بعض مصابى التسمم من تلاميذ المدارس رئيس اتحاد مفتشي التموين: التعجيل بإنشاء جهاز موحد يوقف مسلسل التسمم أولياء الأمور: لابد من نظام جيد لمراقبة جودة وسلامة الغذاء يعيش أولياء الأمور والطلاب هذه الأيام حالة من الهلع والترقب نتيجة لما شهدته مدارس عدة علي مستوي محافظات الجمهورية من حالات تسمم الطلاب جراء تناولهم للوجبات الغذائية المدرسية الملوثة، مما يضع علامة تعجب حول انتشار هذه الحالات ومسئولية متعهدي توريد الأغذية المدرسية، ومسئولي التغذية بالمدارس. فقد شهدت محافظة سوهاج خلال الأسبوع الماضي حالة من الذعر بين تلاميذ المدارس المختلفة بالمحافظة، بسبب تكرار حوادث التسمم في الوجبات المدرسية الفاسدة، والتي كان آخرها إصابة 13 تلميذاً بمدرسة التعليم الأساسي بالعتامنة مركز طما بإعياء شديد وألم بالبطن وقيء مستمر، إثر تناولهم طعاما فاسدا ووجبة غذائية مدرسية بها ألبان، وقد أثبتت التحاليل الطبية تناول طعام فاسد وهي وجبة التغذية المدرسية. كما شهدت أخيرا مدرسة «الديابة» للتعليم الأساسي بأبوقرقاص تسمم 47 تلميذا جراء تناولهم لوجبات مدرسية مسممة وهو ما أثار الرعب بين أولياء الأمور وأهالي المنيا وتم التحفظ علي عينات منها لعمل التحاليل اللازمة. ويعيش أولياء الأمور حالة من الذعر بسبب ما يحدث متخبطين بين من تقع عليهم المسئولية، فهل تقع علي متعهد الأغذية الذي يوردها للمدارس أم نتيجة إهمال من مسئولي التغذية والقائمين عليها. في البداية يقول دياب محمد أحد أولياء الأمور، إن الخطأ في مثل هذه الحالات يقع علي مسئول التغذية بالمدرسة، لأنه يقوم بتخزين الأغذية في أماكن غير مخصصة لذلك ولا يهتم بأداء عمله بالشكل الواجب. وتري عزيزة عبدالرازق أن ما يحدث بالمؤسسات التعليمية مهزلة بمعني الكلمة، حيث وصلنا إلي درجة الخوف علي أبنائنا من الذهاب إلي مدارسهم، فحالات التسمم المتتالية سببت لنا حالة من الخوف والقلق الشديدين عليهم، فأصبح ذهابهم إليها كابوسا بالنسبة لنا، كيف لأطفال وتلاميذ ذهبوا للتعلم يتعرضون لمثل هذا الخطر، فالموضوع يحتاج إلي وقفة واهتمام لتداركه بشكل سريع وتجنب تعرضهم لأي خطر. فيما تقول جيهان محمد والدة طالبين أحدهم بالصف الخامس الابتدائي والثاني بالصف الثاني الإعدادي أنه لابد من الاهتمام بالطالب المصري وكل ما يخصه وأولها التغذية، علي الرغم من أن معظم أولياء الأمور لا يبالون بما تقدمه المدارس لهم من وجبات تغذية، مهتمين بإعطائهم الوجبات التي يحتاجونها علي مدار اليوم الدراسي، ولكنهم أطفال يمكن أن يتناولوا أي شيء يقع تحت يدهم، لذلك لابد أن يكون هناك رقابة علي الوجبات المدرسية، والاهتمام من إدارة المدرسة والتعامل مع متعهدي أغذية معروفين، مع الرقابة علي مسئولي التغذية بالمدارس وحفظ الطعام بالأماكن المناسبة والاهتمام بمراجعة تاريخ الصلاحية قبل استلام الوجبات من المتعهدين وتقديمها للطلاب. ومن جانبها تقول تماضر محمد، مدير إحدي المدارس الحكومية، إننا لن نوافق علي استلام أي كمية من الأغذية إلا في وجود أحد مسئولي التغذية بالمدرسة، حتي يكون مسئولا عن كل ما يتم استلامه، وضمان عدم تعرضها لسوء التخزين خاصة عند ارتفاع درجة حرارة الجو. ويقول فريد علي مسئول تغذية بالمدرسة نقوم بفحص الأغذية والعبوات يوميا قبل تسليمها للتلاميذ، وإدارة التغذية بالمدرسة تقوم بالفعل بفحص العبوات والتأكد من تاريخ الصلاحية وأنها ما زالت صالحة للاستخدام الآدمي. أما جلال حمدي متعهد تغذية فيري أنه غالبا ما تكون المشكلة والتي تتسبب في إحداث مثل هذه الحالات من التسمم هو سوء تخزين المنتجات الغذائية بالمدارس ففي الغالب يكون هناك جهل بتخزينها والحفاظ عليها وإتباع أساليب غير صحيحة للحفاظ عليها والتغاضي عن حفظها في درجات الحرارة المناسبة، الأمر الذي ترتب عليه تراكم الأتربة وتكون الطفيليات عليها، خاصة