تعرف على تكلفة استخراج أو تجديد جواز السفر المصري    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    التعليم: تدريب مجاني لمعلمي الإنجليزية بالتنسيق مع السفارة الأمريكية -(مستند)    جولة مفاجئة لوزيرة التنمية المحلية في عابدين: تسهيلات فورية وحلول عاجلة لشكاوى المواطنين    أردوغان: المنطقة لا تحتمل حربا جديدة    قصة الصراع في مضيق هرمز منذ الاحتلال البرتغالي وحتى الحرس الثوري الإيراني    إيران تمتلك ورقة خطيرة.. مصطفى بكري: إسرائيل في حالة انهيار والملايين ينتظرون الموت بالملاجئ    كومان يفتتح أهداف مونديال الأندية    تموين بني سويف تضبط مصنع مشروبات غير مرخص وتنقذ الأسواق من 650 كرتونة فاسدة    قتل أسرة كاملة حرقًا.. الإعدام شنقًا لعامل في الإسكندرية -صور    العثور على جثة سوداني أمام "المفوضية" بأكتوبر    سماح الحريري: مسلسل حرب الجبالي لا يقدم صورة مثالية للحارة المصرية.. والدراما غير مطالبة بنقل الواقع    25 صورة من جنازة نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    رامي جمال يوجه رسالة لجمهور جدة بعد حفله الأخير    متى يصادف أول محرم 2025 ميلاديًا    10 سلوكيات خاطئة ابتعدى عنهم مع أطفالك حفاظا على صحتهم    رابطة الدوري الإنجليزي تعلن موعد الكشف عن جدول مباريات موسم 2025-2026    مصطفى البرغوثي: إسرائيل تستغل الانشغال بحرب إيران لتغطية جرائمها بفلسطين    التنظيم والإدارة يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة    لقب وحيد و9 محطات تدريبية.. ماذا قدم جاتوزو قبل تولي تدريب إيطاليا؟    محافظ المنيا يؤكد: خطة ترشيد الكهرباء مسئولية وطنية تتطلب تعاون الجميع    إعلام إسرائيلى: صفارات الإنذار تدوى فى الجولان والجليل ومنطقة حيفا    دعاء دخول امتحان الثانوية العامة لراحة القلب وتيسير الإجابة    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    ليس لأبراج تل أبيب.. مقطع مزيف للقصف الصاروخي في إسرائيل ينتشر على مواقع التواصل    خالي قتل أمي بكوريك.. القصة الكاملة لجريمة بالغربية سببها علبة سجائر    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    محافظ الغربية يجرى جولة مفاجئة داخل مبنى الوحدة المحلية بسبرباى بمركز طنطا    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    مانشستر يونايتد يواجه ضربة بسبب تفضيل جيوكرس لأرسنال    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    تعليم الأقصر: غرفة العمليات لم تتلقَ أي شكاوى بشأن امتحاني مادتي التربية الوطنية والدين للثانوية العامة    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    النواب يحذر من تنظيم مسيرات أو التوجه للمناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    5 جوائز ل قرية قرب الجنة بمسابقة الفيلم النمساوي بڤيينا    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    التعليم العالى: المؤتمر ال17 لمعهد البحوث الطبية يناقش أحدث القضايا لدعم صحة المجتمع    104 لجان عامة بالقليوبية تستقبل 50213 طالبا فى امتحانات الثانوية العامة    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر القبطي الدكتور أندريه زكي يتحدث ل »آخر ساعة« في عيد الميلاد المجيد:
معجزة ميلاد السيد المسيح من مريم العذراء!
