تناضل الشعوب علي مدار التاريخ للحصول علي الحريات والحقوق السياسية، ولعل من أبرز مظاهر الديمقراطية والحرية هي الانتخابات والاستفتاءات، ففيها يبدي الناخب رأيه بكل حرية وسرية وبطريقة مباشرة. وخلال أيام معدودات ستشهد مصر استفتاءً علي التعديلات التي تمت علي دستور 2014، لإصلاح الخلل الذي حدث في بعض مواده، وإصلاح ما أفسده الخوف الذي سيطر علي أعضاء لجنة الخمسين الموقرين، والذي جعلهم يقلصون مدة الرئاسة إلي 4 سنوات فقط، دون أن يضعوا في اعتبارهم أن هذه المدة لاتكفي لإعادة هيكلة شركة فما بالنا ببلد يسكنه100 مليون نسمة، لكنهم كانوا ينظرون وراءهم لعهود سابقة، ولم ينظروا للمستقبل، وأيضا سيطر عليهم الخوف فألغوا مجلس الشوري حيث كانت تجربته أثناء الاحتلال الإخواني مريرة فألغوه، رغم أنه الغرفة الثانية للتشريع الموجودة في كل دول العالم عريقة الديمقراطية، ومواد أخري يتناولها التعديل كان لابد من إجرائها تتعلق بتمثيل المرأة والأقباط وذوي الإعاقة والشباب. أعضاء مجلس الشعب المحترمون ناقشوا التعديلات بالتفصيل، وعقد المجلس 6 جلسات استماع لمختلف فئات المجتمع ليدلوا بدلوهم، ولاستطلاع آرائهم في التعديلات، التي لم تتقدم بها الحكومة ولا أي مسئول، بل تقدم بها النواب الذين انتخبهم الشعب والذين تنبهوا للعوار الموجود في المواد التي تقدموا بتعديلها. وتم تنفيذ كل الخطوات التي نص عليها الدستور لإجراء أي تعديل فيه، والتزم المجلس بالتوقيتات المحددة لكل خطوة تفادياً لشبهة عدم الدستورية، ووافق من وافق من الأعضاء ورفض من رفض، وكلٌ قال رأيه بكل حرية، وكانت المحصلة في النهاية هي موافقة مجلس النواب علي التعديلات، ولم يبق سوي رأي الشعب الذي له الكلمة الأولي والأخيرة في الدستور. أكثر من 50 مليون مصري لهم حق التصويت في هذا الاستفتاء، الذي سيتم التصويت فيه ب»نعم» أو »لا» علي كل المواد المعدلة وليس مادة مادة. وظني أن المصريين لن يبخلوا علي مصر بالمشاركة في الإصلاح السياسي، فهم الذين رفضوا الإعلان الدستوري الذي أصدره »مرسي» في نوفمبر 2012 وخرجوا في الميادين مستنكرين ماجاء في الإعلان من بنود كانت تشبه ما كان يصدره هتلر النازي.. والمصريون هم الذين أسقطوا وأنهوا الاحتلال الإخواني في 30 يونيو 2013، وهم الذين هزموا الإرهاب، وهم الذين يبنون مصر ويعمرونها ويزرعون صحاريها. أعلم أن هناك قوي خارجية تدعم فلول الإخوان الذين مازالوا يختبئون في جنبات الوطن، وينشرون سمومهم الآن لإحباط المصريين، لمنعهم من استكمال مسيرة الإصلاح التي بدأوها. فبعد أن فشل الفلول في التشكيك في الإنجازات التي تجري علي أرض الواقع والواضحة وضوح الشمس، لم يبق لهم سوي وقف الإصلاح السياسي لمنع استمرار الرئيس السيسي في قيادة هذا البلد الأمين، لأنه هو حجر العثرة الذي يحول دون عودتهم للحكم مرة أخري ويمنعهم من الدفع بأحد من رموز نظام قديم لكرسي الحكم.. ولأنه يقود حركة التنمية والتعمير والتنوير في مصر، ولأنه هو من أعاد مصر قلبا نابضا للعرب ولإفريقيا، وكل هذه الإنجازات هي ضد توجهات وسياسات التنظيم العالمي للإخوان، الذي كان يخطط لأن تكون مصر منصة الانطلاق لسيطرتهم علي كل دول المنطقة إبان ما أطلقوا عليه الربيع العربي.. ورغم محاولاتهم السيطرة علي السودان وعلي ليبيا وعلي تونس والجزائر ودول أخري، إلا أنهم يعلمون تماماً أن هذه المحاولات ستفشل طالما ظلت مصر بعيدة عن أيديهم. اعلموا أن الإخوان وتركيا وقطر يعدون الأيام والساعات التي تنتهي فيها مدة رئاسة السيسي لمصر.. فلابد أن نفوت الفرصة علي هؤلاء المتنمرين لمصر وللمصريين، ونخرج في الاستفتاء لنجعلها أيام عيد للمصريين وحزن للإخوان فإصلاحنا خراب لهم.. ومخططهم خراب لنا. أيام الاستفتاء الثلاثة ستكون كرنفالا للديمقراطية، وسيبهر المصريون العالم كما بهروه أكثر من مرة. حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها. آخر كلمة التصويت واجب قبل أن يكون حقاً.