مع ارتفاع درجات حرارة الجو خلال الأسبوعين الماضيين، وهو ما يؤدي إلي تلف الوجبات الغذائية وعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي، كما أنه لا يوجد مستشفي أو مدرسة تتسلم من المتعهد أي غذاء قبل التأكد من أن جميع العبوات سليمة وصالحة للاستخدام الآدمي بنسبة100% والشحنات التي تصل بالمخازن. يتابع حمدي: إن المشكلة ليست في الصلاحية بل في أسلوب التخزين الذي يتبعه مسئولو التغذية بالمدارس، مشيرا إلي أن تعليمات قسم الأغذية بالإدارات التعليمية تنص علي أنه لا يتم توزيع أي عبوة من الدفعات الجديدة إلا بعد الانتهاء من تسليم العبوات القديمة أو عبوات الدفعة السابقة، وهو الخطأ الذي غالباً ما يقع فيه مسئول التغذية بالمدارس عند قيامهم بتوزيع عبوات الدفعة الجديدة قبل انتهاء القديمة. وكإجراء لتدارك مثل هذه المشكلات يقول العربي أبوطالب رئيس اتحاد مفتشي التموين والتجارة الداخلية إن التعجيل بإنشاء جهاز موحد لسلامة الغذاء يوقف مسلسل التسمم الغذائي في المدارس نتيجة لتناول التلاميذ وجبة البسكويت وتعرضهم للإصابة بأعراض التسمم في محافظتي كفر الشيخوسوهاج. لافتا إلي أن تعدد الأجهزة الرقابية في عدة وزارات سواء كانت التموين والتجارة الداخلية والزراعة والصحة والتجارة والصناعة والاستثمار والداخلية ترتب عليه عدم وجود مرجعية موحدة للأجهزة الرقابية في كيان واحد بما يساعد علي تتبع المنتج لكشف أوجه الخلل في أي حلقة من حلقاته لتحديد المسئولية. مشيرا إلي انتشار الكثير من السلع مجهولة المصدر والمهربة وغير المطابقة للمواصفات الصحية والقياسية بالأسواق العشوائية والأرصفة بما يستوجب إنشاء جهاز موحد لسلامة الأغذية يضم جميع الأجهزة الرقابية التي تتبع كل وزارة في كيان واحد لإحكام الرقابة علي سلامة الأغذية ووقف مسلسلات التسمم الغذائي سواء كان في الجامعات من قبل أو المدارس الاَن. ويوضح أبو طالب أن التغذية الجماعية مثل تغذية الطلاب في المدارس والجامعات وتغذية المستشفيات وخطوط الطيران من أهم وأخطر أنواع تناول الوجبات، فالتساهل في أنظمة السلامة الغذائية قد تحدث كارثة صحية جماعية كبيرة، لذلك يجب الاهتمام بالمطابخ وأماكن إعداد الوجبات، بحيث تكون مطابقة للمواصفات والتشريعات الصحية الغذائية. وعن العاملين في مجال الأغذية والمتعهدين يقول محمد أحمد مسئول تغذية بمدرسة المروة الابتدائية للأسف إن معظم العمالة في مجال الأغذية في الدول النامية تنتمي إلي مستوي اقتصادي وعلمي منخفض، مع ضعف مستوي النظافة الشخصية، وعدم توفر المهارة والكفاءة في السلامة الغذائية عند تداول وتحضير وتخزين الأغذية، مما يزيد من فرص تلوث وانتشار الأمراض الناتجة عن الغذاء. مشيرا إلي أن معظم حالات التسمم الغذائي التي تحدث علي مستوي المدارس والتجمعات الكبيرة من مستشفيات وشركات هي بسبب عدم الإلمام بالقواعد الصحية السليمة في تداول وإعداد وتخزين الغذاء لدي العاملين في هذا المجال وضعف تشريعات سلامة الأغذية وعدم كفاءة تطبيقها وعدم وجود نظام جيد لمراقبة جودة وسلامة الغذاء يؤدي إلي صعوبة ضمان توفير مصادر أغذية مأمونة، وتعتبر المواصفات والتشريعات المحلية في معظم الدول النامية غير كافية في كثير من نواحي المواصفات الصحية والقياسية لإعداد وتصنيع وتداول وتخزين الغذاء وكذلك في متابعة مستجداتها، كما يلاحظ بها عدم كفاءة المتابعة الفعالة لمدي تطبيق أنظمة السلامة الغذائية، وللأسف تعاني هذه الدول من عدم وضوح وصدق أصحاب القرار والمشرعين في تعاملها مع المجتمع، حيث يزيد التعتيم من أخطار المشكلة بدلا من معالجتها بصدق وشفافية، مع أهمية مواجهة المشكلة بزيادة الوعي الصحي لدي المجتمع مؤكدا أنه لا يجد عادة العاملون في مجال مراقبة وفحص الأغذية الاهتمام الكافي لتدريبهم وتطوير قدراتهم بالدرجة الكافية في كثير من الدول النامية.