نشر في آخر ساعة يوم 31 - 12 - 2013

الإمام الأكبر شيخ الأزهر يستقبل الدكتور القس أندريه زكى المفكر القبطي المعروف الدكتور القس أندريه زكي (نائب رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر، ومدير عام الهيئة الإنجيلية للخدمات الاجتماعية) شخصية تتسم بعمق التفكير، وتنوع الثقافة، والسماحة في الأفكار، فهو صاحب المؤلفات القيمة التي تدعو إلي تجديد ثقافتنا، وإثراء هويتنا، والدفاع عن خصوصيتنا، ومقاومة الغزو الكاسح لعروبتنا، وهيمنة الآخرين علي تراثنا، وأشهرها كتابه: (الإسلام السياسي والأقليات) باللغات العربية والإنجليزية، وطبعته دار نشر ألمانية.. ومع حلول ذكري ميلاد السيد المسيح (عليه السلام) يتحدث الدكتور القس عن معجزة الميلاد المجيد، والقواسم المشتركة بين الإسلام والمسيحية، وأهمية الحوار في المرحلة الحالية بين العالم الإسلامي والغربي، والعقبات التي تقف حائلا في سبيل التفاهم بين الجانبين.
مؤكدا في حواره مع »آخر ساعة« إبراز الوجه الحضاري لرسالة الأديان، وإرساء قيم الحب والعدل والسلام والتسامح، في ظل الاحترام المتبادل بين أصحاب الديانات، وحرية العقيدة، فالإيمان بالله الواحد هو أبرز القواسم المشتركة بين المسلمين والأقباط.
رسالة الهيئة القبطية الإنجيلية، وما تقدمه للمجتمع؟
- منذ أن أسس الراحل الدكتور القس صموئيل حبيب الهيئة في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، كمشروع لمحو الأمية في إحدي قري محافظة المنيا وهي تضع نصب أعينها شعار »خدمة الإنسان.. أيا كان وفي أي مكان«.. هذا الشعار الذي سارت عليه حتي يومنا هذا. وحاليا امتد عمل الهيئة ليشمل العديد من محافظات مصر، حيث تقدم خدماتها التنموية من خلال برامج التنمية المرتبطة بالحقوق بالشراكة مع المئات من مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني في العشرات من القري الفقيرة والمناطق العشوائية. إلي جانب تقديم المئات من القروض، والقروض الصغيرة، وتنظم البرامج التدريبة للشباب فيما يتعلق بإقامة مشروعات صغيرة توفر لهم حياة كريمة. أيضا هناك منتدي حوار الثقافات الذي يجمع من خلال العديد من البرامج ما بين النخبة من قادة الفكر ورجال الدين الإسلامي والمسيحي والأكاديميين والإعلاميين وقادة المجتمع المدني، للحوار حول أهم قضايا الساعة.
الشئون الاجتماعية تراقبنا
مصادر تمويل الهيئة وكيف تدخل مصر.
- الهيئة واحدة من الجمعيات الأهلية المشهرة بوزارة الشئون الاجتماعية، تعمل وفقا لقانون الجمعيات. وطبقا للقانون تتلقي الهيئة العديد من التبرعات من مختلف دول العالم، قد تصل إلي نحو 04٪ من حجم تمويلها. وذلك من مؤسسات دولية وحكومات ومؤسسات مجتمع مدني، وفقا لاتفاقيات يتم الحصول عليها من الجهات المعنية داخل مصر، وكذلك من عدد كبير من الكنائس الصديقة التي تدعم عمل الهيئة. إضافة إلي العمل علي الوفاء بالتزاماتها تجاه المجتمع من خلال إقامة عدد من المشروعات الإنتاجية كإنتاج الأثاث المتميز وإقامة مصنع لإنتاج الأخشاب بأعلي جودة ومشتل إلي جانب دار نشر، بهدف توفير باقي قيمة التمويل اللازم للمشروعات والخدمات التي تقوم بها، وذلك في إطار قانون الجمعيات الذي تعمل تحت مظلته.
أما فيما يتعلق بكيفية دخول التبرعات الخارجية إلي داخل مصر، فقد نظم قانون الجمعيات هذا الموضوع، وبناء عليه يتم الحصول علي كافة الموافقات التي حددها القانون قبل البدء في عملية الصرف. علي أن تقوم وزارة الشئون الاجتماعية بمراجعة كافة المستندات الدالة علي الحصول علي الموافقات المطلوبة، وكذلك الصرف. أيضا هناك المتابعة الدقيقة من جانب المحاسب القانوني للهيئة.
