اختلطت صور الحب والعشق عند الصوفية..ووجدنا تاريخا من المشاعر الإنسانية الرفيعة التي كانت مصدر إلهام للعشاق في كل زمان ومكان.. هناك رصيد طويل من شهداء العشق الإلهي ابتداء برابعة العدوية..وانتهاء بابن الفارض وابن عربي وكلهم عشاق..والعشق عند الصوفية يحتوي كل شئ الناس والأرض والأشياء حتي يصل إلي الذات الإلهية حيث لا حدود للأشياء ولا مكان للبشر..وهنا يذوب الإنسان في مخلوقات الله ثم يجد له مكانا يتلاشي فيه امام الخالق سبحانه وتعالي..والعشق عند الصوفية نوع من التجرد يصل إلي درجة التلاشي وهنا يكون التوحد بين ذات الإنسان والخالق سبحانه وتعالي..وحين يقول ابن الفارض للخالق سبحانه وتعالي كل من في حماك يهواك لكن..انا وحدي بكل من في حماك..هو يريد ان يؤكد ان البشر جميعا يحبونك سبحانك وتعالي ولكن انا وحدي أحمل لك من الحب اكثر من هؤلاء جميعا بعض البسطاء يفسر البيت بأن فيه قدرا من التعالي ولكن الحقيقة انه نوع من التلاشي لأن هذا العاشق المحب يري انه تلاشي في حبه حتي تجاوز البشر جميعا..إننا نحلق في سماء الخالق وهناك من ارتفع فوق الجبال ومن يمشي علي الأرض ومن تجاوز السحاب ولكن هناك ايضا من تلاشي حبا وعشقا فأصبح هو نفسه كل هذه الأشياء..إنه السحاب الذي يحلق والهواء الذي يسير والرياح التي تجري في أي مكان..هذه الدرجة من العشق عند الصوفية لا يمكن ان تراها العيون المجردة أو تدركها قواعد الفكر التقليدي أو النقد الأدبي الذي يتاجر به البعض.. إن مثل هذه المشاعر لا يمكن ان نتوقف عندها في ظل الدراسات العادية أو مناهج الفكر والأبحاث لأن الحب هنا لاتنطبق عليه كل هذه الأشياء.. ولعل هذا ما تؤكده رابعة العدوية وهي تقول ما أحببتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك ولكنني أحببتك حبا في ذاتك احبك حبين حب الهوي وحب لأنك اهل لذاكا الا ليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب. ويبقي العشق عند الصوفية نهرا لا ينضب من صفاء النفس وصدق البصيرة. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة