مع بداية تنظيم الإعلام بعد دخول موجات الراديو الخدمة فعليا بمصر وقبيل البث التلفزيوني المرئي أنشأت مصرفي العام 1939 أول معهد نظامي لفنون الاتصال عرف باسم معهد الصحافة العالي وهو ما سمي بعد بمعهد التحرير بفكرة مشتركة للدكتور طه حسين ومحمود عزمي مهمته تعليم فنون الإعلام والاتصال علي أحدث النظريات العالمية آنذاك كبداية لصناعة الريادة المصرية في مجال الراديو ، وبالفعل أثمر كوادر فنية قدمت أجمل ماعندها لراديو مصر حتي صار أعجوبة الشرق الأوسط والأدني ثم تحول هذا المعهد إلي قسم للتحرير والترجمة والصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة في العام 1954ليضيف إلي تخصصه جديدا لتخريج كوادر صحفية ماهرة تثري العمل الصحفي الذي يزدهر بمصر مع الأهرام وروزاليوسف وآخر ساعة والأخبار والجمهورية الوليدة بعد الثورة ثم تطور القسم بعد ذلك إلي معهد مستقل للإعلام في العام 1969 يمنح دبلومة عليا في الإعلام وفي اكتوبر من ذات العام تقدم طلاب البكالوريوس للدراسة به ..وفي هذه المعاهد كلها برزت كوادر الإعلام النابه وبهم وبجهودهم الجبارة تصدرت مصر ريادة الإعلام العربي والأفريقي حتي شارك إعلامنا في صناعة ثورات الشعوب للتحرر في آسيا وأفريقيا وما صوت العرب عنا ببعيدا...! في العام 1974 خرجت كلية الإعلام الأولي بجامعة القاهرة تبعها أقسام للإعلام بسوهاج والأزهر والزقازيق وأخيرا آداب عين شمس ناهيك عن كليات الإعلام الخاصة بالجامعة الأمريكية وجامعات أكتوبر بما يعني تخريج دفعات من الطلاب تتراكم أعدادهم عاما بعد عام في بطالة مشهودة برغم هذه الأعداد الفضائية من القنوات "بعدالرز" ولايجدون فرصة عمل واحدة جادة لماذا ..؟؟ لأن هذه القنوات تحكمها مجموعات منظمة وشلل تسهر حتي مطلع تقسم الأعمال بينهم علي الشاشات بالسوية لا يهم إن كان لاعب كرة سابق بلا مؤهل عال أو مكوجي هارب من الجحيم كشعبولا أو راقصة أضناها السهر وتكسر عمودها الفقاري من الهز أو حالم بالمجد التليد كعمرو أديب حتي الفنانون الذين خرجوا للمعاش مثل ميرفت أمين ودلال عبد العزيز كل هؤلاء عملوا وعملن مذيعات علي الشاشة بلا تأهيل ولا تعليم ولا تدريب ولا درسوا فقرة من ميثاق الشرف الإعلامي ولهذا كله ساءت أحوال الإعلام في مصر وفقدنا الثقة والريادة والعمادة وتراجع إعلامنا بشكل ينذر بالخطر برغم ما ينفق عليه من مليارات متدفقة من هنا وهناك ولكنه لايحرك ساكنا ولايقنع مشاهدا لأن متصدري الشاشة شعبولا وفيفي وأخواتها !! قناة الجزيرة التي تعمل بعشرين نفر من مبني لايرتفع فوق دورين فقط كشفتنا ومزقتنا ولعبت بثوراتنا البخت بعد الشطرنج فهل تنبه أحد لحجم الكارثة؟! أدعو لإنشاء نقابة للتلفزيونيين فورا أو للإعلاميين بشروط قاسية تمنع هؤلاء المتسلقين المتسللين إلي الشاشة وتضمن فرص عمل حقيقية لخريجي كليات الإعلام ..فهل من مدكر ؟