كيف تسلل العنف إلينا؟.. وكيف وهن ارتباطنا بالأرض وبالمكان؟ وكيف تم اختزال تراثنا الغني، وأحيانا تشويهه وإيذاؤه علي هذا النحو الصارخ؟ هذه الأسئلة وغيرها بحاجة إلي دراسات معمقة وإجابات.. فلا يكاد يمضي يوم إلا ونسمع قصة عنف مدرسي أو جامعي أو مجتمعي، أو مشاجرة إعلامية أو ملاسنات جارحة هنا وهناك.. يعزو البعض العنف إلي التراجع القيمي والأخلاقي في مجتمعاتنا والذي سببه الأول والأهم فشل التربية الأسرية والمدرسية والجامعية والمجتمعية التي كانت أفضل بكثير في زمن مضي في تشكيل فكر الفرد وسلوكه علي النحو المرجو هذا الفشل الذي جعل فئة الشباب بالذات عرضة لمؤثرات سلبية كثيرة.. ما الحل لهذا التردي؟.. الحلول كثيرة لا ريب والمهمة شاقة وتتطلب أفكاراً وقرارات استراتيجية وبنيوية كبيرة تتخذ وتُنفذ علي أعلي المستويات وبمشاركة الجميع لإحداث نقلة نوعية في تبني الحلول وإدماجها ولا مجال هنا للخوض فيها مجتمعة.. لكن أحد الحلول الذي وددت التركيز عليه هنا يتعلق بالتربية والتعليم.. دور الأسرة أساسي وكذلك دور الجامعة والمجتمع بمؤسساته المتعددة.. لكن يبقي الدور الأهم الذي يمكن التحكم به أكثر من غيره »المدرسة» التي فيها تصقل الشخصية وتصنع القيم ويقوَّم الاعوجاج وتكتسب المهارات والمعارف المنسجمة مع حاجات الفرد وسوق العمل والمجتمع إذا أحسن التعامل مع التربية المدرسية.. يجب أن نعترف بأن المناهج والمدرسة أخفقتا في بناء الشخصية المرجوة والسلوك الحميد والمنظومة القيمية الرفيعة.. والمطلوب لإصلاح الخلل ليس مناوشات أو معارك كلامية وغيرها.. بل أن نوفر لأبنائنا البيئة المدرسية الصحية السليمة التي تسعدهم وتحببهم بالحياة وتغرس فيهم السلوك الحضاري والعلم النافع والمهارة المهمة في سوق العمل والأداء الخادم لمستقبلهم ومستقبل مجتمعهم..