ما مدي التعاون مع مختلف المؤسسات الدينية الإسلامية في مصر؟
- منذ أن تأسست الهيئة وهي تعمل بالشراكة مع كافة الأجهزة الحكومية والمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية في مختلف المجالات بهدف تحقيق التنمية بمفهومها الشامل داخل القري والمجتمعات التي نعمل بها.
ومنذ أكثر من عشر سنوات مضت ازداد التعاون المشترك مع مختلف المؤسسات الدينية لاسيما وزارة الأوقاف والأزهر الشريف من خلال دعم الوزارة لأنشطة وبرامج منتدي حوار الثقافات التي تجمع بين رجال الدين الإسلامي والمسيحي، فهناك لجنة مشتركة تضع خطة العمل المشترك، كما أن هناك مشاركة إيجابية من جانب الوزارة في العديد من الأنشطة والبرامج. نفس الشيء مع الأزهر الشريف فهناك دعم غير محدود من جانب فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر للبرنامج المشترك مع بيت العائلة المصرية، وهناك العديد من العاملين بالهيئة أعضاء في العديد من اللجان المنبثقة عن بيت العائلة داخل القاهرة وفي الفروع المختلفة. نفس التعاون يتم مع دار الإفتاء المصرية وجامعة الأزهر.
بمناسبة حلول أعياد الميلاد .. هل ممكن أن تحدثنا عن معجزة ميلاد السيد المسيح؟
- ميلاد السيد المسيح معجزة آمن بها المسلمون والمسيحيون جميعا، فمن حيث ولادته من عذراء من غير رجل، فقد كانت نموذجا للفتاة المؤمنة، القديسة، الطاهرة التي استمعت إلي بشارة الملاك بأنها ستحبل وتلد ابنا هو مخلص العالم. وأيضا أثبت السيد المسيح للعالم تواضعه حينما ولد في مذود للبقر في إحدي القري الفقيرة في فلسطين وهي بيت لحم . ومن العجيب ان يتحول هذا المذود الحقير إلي قصر عظيم، يزوره كبار المجوس ليقدّموا هداياهم عند قدمي يسوع وسجود المجوس كان أول سجود في تاريخ المسيحية، لم تحتفل الأرض به ولكن السماء ارتجت لمولده، وأجراس السماء دقت له!
القواسم المشتركة بين الإسلام والمسيحية كما تراها؟
- يشكل المسلمون والمسيحيون علي وجه الكرة الأرضية حالياً نسبة كبيرة من سكان هذا الكوكب، تصل إلي نصف سكان العالم، ولذلك فإن الواجب عليهما أن يكونا في خندقٍ واحد، لمواجهة مشاكل الحياة وتحديات العصر، لا أن يكونا في خندقين متنافسين، وإن الواجب الروحي والأخلاقي يفرض اليوم علي كافة المسلمين والمسيحيين في العالم أن يحاولوا بشتي السُبل والوسائل التكاتف والتفاهم والتقارب من أجل بناء عالم الغد القريب، الذي سيطل علينا ، لأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون الفهم الخاطئ للدين سبباً في الاختلاف والتناحر.
بين الإسلام والمسيحية
ومن هنا نجد بأن هناك قواسم مشتركة كثيرة تربط ما بين المسلمين والمسيحيين، وهذه القواسم المشتركة نابعة من أصول هاتين الديانتين الإسلام والمسيحية، كما أن هناك أهدافٌ مشتركة نابعة من كلتا الديانتين، وأيضاً من الواقع الذي يفرض نفسه أمام كل مخلص محبٍ للإنسان والإنسانية، و من بين القواسم المشتركة بين المسلمين والمسيحيين:
الإيمان بالله الواحد – الصوم والصلاة - اليوم الآخر، الحساب »الثواب والعقاب«.. أيضا هناك المحبة والتعاون من أجل خير البشر، الدعوة إلي نشر السلام علي الأرض.. هناك الكثير والكثير من القواسم المشتركة لو تم تطبيقها سنعيش جميعا في سلام وأمان.
