نعم إنه (صلي الله وعليه وسلم) نبي ورسول يوحي إليه .. وقد اصطفاه ربه عز وجل ليكون هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلي الله بإذنه وسراجا منيرا وتفضل عليه ربه فأدبه وأحسن تأديبه وجمّله فكان أنور من القمر وأجمل من يوسف عليه السلام وقد أعطي نصف الجمال كله وأعطاه الله الحكمة وبها أوتي خيرا كثيرا ومع كل هذا تعرف في شخصية النبي(صلي الله وعليه وسلم) عمق الإنسان الذي تصبغ إنسانيته حياة المجتمع بمن فيه وما فيه من إنسان وجماد وطير وحيوان فمرة تري النبي (صلي الله وعليه وسلم) زوجا يحب أهله ويخصف نعله ويرقع ثوبه فإن خرج مسافرا اقترع بين زوجاته أيهن تكون معه في سفره ومرة تراه يشارك في عمل الجماعة وهم يعدون طعامهم فيقوم (صلي الله وعليه وسلم) ليجمع الحطب ومع تحرج الصحابة منه يصر علي موقفه ويقول : وعلي جمع الحطب ويحمل النبي الإنسان الحطب علي ذراعه وكأنه يقول يد بيد وساعد بساعد تقوم حياة الجماعة وفي مشهد إنساني رفيع تراه (صلي الله وعليه وسلم) برغم مشاغله كنبي رئيس داعية مجاهد لاينسي أحفاده ولا أولاده فيحمل الحسن والحسين يتعهدهم بالنصيحة والدعابة والأدب يقبل الحسن ويحتضن الحسين في أبوة وإنسانية غامرة تدهش الأعرابي الذي يحتج علي إنسانيته (صلي الله وعليه وسلم) فيسأل النبي: أتقبلون صبيانكم..؟ إني لي عشرة من الأبناء ما قبلت منهم أحدا..!! فيرد عليه النبي الإنسان: وما أملك إن كان الله نزع الرحمة من قلبك.. وتستمر إنسانية محمد (صلي الله وعليه وسلم) في الخلق كلهم فتراه يغضب علي رجل أغلق بابه بعنف دوي صوته فيأمر به فيقف بين يديه فيسأله لم فعلت هذا؟ فيقول الرجل وما في هذا؟ فيقول النبي الإنسان ألا تستحي من ربك ..إن الباب كان يسبح ربه في خشوع وقد أزعجته وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم، إنه كان حليما غفورا.. بنفس الروح الإنسانية الغامرة تراه يستمع إلي جمل يبكي من قسوة صاحبه فيستدعي النبي(صلي الله وعليه وسلم) الإنسان صاحب الجمل ويعلمه معني الإنسانية ويقول له : إنه يشكوك لربه أنك جوعته وأدأبته بما لايطيق حمله ..وفي ظل هذه الإنسانية المحمدية تعجب له وهو يمازح أصحابه ويتلاطف معهم بالحق وروح المرح تشع حوله وهو يقول لامرأة عجوز : لا يدخل الجنة عجوز ..فتهم المرأة بالبكاء فيسرع (صلي الله وعليه وسلم) بما يطمئنها بل ستدخلين بكرا صغيرة كما قال الله: عربا أترابا.. فتضحك المرأة وتستبشر وتمضي.. الله الله ما أروع إنسانية محمد النبي العظيم (صلي الله وعليه وسلم) وما أحوجنا للاتباع والاقتداء به .