نقيب الصحفيين يوجه رسالة إلى الجمعية العمومية بشأن تأخر زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا    ارتفاع ملحوظ للبتلو، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    نواف سلام: العمل جار لحماية لبنان من الانجرار إلى أي مغامرة جديدة    باير ليفركوزن يخسر من شباب فلامنجو البرازيلي بخماسية في الظهور الأول ل تين هاج    درجة الحرارة غدا السبت في مصر    أمطار اليمن والإمارات وفيضانات باكستان حديث السوشيال ميديا    أنغام تفتتح مهرجان العلمين وتقدم باقة من أبرز أغانيها    8 نصائح للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا وتعزيز المناعة    اقتربت العودة.. فليك يرغب في ضم تياجو ألكانتارا لجهاز برشلونة الفني    نتائج ألعاب القوى تتلألأ في البطولة الأفريقية بنيجيريا    محمد صلاح: أنا أعظم لاعب أفريقي.. ولقب دوري أبطال أوروبا الأغلى    الحزب العربى الناصرى: العلاقة المصرية السعودية عصيّة على التشكيك    الرئاسة السورية: نتابع بقلق بالغ ما يجرى من أحداث دامية فى الجنوب السورى    تفاصيل سقوط كوبرى مشاة على طريق القاهرة الإسكندرية الزراعى.. فيديو    قطر والإمارات والكويت ترفض مخطط إسرائيل لتغيير وضع الحرم الإبراهيمي    عبد الله عمرو مصطفى يطرح أولى تجاربه فى عالم الغناء only you    افتتاح مهرجان الأوبرا الصيفى على المسرح المكشوف    إعلام إسرائيلى: نتنياهو أبلغ الكابينت بضرورة المرونة لأن ترامب يريد اتفاقا    "اللعب في الدماغ".. وثائقى ل"المتحدة" يرد على خرافة بناء الكائنات الفضائية للأهرامات    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    فوز فريقين من طلاب جامعة دمنهور بالمركز الأول فى "Health Care" و "Education Technology"    ريال مدريد يرفع درجة الاستعداد: معسكر تكتيكي مكثف.. صفقات قوية.. وتحديات في روزنامة الليجا (تقرير)    تين هاج يغلق الباب أمام انضمام أنتوني إلى ليفركوزن    تراجع طفيف للأسهم الأمريكية في تعاملات الظهيرة    انتخابات الشيوخ 2025.. حزب العدل يطلق حملة لدعم مرشحيه في القاهرة الكبرى    شقق بنك التعمير والإسكان 2025.. احجز وحدتك بالتقسيط حتى 10 سنوات    لف ودوران    نصر أبو زيد.. رجل من زمن الحداثة    حسام حبيب يتعرض لكسر في القدم قبل أول حفل رسمي له بالسعودية    اشتعال النيران في سيارة بشارع 45 شرق الإسكندرية    قوات الإنقاذ النهري وغواصين الخير يبحثون عن شاب غرق بشاطئ كناري في الإسكندرية    مفاجأة في واقعة مصرع 5 أشقاء بالمنيا.. الأب يعاني في المستشفى وابنته الأخيرة نفس الأعراض    «قراءة القراءة في مصر».. ندوة على هامش معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب    أعقبته عدة هزات.. زلزال يضرب نابولي بإيطاليا    فحص 1250 مواطنا ضمن قوافل مبادرة حياة كريمة الطبية فى دمياط    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    اتفاقية بين مصر وأمريكا لمنح درجات الماجستير    الصحة: حملة تفتيشية على المنشآت الطبية الخاصة بغرب النوبارية بالبحيرة للتأكد من استيفائها للاشتراطات الصحية    المبعوث الأممي إلى سوريا يدعو لوقف الانتهاكات الإسرائيلية فورا    براتب 10000 جنيه.. «العمل» تعلن عن 90 وظيفة في مجال المطاعم    حزب مصر أكتوبر: العلاقات "المصرية السعودية" تستند إلى تاريخ طويل من المصير المشترك    الهيئة الوطنية تعلن القائمة النهائية لمرشحي