إذا كان الأمر كذلك فما هي أهمية الحوار الحضاري بين العالم الإسلامي والغربي في المرحلة الحالية؟
- تعددت النظريات والتصورات التي تعمل علي صياغة رؤية ومنظومة مفاهيم في طبيعة العلاقة التي ينبغي أن تكون وتسود بين الغرب كمجال حضاري واقتصادي وسياسي وبين العالم الإسلامي بكل دوله وشعوبه. إلا أن القاسم المشترك بين هذه النظريات والتصورات المتباينة، لأن الحاجة بين الطرفين متبادلة. فالغرب يحتاجنا لموقعنا الاستراتيجي ولحاجته للطاقة والنفط الموجود في أراضي العالم الإسلامي. كما أننا نحتاج إلي تقنية وصناعة وتعليم ومنجزات الغرب المختلفة.
ضرورة انطلاق الحوار
لذلك هناك ضرورة هامة لانطلاق حوار حقيقي بين الغرب والعالم الإسلامي، يستهدف الفهم المتبادل وخلق المساحة المشتركة القادرة علي إنجاز مفهوم التفاهم والتواصل الحضاري بين الطرفين.. فلا يجوز استمرار حالة الجفاء وغياب أطر الحوار والتفاهم فيما بينهم. ووجود مآخذ حضارية عند كل طرف علي الآخر، لا يسوغ أيضاً غياب مؤسسات الحوار والتفاهم بين الطرفين.
والحوار بين الثقافات لا يشترط في كل مراحله وأطواره، وجود انطباق تام في وجهات النظر. بل علي العكس من ذلك تماماً، حيث حينما تتعدد المرجعيات المعرفية، وتتباين التصورات الثقافية، وتختلف المواقف السياسية والعملية، تتأكد الحاجة إلي الحوار الذي لا يستهدف بالدرجة الأولي إقناع كل طرف بقناعات الآخر، وإنما هو يستهدف الفهم والتفاهم، وخلق مساحة مشتركة للتعاون والتواصل. كذلك يجب أن يحترم الحوار أدبيات الاختلاف والتأكيد علي مبدأ حق الاختلاف!
العقبات التي تقف أمام التفاهم والحوار ما بين الغرب والعالم الإسلامي.
- الشرط الأول لنجاح أي حوار وتفاهم بين الغرب والعالم الإسلامي، هو خروج الجميع من القراءات النمطية والمبسطة في النظرة إلي الآخر. فلا يمكن اختزال العالم الإسلامي في جملة من المفردات والممارسات. وفي المقابل أيضاً لا يمكن اختزال الغرب في بعض السياسات التي لا تنسجم وحقوقنا ومصالحنا في العالم الإسلامي. فالغرب أوسع من ذلك. وعلينا أن نتواصل ونتحاور مع كل مؤسساته، حتي نتمكن من التأثير عليه في قضايانا الاستراتيجية. فالخروج من الرؤية النمطية التي تختزل الإسلام والغرب في قوالب محددة وجاهزة ورتيبة ، هو الشرط الضروري لخلق روافد للحوار بين العالمين الغربي والإسلامي، علي أسس من الاحترام المتبادل.
العلم وتقريب المسافات
تعدد الحضارات هل يقف عقبة أمام وحدة العالم؟
- لقد طرأت علي الحضارة البشرية العديد من التغيرات والمستجدات، وقد ساهم التقدم العلمي والتكنولوجي والتبادل الثقافي في تقريب المسافات ما بين الحضارات المختلفة. لذلك يعتبر تعدد الثقافات والحضارات أحد أهم المميزات الهامة للحضارة الإنسانية. فشأن تعدد الحضارات مع المجتمع البشري شأن تعدد الأحياء مع الطبيعة وهي حقيقة واقعية، وبالتالي لن تتطور الحضارة البشرية إلا باحترام تعدد الحضارات، علي أساس أن تطورها والقوة الدافعة الداخلية لها تتركز في قوتها الذاتية والوعي والاستقلال والانفتاح والتسامح والإصلاح. وبالتالي يصبح تعدد الحضارات والثقافات بمثابة الداعم لوحدة العالم شرقه وغربه!
