مساء السبت الماضي استضاف الإعلامي وائل الإبراشي بعض أسر شهداء الإرهاب، وبث تسجيلا صوتيا للضباط وهم ينطقون بالشهادة لحظة سقوط الطائرة بعد استهدافها من الإرهابيين في سيناء، في برنامجه يحرص علي مواصلة التأكيد علي الثمن الباهظ الذي يدفعة الضحايا وأسرهم نتيجة الضربات الغاشمة للإرهابيين، ويحقق مساحة مهمة تساهم في كشف وفضح الإرهاب الجبان، لكنه في نفس الوقت يضغط علي أعصاب الملايين، الهدف نبيل دون شك، لكن الوسيلة تحتاج لإعادة نظر، غالبية المشاهدين يعيشون تحت حالة مستمرة من الاستنفار والضغط العصبي والقلق من الأحداث اليومية المتسارعة والمضطربة، بث التسجيل الصوتي للشهداء وهم ينطقون الشهادة قبل سقوط الطائرة حقق في اعتقادي درجة هائلة من التأثير والإحباط والشعور بالعجز، لحظة سقوط الإنسان غدرا ذروة التراجيديا الإنسانية، تتضاعف عندما يكون الضحية شهيدا، يؤدي واجبه وتقتنصه أياد مجرمة آثمة، ويصبح تأثيرها علي من يشاهدها بالصوت والصورة مفجعا، ليس فقط بالنسبة للمشاهدين، لكن أيضا أهالي وأصدقاء والمقربين من الضحايا، تكراربث بعض المشاهد المؤلمة يتحول بالنسبة لهم إلي وسيلة تعذيب وضغط متواصل علي أعصابهم وحياتهم اليومية، التسجيلات والصور في معظم البرامج التي تقدمها القنوات التليفزيونية الخاصة تلجأ للتركيز علي الصور والتسجيلات المفزعة التي تمثل أعلي درجات العنف، في الدراما الكلاسيكية، كانت إحدي القواعد المهمة لمؤلفيها، الإيحاء بالمشاهد المؤلمة، وتكثيف وتجسيد تداعياتها، وأظن أن هذا ما يجب أن تفعله وسائل الإعلام، التعاطف مع الضحايا وأسرهم واجب والتزام وطني وأخلاقي، لكن ليس من التعاطف تكرار بث صور الضباط والجنود شهداء شرطة كرداسة بعد التمثيل بجثثهم، كما تفعل معظم القنوات الإخبارية، أو تكرار بث صور الأجساد المقطوعة والمبتورة، مثل هذه المشاهد والتسجيلات متاحة أمام الجميع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي لا تخضع لقواعد مهنية أو أخلاقية، لكنني أظن أن الأمر يجب أن يختلف في محطات التليفزيون، لابد من مراعاة مشاهديها الواقعين تحت قصف مستمر لأخبار الكوارث والمظاهرات والتخريب والقتل.