروح ولا جسم تقدم كل الكائنات حديثها قديما ولا شكل هناك ولا رسم وهامت بها روحي بحيث تمازجا اتحادا ولا جرم تخلله جرم وأبيات الصوفي الشاعر عمر بن الفارض تصور مواجده الروحية وحبه لله معبرا عن أن الذات الإلهية ليس كمثلها شيء في الأرض ولا في السماء.. وأن المدامة التي شرب منها لا علاقة لها بالمادة وأشكالها. إنها نور صاف يتقدم كل الكائنات قبل أن يتخلق أي شيء في الوجود.. فقبل خلق العالم لم يكن هناك سوي الحقيقة الإلهية: أو علي حد شرح الدكتور شوقي ضيف لهذه الأبيات: حين كان لا يوجد سوي الله مدبر الكون فيما بعد ومنشئه ومبدعه بكل ما فيه من جواهر وأجرام وأجسام، حين كان متفردا بوجوده الأزلي الذي لا سابق له ولا نهاية.. فهو الأول وهو الآخر.. وهو الأزلي الخالد أصل كل الكون، ومنبع كل الوجود.. و.. ما أجمل الإبحار في ملكوت الله، وما أعظم التأمل في مخلوقاته.. جل عُلاه..