ماذا سيترتب علي نجاح الحوار ما بين الغرب والعالم الإسلامي؟
- يسهم الحوار بين الحضارات في تثبيت السمة الرئيسية للثقافات الإنسانية وهي استجابتها للتطور والاغتناء بالتفاعل فيما بينها، كما يسهم الحوار في "عقلنة" النزاعات التي قد تنشأ أثناء تثبيت الهويات الثقافية لهذه الحضارات، أو التي تتوالد في ظروف الأزمات الاقتصادية، نتيجة حدوث احتكاكات بين أبناء الحضارات المختلفة خلال موجات الهجرات السكانية عبر حدود دوائر هذه الحضارات أو تلك النزاعات التي قد تسببها هجرات غير شرعية، وتغذيها فروق ومشكلات سياسية وعقيدية وتاريخية. ومن فوائد الحوار وغاياته إبطال المناخات المفعمة بالمخاوف ومشاعر العنصرية والكراهية، وتوفير المناخ الملائم لتبادل الوافد النافع من الثقافة والعلم والخبرة.
التعايش مع الآخرين
كما يسهم في تبادل العلوم والمخترعات، وليس مجرد الثقافة والإعلام والآداب والفنون، وإلا كان التبادل تبادلا محدودا، ويفتح المجال للهيمنة الثقافية واحتلال العقل ومسخ الثقافات الأخري. هذا لا يعني نسيان أو تجاهل التميز بين الحضارات، لكن العزلة عن التأثيرات الحضارية الأخري أمر صعب مثله مثل التبعية أو الذوبان. وهكذا فإن الدعوة للحوار، هي دعوة للتسامح والتعايش مع الآخرين، وإنكار لنزعات التفوق والسيطرة، وهي نظرة لقضايا المستقبل، وتعبير عن إرادة الحضارات المعاصرة لمعالجة هذه القضايا، وعن قناعتها بضرورة التعاون للنجاح في ذلك.
الطرق والوسائل المقترحة للحوار ما بين الشرق والغرب؟
- الشرق والغرب لا يستغنيان عن بعضهما البعض، وبخاصة في البناء الحضاري و إسعاد البشرية وهما شريكان في ذلك، وكل منهما يظل بحاجة إلي الآخر، كما أن فرص التعايش والتلاقي بينهما أكثر وأقوي بكثير من دواعي الفرقة والخصام"!
إن "تجسير هذه الفجوة العلاقية بين الشرق والغرب يمكن أن يتم عبر آليات أتاحتها معطيات الألفية الثالثة وعلي رأسها كون العالم أصبح قرية كونية صغيرة". ومن تلك الآليات والمعطيات استغلال وسائل المواصلات والاتصال الحديثة للتقارب بين الشعوب والأخذ بمبدأ الحوار بين الحضارات، وأتباع الأديان، وتصحيح الصور النمطية السيئة في وسائل الاعلام الغربي، ودعم الفعاليات الثقافية للجاليات والأقليات المسلمة في الغرب من أجل تعميق وسائل التواصل والحوار بين الشرق والغرب.
لا للتشكيك في العقيدة
كيف نزيل التوتر المزعوم بين الإسلام والمسيحية؟ والسبيل لدعم الوحدة الوطنية؟
- تعود مظاهر الاحتقان الطائفي الحديث في مصر إلي النصف الثاني من القرن العشرين، وقد تمثلت في إحياء الاتجاهات الدينية ذات التوجه السياسي. فأحداث السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين خلقت صوراً في وجدان المواطن القبطي المصري لا يمكن تجاهلها، هذه الصور مازالت في الوعي واللاوعي لشريحة عريضة من الأقباط. ومع إلمامي بالكتابات الكثيرة حول ما يسمي بالفتنة الطائفية أو أحداث العنف، إلا أن هناك القليل حول تحليل الصورة التي تشكل فكر الأقباط يمكن تلخيصها علي النحو التالي:
التشكيك العقائدي الذي يخلق نوعاً من المرارة تؤدي إلي العنف أو الانسحاب والتهميش. ومع يقيني بأن التشكيك في عقيدة الآخر يأتي من الجانبين، إلا أن المساحة الإعلامية التي أُعطيت للذين يشككون في عقائد الأقباط كانت كبيرة ومتعددة، فبعض الأحاديث التليفزيونية والكتابات الصحفية وشرائط الكاسيت التي شككت بشكل مباشر أو غير مباشر في عقائد الأقباط، ساهمت في تكوين هذه الصورة الذهنية. فمن السهل أن يشكك أي إنسان في عقائد الآخرين، لكن مردود هذا التشكيك لا يمكن إزالته بسهولة، بل تمتد أثاره إلي عدة أجيال، وفي بعض الحالات تتضخم هذه الصورة الذهنية والتي تتمثل في احتقار عقيدة الآخر وتتطور إلي رفض المشكك وفي بعض الحالات تصل إلي رغبة في الاعتزال عنه.
