لا يخفي علي أحد ما يتمتع به السوق العقاري من أهمية اقتصادية واجتماعية في مصر بشكل خاص وفي كل دول العالم بشكل عام. إنه يستمد أهميته في مصر باعتباره وعاء ادخارياً مأموناً ومجزياً للعائد. الكثير من المصريين يلجأون الي شراء الأراضي والعقارات بغرض استثمار مدخراتهم وفوائضهم المالية. بالطبع فإن الحال كان يمكن أن يتجه الي التوازن لو أن هناك مجالات أخري لاستثمار هذه المدخرات وهذه الفوائض. يرجع ذلك بشكل أساسي إلي القصور في اقامة شركات للتصنيع وضمان أن يتولي ادارتها كفاءات متخصصة قادرة علي تحقيق النجاح والأرباح. حدوث هذا كان سيؤدي أيضا إلي تنشيط بورصة الأوراق المالية باعتبار أن عائد معاملاتها يستهدف الاستجابة لتمويل هذه المشروعات. الدليل علي ذلك ما تشهده أسهم هذه المشروعات الناجحة من إقبال عند الطرح. لمسنا ذلك بشكل خاص في عروض شركات الاتصالات. وفقا لهذا الواقع فان المواطنين أصحاب المدخرات يترقبون خطوات الدولة نحو طرح أسهم بعض شركاتها سواء الناجحة أو المحتكرة لخدمة أو منتج للبيع. عودة الي الاستثمار العقاري فإن الجدل يدور بين المتخصصين حول امكانية تعرضه لأزمة في الفترة المقبلة. يعود ذلك في رأي بعض الممارسين منهم هشام طلعت مصطفي أحد أركان هذا النشاط. قال ان ذلك يعود الي الارتفاعات الكبيرة في الأسعار وانخفاض معدلات القوة الشرائية للمواطن. يضاف الي ذلك أيضا زيادة في تكلفة الحصول علي قروض بنكية للتمويل العقاري نتيجة الارتفاع في أسعار الفائدة. الأمل في انخفاض أعباء قروض الاستثمار العقاري بفائدة معقولة مرهونة بالأوضاع الاقتصادية بشكل عام. كما هو معروف ومعلن فإن ارتفاع العائد في البنوك علي المدخرات مرتبط بالتضخم والتصدي لعمليات الدولرة التي تؤدي الي المزايدة علي قيمة الجنيه المصري. من هذا المنطلق فإن الصعوبات والتعقيدات لا تسمح بالتوسع في هذه القروض وخاصة للأفراد. كما هو معمول به في أمريكا والدول الأوروبية وبعض الدول العربية. إن الخطر الحقيقي الذي يهدد الاستثمار في السوق يتمثل بشكل أساسي في الزيادة الهائلة في حجم المعروض بالسوق. ما حدث كان نتيجة العادة المصرية السيئة للباحثين عن الاستثمار في مصر. إنهم دائما يعمدون في الأنشطة التي تكون قد وجدت رواجا وتحقق أرباحا سواء كانت خدمية أو انتاجية. من هذا المنطلق كان هذا الأمر يدفع كثير من الذين لديهم المال الي الاستثمار في الأنشطة العقارية. ولأن خبرة بعضهم محدودة في هذا المجال فقد كان من الطبيعي ان تتصاعد التكلفة التي يزيد فيها التطلع الي الربح الوفير الذي استهدف الاستيراد. تصاعد هذه الظاهرة ارتبط بفترة الانفتاح إبان ولاية الرئيس الراحل أنور السادات حيث بدأت بعمليات الاستيراد وتواصلت لتشمل الاستثمار والنشاط العقاري الذي كان يعاني نقصا في وحداته. إن ما يؤكد ما يقال عن بوادر أزمة عقارية ما تشهده اعلانات الشركات للتسويق والترويج. تجسد ذلك في زيادة فترة الأقساط للشراء لتصل الي 15 سنة بالاضافة الي البيع بدون مقدم. هذه العروض تعد إشارة الي أن هناك ركودا في عمليات اقتناء العقارات.