الفردي ب"الشيوخ" 2025 عن دائرة الإسكندرية    جهاز تنمية المشروعات ينفذ خطة طموحة لتطوير الخدمات التدريبية للعملاء والموظفين    فتح طريق الأوتوستراد بعد انتهاء أعمال الإصلاح وعودة المرور لطبيعته    وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية ومحافظ كفر الشيخ يفتتحون المرحلة الأولى من تطوير مسجد إبراهيم الدسوقي    مصرع عامل في حريق اندلع داخل 3 مطاعم بمدينة الخصوص    بعد تصريحه «الوفد مذكور في القرآن».. عبدالسند يمامة: ما قصدته اللفظ وليس الحزب    سد النهضة وتحقيق التنمية والسلم الأفريقي أبرز نشاط الرئيس الأسبوعي    وزير الخارجية يواصل اتصالاته لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل وتفعيل المسار الدبلوماسي    نصر أبو الحسن وعلاء عبد العال يقدمون واجب العزاء في وفاة ميمي عبد الرازق (صور)    الرعاية الصحية وهواوي تطلقان أول تطبيق ميداني لتقنيات الجيل الخامس بمجمع السويس الطبي    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 18-7-2025 في محافظة قنا    «أمن المنافذ» يضبط قضيتي تهريب ويحرر 2460 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    الهاني سليمان: الأهلي لا تضمنه حتى تدخل غرف الملابس.. والزمالك أحيانا يرمي "الفوطة"    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتاحف .. ماء الحضارة
نشر في آخر ساعة يوم 18 - 03 - 2014

يحمل البريد الإلكتروني لي يوميا العديد من الرسائل من الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية التي عادة لا أهتم بها كثيرا،لكن رسائل بيت السناري التابع لمكتبة الإسكندرية دائما ما تثير فيّ الفضول والشغف لمتابعة ماتحتويه، ومنذ أكثر من شهر بعث لي بريده رسالة، فحواها أن السناري بالتعاون مع الأيكوم (المجلس العالمي للمتاحف) ينظم دورة في شهر مارس تحت عنوان «الدور الرئيسي للمتاحف في المجتمع»، تشمل العديد من المحاضرات وورش العمل وزيارة 4 متاحف منها متحف الحضارة المصرية الذي لم يفتح بعد، وبما أنني من هواة زيارة المتاحف في كل أنحاء مصر، وجدتها فرصة عظيمة يجب اقتناصها خاصة أن هناك متحفين من ال4 متاحف المذكورة لم أزرهما بعد، المهم اشتركت في الدورة وفي اليوم الأول اكتشفت أني أنا المتدربة الوحيدة غير المتخصصة في الآثار أو السياحة أو المتاحف أو حتي طالبة علم مثلهم، لكن بمرور الوقت شرفت بأنني قمت بعمل العديد من التحقيقات المصورة عن المتاحف تناولت جانبا كبيرا مما أثير في الدورة.
قامت بتنظيم برنامج الدورة الباحثة لنيل درجة الدكتوراه في الآثار من جامعة القاهرة، نيفين نزار زكريا.. من أجل الوقوف علي الوظائف الأساسية للمتاحف من خلال التعريف بأفضل الممارسات الحالية في المتاحف العالمية، وماتقدمه من خدمات متحفية وأنشطة تعليمية وتثقفية لزائريها سواء من المجتمع المحلي أو المجتمع الدولي، في إطار كونها مؤسسات فعالة ذات وظيفة تعليمية تثقيفية هادفة موجهة لجميع فئات المجتمع المحلي من أطفال وشباب وكبار، هذا فضلا عن الزوار من مختلف أنحاء العالم وكذلك الباحثين والمتخصصين .
كما تستعرض الدورة التحديات التي تواجهها المتاحف المصرية في العديد من المجالات المتحفية ومحاولة إيجاد حلول جذرية لها، من خلال تسليط الضوء علي تلك المجالات (التسويق، زيادة الموارد، العرض المتحفي، التربية المتحفية) وربط المجتمع المحلي بأنشطة تثقيفية وبرامج تعليمية تقام داخل مؤسسة المتحف أو خارجه .