الاغتراب الاجتماعي والثقافي وهو أحد الصور الذهنية التي تنتج عن التهميش والاستبعاد لفترة طويلة. ومع يقيني من أن القوانين المصرية في عمومها تدعو إلي المساواة بين المواطنين، الا أن المشكلة تكمن في ممارسة بعض القيادات والمسئولين، وهنا أؤكد علي كلمة »بعض« فالتعميم في مثل هذه الأمور شائك ومرفوض!!!!
المساواة بين المواطنين
إن التمييز الذي يقوم به بعض الأشخاص الذين في موضع المسئولية، يخلق هذا الشعور بالتمييز. ويُعطي صورة سلبية تُسهم في تشكيل عقلية الاغتراب. ومن هنا فإن التعصب الفردي يلعب دوراً هاماً في خلق صورة جماعية سلبية تتأكد عبر مواقف مختلفة وظروف متعددة. هذه النوعية من الاغتراب الاجتماعي تشكل خللاً مجتمعياً، وتسهُم في الاحتقان الطائفي.
أما الاغتراب الثقافي فهو يمثل خطراً أكبر، ويهدد بشروخ ثقافية تُسهم بفاعلية في الاحتقان الطائفي. وقضية الاغتراب الثقافي قضية معقدة، وتحتاج إلي دراسة أشمل.
التعامل الانتقائي مع التراث ففي حالات التسامح، يتم استدعاء النصوص والمواقف التاريخية التي تدعو إلي المودة واحترام أهل الكتاب والتعايش، وفي مواقف الاحتقان، يتم استدعاء المواقف التي تُكفِّر الآخر وتهمشه، هذه الانتقائية من التاريخ والتراث. شكلت صورة ذهنية غير مستقرة، وساهمت في جعل موقف التعايش موقفاً نسبياً.
ومن هنا فإن استدعاء التراث والتاريخ، لابد أن يكون علي أسس منهجية مستنداً علي التحليل العلمي، وتشجيع الاجتهادات الجديدة. وإعادة قراءة النصوص في إطار ثقافتها. هذه الأمور تخلق صورة ذهنية جديدة عن التراث والتاريخ وتُسهم في بناء مستقبل أكثر استقراراً.
بعد كل هذا.. ماهي وسائل تخفيف حدة الخلاف بين أصحاب الديانات في مجتمع يمثل فيه المسلمون أغلبية.. والأقباط أقلية؟
- لا يستطيع أحد أن ينكر أن تفعيل لغة الحوار علي المستوي المحلي في مصر أسهم بشكل كبير في خلق مساحة من الإدراك للأمور المشتركة كما بدأ يحدد مواضع الاختلاف. وفي إطار الحوار الاجتماعي الديني تجددت الدعوة إلي توسيع الأرضية المشتركة، واحترام مساحات الاختلاف وقبولها. وعلي المستوي العالمي تعددت البرامج واللقاءات الحوارية التي تدعو إليها هيئات دينية، وجهات حكومية، وكلها تركزت حول مفاهيم التعايش وقبول الآخر.
لقد استطاعت هذه الحوارات علي المدي القصير أن تخلق أرضية جديدة للتفاهم وسماع الصوت المختلف، فسوف تُسهم علي المدي البعيد في تشجيع الاعتدال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.