قائمة طويلة للأفلام السينمائية التي تعرضت للمنع منذ الخمسينيات وحتي الآن، آخرها احلاوة روحب الذي مازال يفجر الجدل بين قطاعات كبيرة رسميا وشعبيا، الغريب أن أغلب الأفلام الممنوعة كانت تعود لأسباب سياسية، وفي حالات قليلة تدخلت الرقابة ومعها أجهزة الدولة لمنع الأفلام لأسباب أخلاقية، كانت البداية في السبعينيات، التي تميزت معظم أفلامها بالجرأة واقتحام موضوعات شائكة، وظهور الممثلات بملابس مثيرة، وتصوير مشاهد الغرام وغرف النوم، ومع ذلك تم إيقاف عرض فيلم حمام الملاطيلي رغم أن مخرجه قامة كبيرة سينمائيا، وهو صلاح أبو سيف، وأبطاله شمس البارودي ويوسف شعبان، وكان يتناول العلاقات الجريئة في حمام الملاطيلي، وتميز بالمشاهد المثيرة التي فاقت ما كان يعرض في بقية الأفلام وحتي منتصف الثمانينات شهدت السينما حالات قليلة للمنع لأسباب أخلاقية، منها فيلما خمسة باب ودرب الهوي. أما الأفلام الممنوعة لأسباب سياسية، فهي كثيرة، حيث مارست الرقابة القمع تجاه كل ما تري أنه يوجه انتقادا للنظام، وتحولت الرقابة إلي إحدي الأدوات المهمة التي توظفها الدولة لمنع السينما من المساس بالنظام الحاكم. في حقبة الستينيات، وفي ظل القبضة البوليسية القوية، وقمع كل رأي يخالف نظام الحكم، حاولت السينما تمرير رؤيتها للواقع، من خلال الرمز الفني، والتلميح السياسي، وكانت البداية مع فيلم المتمردون، الذي حاول تقديم بصيص من الأمل، رغم سحق السلطات للتمرد، أخرجه توفيق صالح، بطولة شكري سرحان وميمي شكيب، ثم قدم حسين كمال عام 1969 شيء من الخوف، لشادية ومحمود مرسي، وتدخل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر شخصيا لمنع الرقابة من إيقاف عرضه، للتأكيد علي أن طغيان عتريس وجبروته وديكتاتوريته لا يرمز لشخصه. وفي حقبة السبعينيات، تزايد حجم الأفلام السياسية التي تهاجم السلطة، وتفضح سياستها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، مقابل زيادة تربص الرقابة بكل كلمة أو إشارة أو همسة، كان الطريق ممهدا تماما أمام الأفلام المثيرة، أو التي تتناول موضوعا ت هزيلة، عكس الأفلام السياسية التي تعرضت لمقصلة رقابية. في عام 1972 اهتز يوسف شاهين أمام هزيمة يونيو 67 وأنتج فيلم العصفور، يرمز من خلاله للشخوص والأحداث التي صنعت النكسة، ورفضت الرقابة أن يشاهده الناس، ثم قدم المخرج ممدوح شكري فيلمه الوحيد زائر الفجر عام 1973، وتناول من خلاله بطش الدولة بخصومها السياسيين، وإلقاء القبض عليهم فجرا، ثم كتب ممدوح الليثي عام 1975 سيناريو فيلم الكرنك، أخرجه علي بدرخان، وتناول من خلاله بشاعة التعذيب الذي يتعرض له الشباب المناهض للحكم، ونفس الفكرة قدمها حسين كمال عام 79 في فيلم اإحنا بتوع الأتوبيسب لعبد المنعم مدبولي وعادل إمام، وجسد أساليب الشرطة في تعذيب الأبرياء، للحصول علي اعترافات كاذبة. يبدو أن ملاحقة الرقابة للفيلم السياسي نجحت في تقليص عدد المغامرات السينمائية، حيث شهدت حقبة الثمانينات حالات قليلة من المنع، أشهرها فيلم البريء الذي أخرجه عاطف الطيب، وقام ببطولته أحد زكي، وانتقد أسلوب الداخلية في توجيه جنود الأمن المركزي وتلقينهم العنف والعداء دون تفكير، من خلال نيسيج درامي مبهر، يصور المشاعر التلقائية لجندي أمن مركزي، يكتشف في نهاية الفيلم حجم الخداع الذي تعرض له، حتي يتحول لأداة قمع ضد من تراهم الدولة خصوما للنظام السياسي.