بان كى مون والإبراهيمى فى افتتاح جلسات مؤتمر جنيف2 بعد أشهر من التأجيل والخلاف والشكوك ومع انخفاض سقف التوقعات بشأن نتائج المحادثات اعتبر العديد من المراقبين أن مجرد انعقاد مؤتمر جنيف 2 حول الأزمة السورية بمثابة تقدم في حد ذاته.. وبجلوس وفدي الحكومة والمعارضة السورية إلي طاولة المفاوضات بمشاركة وزراء خارجية ودبلوماسيين من نحو 40 دولة فهي خطوة إلي الأمام، وكما لخصها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في وصفه لليوم الأول من المحادثات بقوله »ليس من السهل الجلوس حول طاولة المفاوضات بعد كل هذا الدمار ونزيف الدم.. إلا أن ثمة مؤشرات ودلائل حول النتائج التي قد ينتهي إليها المؤتمر قبل ساعات من إسدال الستار عليه. أولها أن سحب بطاقة الحضور من الوفد الإيراني في اللحظات الأخيرة تجنبا لإفشال المؤتمر قبل انعقاده جعل طهران في منأي عن أي التزام أدبي إزاء مقرراته في تكرار لتجربة جنيف 1 علما بأن وجهة نظر إيران بالنسبة للأزمة السورية ستكون حاضرة عبر وفود أخري مشاركة. ثانيا: إن رفض الرئيس السوري بشار الأسد الاعتراف بالمعارضة الخارجية أو إشراكها في أي حكومة مقبلة لعدم امتلاكها صفة تمثيلية علما بأن الجزء القليل من المعارضة الذي وافق علي حضور المؤتمر في سويسرا ينتمي إلي معارضة الخارج وليس الداخل. ثالثا: إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنه لا يوجد حل سياسي علي الإطلاق إذا لم يناقش الأسد الانتقال وإذا كان يعتقد أنه سيكون جزءا من مستقبل سوريا هذا لن يحدث.. في مقابل إعلان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف »إن محاربة الإرهاب يجب أن تكون أولوية في مؤتمر جنيف 2 مايدل علي استمرار تباعد الطرفين وعلي استمرار اختلاف الأولويات أيضا علي الرغم من كل الجولات التفاوضية المباشرة بينهما ومع قوي إقليمية فاعلة خلال الأسابيع القليلة الماضية. رابعا: تعد نشر تقرير دولي موثق بالصور والأدلة كان قد سربه مصور في الشرطة العسكرية في الجيش السوري الحر انشق عن النظام وفر إلي الخارج وذلك عشية بدء أعمال المؤتمر ومن شأن هذا التقرير الذي تولي صياغته ثلاثة من المحامين الكبار الذين سبق أن مثلوا (جهة الادعاء في المحاكم الجنائية التي أنشئت لمحاكمة متورطين في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة) تحضير الأرضية لرفع دعاوي جنائية ضد مسئولين سوريين كبار بتهمة تعذيب وقتل عدد كبير من المعتقلين إن توقيت نشر هذا التقرير الموثق يهدف إلي رفع الضغط علي الجانب السوري المفاوض. وسط هذه الأجواء هل من المتوقع نجاح المؤتمر في تحقيق أي تقديم يذكر علي طريق حل الأزمة السورية المتفاقمة.. وهل من الممكن في ظل هذه المعطيات الحالية تشكيل هيئة حكم انتقالية.. أو عن وقف جدي لإطلاق النار.. أو الوصول لحل لمسألة اللاجئين.. أو حتي فتح ممرات إنسانية آمنة للمناطق المحاصرة؟ تحاول الإجابة عن هذه التساؤلات الدكتورة مروة وجد رئيس وحدة الدراسات العراقية والإيرانية بمركز دراسات الشرق الأوسط.. قائلة قبيل انعقاد المؤتمر: ونحن من الصعب أن نتوقع أن يخرج بنتائج ملموسة خاصة أن كل طرف من الأطراف ذهب إلي المؤتمر بأجندته الخاصة سواء كانت المعارضة التي كانت تهدف إلي حكومة انتقالية موسعة الصلاحيات وأنه لا وجود لبشار الأسد في المرحلة المقبلة من المستقبل السوري.. أما الوفد الرسمي السوري فذهب وكان يهدف بالأساس وفقط القضاء علي جيوب الإرهاب المتفاقمة داخل سوريا ولم يكن علي أجندته ملف تسليم السلطة.. وبالتالي فقد ضرب المؤتمر من مهده.. ولكن حتي نكون أكثر تفاؤلا.. من الممكن أن نتوقع خلال جلسات الحوار التي سوف تجمع بين الوفد الرسمي والمعارضة أن يؤدي ذلك إلي الوصول لبعض الأمور المتعلقة بدخول بعض المساعدات الإنسانية ووقف لإطلاق النار ببعض المناطق أو هدنة لبعض الوقت.. أما أن يتم حلحلة الملف السوري فلا يمكن في ظل الظروف الراهنة أن يكون ذلك من خلال مؤتمر جنيف2.. لأن الأزمة تحتاج لمزيد من المفاوضات بين الطرفين تحت رعاية دولية وإقليمية.. علاوة علي تأثير الأدوار الإقليمية التي سوف تظهر بعد انتهاء المؤتمر وسيكون تأثيرها واضحا من خلال نقطتين.. الأولي: إما الدفع بتنفيذ مقررات جنيف 2 أيا كانت هذه المقررات.. والثانية : إما أن تعوق أي مقررات ستخرج عن المؤتمر وهذا سوف يتوقف علي طبيعة دور كل طرف إقليمي داخل الأراضي السورية وما مدي علاقته ومصالحه بتمرير أو عرقلة تلك المقررات.. وعلي سبيل المثال كما تري د. مروة فإن إيران خاصة بعد استبعادها من المؤتمر لايمكن أن تكون جزءا من الحل وقد هدد وزير خارجيتها بذلك صراحة.. فمن المؤكد أن استبعاد إيران وعدم السماح بأن يكون لها أي دور علي هامش المؤتمر قد أخل بالثقل الإيراني كجزء من حلحلة الأزمة السورية وأخل بالمعادلة برمتها.. في نفس الوقت كان حضورها المؤتمر سيؤدي إلي انسحاب المعارضة لذلك ورغم كل هذه الصعوبات لايمكن أن ننكر أن مجرد انعقاد المؤتمر وجلوس الطرفين إلي طاولة الحوار هو تحول نوعي للأزمة السورية خاصة بعد أن بات مستحيلا لكل الطرفين حسم نتيجة الصراع علي الأرض باعتراف كل الأطراف.. كذلك صعوبة تدخل الغرب خاصة التدخل العسكري الذي أصبح الغرب عاجزا عنه بشكل واضح ولا يستطيع تحمل تكلفته السياسية والعسكرية والمالية أيضا.. لذلك لايمكن أن نتوقع من مؤتمر جنيف 2 أكثر من التوصل لتفاهمات حول فتح ممرات لدخول المساعدات الإنسانية، ووقف لإطلاق النار ببعض الأماكن.. أما حتي الكلام عن تبادل لبعض المعتقلين فأعتقد أن الحكومة السورية سوف تتعنت كثيرا في هذا الملف وتبقي الأيام القادمة وحدها قادرة علي الإجابة عن العديد من التساؤلات فإما أن تأخذنا إلي مزيد من الإحباط أو أن تدخل علينا بعضا من أمل.