دخلت الموازنة وخطة التنمية الجديدة مراحلها النهائية بمناقشتها أمام لجان البرلمان المتخصصة.. لكن هنا وقع الخلاف بين وزراء التربية والتعليم، الصحة والتعليم العالي والأوقاف ومترو الانفاق ووزير المالية لأن أهداف الدولة وإعادة بنائها بما يتمشي مع متطلبات العصر تحتاج إلي الكثير.. وزير التربية والتعليم التزم بتوجيهات القيادة السياسية بتنفيذ خطة بناء الانسان المصري بتطوير التعليم بعد أن ضاعت ملامح المدرسة وانخفض مستواها، وعلي الطريق بدأت الوزارة مد الشبكات وكابلات الانترنت إلي أقصي بقعة من مصر ومن هنا كانت المطالب بالمزيد من التمويل.. أما وزارة الصحة فكان أمامها تنفيذ مبادرات الرئيس والبدء في مشروع التأمين الصحي علي الأسرة من أول يوليو القادم، وهو المشروع الذي التزمت فيه الدولة بتحمل الاعباء المالية عن غير القادرين، وفي الوقت نفسه بدأت اعداد المستشفيات النموذجية وتوفير الأطباء والممرضين المتميزين حتي ينال المشروع رضاء المواطن.. ومن هنا حدث الخلاف بين الوزراء، وأدي الي ذلك ما يجري علي الساحة العالمية من متغيرات تتطلب من الدولة أخذ موقف الحذر بدءا من التغيرات المناخية، الي اعلان الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، والقلق في الخليج، احتمالات ارتفاع أسعار الطاقة.. ومن هنا اصبحت الدولة تأخذ موقف الحذر. ولما كنت اتابع اعداد الميزانيات منذ اوائل الستينيات منذ عهد الدكتور نزيه ضيف وزير الخزانة مروراً بوزراء مالية مصر الدكتور عبد العزيز حجازي والدكتور عبد المنعم القيسوني الذي يلتزم بالشفافية الكاملة في اعداد الموازنة، فكان يسمح لنا بلقاء كل وزير عقب مناقشة مشروع ميزانيته ليحدثنا عن مدي رضائه وعدم رضائه، كما كان يتدخل بشرح ظروف اعداد الدولة للحرب والظروف الحقيقية لأعباء البلاد المحتملة.. وأخيراً يقدم لنا الشاعر الكبير أحمد شفيق كامل البيان الصحفي عن موازنة كل وزارة وأثرها علي المواطن.. وخلال فترة الدكتور حسن عباس زكي وبعد الانتهاء من مناقشة ميزانيات جميع الوزارات واستعداده لتقديم الموازنة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر حدث ان سألته وهو يغادر مبني الوزارة في لاظوغلي عن الموقف النهائي للموازنة.. وفي صراحة كاملة قال.. صعب! وهنا اشفاقاً عليه تمنيت ان تتدخل ارادة الله ونعبر الازمة.. وهنا قال ان الله لا يساعد إلا من يساعد نفسه، إن علينا بزيادة الانتاج والعمل الجيد في جميع مناحي الحياة ويقظة الضمير. ومن هنا يتكشف أن الصدام بين وزير المالية وزملائه أمر طبيعي، ولكن علي مجلس الوزراء التدخل من البداية قبل بلوغ الصدام البرلمان خاصة وأن الدولة أخذت علي عاتقها زيادة الأجور والمعاشات، واستمرار الدعم لمستحقيه، واستكمال المشروعات القومية الكبري التي أبهرت العالم وأحدثت نقلة نوعية رائعة في حياة المصريين في المدن الجديدة، والقضاء علي العشوائيات، والعمل علي مواجهة اعباء الدين الخارجي الذي بلغ 96 مليار دولار.. وخفض عجز الموازنة وحماية حدود مصر والقضاء علي الارهاب إلي أن يتحقق الاستقرار الكامل والأمان.