وفي ورشة العمل الأولي.. انقسم المتدربون في الدورة إلي أربع مجموعات لعمل شعار لأحد المتاحف المصرية، واكتشفت أن مجموعة منهم تعرف بعضها جيدا، فهذه مجموعة باحثين يدرسون في السربون من خلال الجامعة الفرنسية بالقاهرة واختارت متحف محمود مختار، وتلك مجموعة ثانية من جامعة حلوان تدرس الماجستير في جامعة ألمانية، واختارت المتحف الزراعي، والمجموعة الثالثة معظمها من متحف بنك مصر وبالطبع اختاروا متحفهم، أما المجموعة الأخيرة ..فكانت تشكيلية من طالبتين في الآثار ومهندس يصمم متاحف وأمين متحف الجامعة وأنا، واختار المهندس المتحف القبطي ولانني لم أزره، أحسست انني مقصرة، رغم أنني زرت مجمع الأديان في مصر القديمة، وفازت بالجائزة المجموعة الأولي بعد التصويت بينها وبين المجموعة الثانية في عمل أنشطة تعليمية وتثقفية داخل وخارج المتحف، أما نحن فقد اخترنا متحف الجامعة لعمل ندوة عن كتاب ومعرض للمكفوفين، بعد غياب نادر صاحب فكرة المتحف القبطي .
أما في المحاضرة الثانية في الدورة ..قال الدكتور أسامة عبد الوارث، ممثل الأيكوم في مصر ومدير متحف الطفل للحضارة والإبداع، أن مصر شهدت وعيا بالمتاحف والعمل المتحفي قبل أوروبا نفسها، ففي عام 1932 كتب الشاعر محمود أبو الوفا قصيدة بمناسبة إعادة افتتاح متحف الفن الإسلامي بالقاهرة تقول بعض أبياتها : قف بالمتاحف مائل الأذن /إن المتاحف ألسن الزمن / هي كنز مفتخر بأمته /ومثابة المفتن والفن / كم بينها عظة مصورة /كم بينها فتن لمفتتن /حفظت أعز نفائس الدنيا /قدرا وأثبتها علي المحن /دنيا ولكن لاوجود لها /إلا لعالي القدر والثمن / أحياؤها للخلد قد خلقوا /لم يخلقوا للقبر والدفن /.. ويضيف الدكتور أسامة نحن لا نبدأ من الصفر والدليل هذه القصيدة فهي من زمن بعيد وإن كان هناك ماهو أبعد من ذلك الزمن ..فتعبير كلمة متحف اللاتينية، صدرته مصر إلي العالم كله،فكلمة ميوز أطلقت علي مجموعة تماثيل ملهمة عرضت في مكتبة الإسكندرية القديمة، وأخذت منها المصطلح كل بلاد العالم لكنه لم يعد ونحن حاليا في محاولة لاسترداد العلوم من الغرب، ويؤكد الدكتور أسامة أن متاحفنا في أشد الحاجة إلي تغيير دورها، فإذا كانت تتكلم عن شيء ما، فيجب أن تتكلم عن الإنسان والمجتمع، أي شخص ما، فمثلا آلة الهارب الفرعونية تتكلم عن صانعها أو روحها أو استلهام، فيجب أن نبرزها في عرضها المتحفي لتتحول من شيء ما إلي شخص ما . موضحا أن المتاحف الناجحة هي التي بلا حواجز حتي لو كانت فاترينات زجاجية، فهي تهدف إلي خلق مجال أو بيئة تساعد علي الحوار ..فالأيكوم يعرف المتحف علي أنه مؤسسة لا تسعي للربح ولكنه مؤسسة دائمة من أجل خدمة المجتمع وتنميته .ويشرح سيد أبو الفضل أمين متحف الحضارة المصرية بالفسطاط، دور الحقيبة المتحفية في نشر الوعي الثقافي لدي الأطفال ..والذي أهديت له حقيبة من متحف ليفربول بإنجلترا بعد دورة متحفية له هناك، عبارة عن صندوق من البلاستيك يمكن التنقل به من مكان لآخر، وتحتوي الحقيبة علي مجموعة من الأعمال الأثرية أو الفنية وأحيانا تكون قطعا أصلية، وهذه الحقيبة المتحفية الهدف منها أن المدارس التي ليس لديها القدرة علي الذهاب إلي المتاحف، فإن المتاحف تذهب اليها، ويمكن استعارتها لمدة فصل دراسي كامل، كما يتم تداولها في دور المسنين والمستشفيات والأيتام وغيرها، والهدف من ذلك جذب الجمهور لزيارة المتحف الأصلي نتيجة تأثير مقتنيات الحقيبة عليهم. وكانت أول زيارة ميدانية لنا لمتحف سكك حديد مصر الذي أعيد تطويره ولكنه لم يفتح للجمهور بعد، وبمجرد دخولنا باب المتحف انتشر الجميع وتفاعلوا مع المعروضات والوسائل الإيضاحية للقطع والنماذج المعروضة بشكل إيجابي وتم إثارة العديد من التساؤلات بخصوص بعض المقتنيات وطرق عرضها وقد اصطحبنا في جولاتنا كل من حكمت فرحات مدير المتحف وناهد الخطيب وماجدة محمد أمينتي المتحف، وجميعهن أعطين نموذجا إيجابيا لأمناء المتاحف، هذا فضلا عن حرصهن علي سماع تعليقاتنا وآرائنا لتدارك أي قصور في بيئة العرض، وقامت نيفين نزار زكريا المشرفة علي برنامج الدورة بوضع تقييم للزيارة وحددت أوجه القصور في عدة نقاط، والمفروض أن تقدم نسخة منه لإدارة المتحف لاتخاذ اللازم قبل افتتاحه للجمهور ..لكن أطرف ماحصل أن كل واحد منا خرج بمعلومة أفادته شخصيا فمثلا مريم داود خريجة الإرشاد السياحي عرفت أن جدها الأكبر كان أول مدير عموم لسكك حديد مصر وهو إنجليزي الجنسية وقد أسلم وسمي نفسه عبد الله وأن له صورة محفوظة في المخازن كانت معلقة علي جدران المتحف، بينما الدكتور محمد حسني أول من حصل علي شهادة السربون من الجامعة الفرنسية بالقاهرة عثر بالصدفة علي توقيع لجده في دفتر الزيارة ..وقبل أن تنتهي زيارتنا للمتحف اجتمعت بنا نيفين في حجرة مديرة المتحف حكمت فرحات لأخذ رأينا في أن تكون زيارتنا الميدانية الثانية لمتحف الطفل للحضارة والإبداع بمصر الجديدة بدلا من المحاضرات في ذلك اليوم لأن المتحف يحتفي بمئوية الطيران في مصر والذي تحتفل به السفارة البريطانية حيث إن هذا المكان كان موقعا لتصنيع أول طائرة مصرية مائية تقوم برحلة طويلة إلي السودان وكان قائدها فرنسيس ماكلين وحضر الاحتفالية حفيده بينما حضر حفيد جاس سميث أحد مهندسي الطائرة، وبعد انتهاء الاحتفالية قمنا بجولة اصطحبنا فيها المهندس الإنجليزي مايكل مالينسون مصمم المتحف، تلا ذلك شرح ممتع لفاطمة مصطفي نائب مدير المتحف وقد ذكرت نبذة تاريخية عنه ووظيفته والأربعة طوابق التي يتكون منها المتحف ومبني السينما والحديقة التي تضم نماذج مجسمة توضح البيئات المصرية المختلفة (البدوية والريفية والصحراوية ) ثم قام معتز المكاوي باصطحابنا في جولة مكوكية لمشاهدة أجزاء المتحف، ففي الطابق الأول من المتحف اكتشفنا كنوز أجدادنا الخفية من خلال مغامرة في علم الآثار أما الطابق الثاني فيعرف الزائر كيف أن الحضارة المصرية بدأت بمواسم النيل الثلاثة (الفيضان والبذر والحصاد) بينما الطابق الثالث يحكي مستقبلنا من خلال الطاقة والمياه وأخيرا وجدنا في الطابق الرابع مغامرة في علوم النجوم والفضاء والطيران تنطلق فيها إلي عالم الخيال بعيدا عن كوكب الأرض. قبل أن تنتهي جولتنا الممتعة في المتحف كان شحن جميع كاميراتنا وموبيلاتنا قد فرغ من كثرة التصوير والتسجيل، فقد كانت المعروضات تحثنا وتشجعنا علي الإبداع والابتكار في التقاط كل شاردة وواردة.. وقد انتهت جولتنا مع غروب الشمس وقد حل الظلام عند الرحيل وان كانت دورتنا لا تزال مستمرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.