يوافق العام القادم الذكري المئوية لثورة 1919، وأعلم أن هناك بعض التجهيزات منذ الآن للاحتفال بها، وفي رأيي أن هذا شيء رائع، لكن في العام القادم أيضاً تحل الذكري المئوية للزعيم الوطني محمد فريد، وأرجو ألا ننسي في خضم الاحتفال بذكري الثورة أن ننسي ذكري الزعيم. محمد فريد يا سادة هو الذي احتضن فكرة إنشاء النقابات العمالية ورعي النقابات الأولي في تاريخ مصر. محمد فريد لمن لا يعرف هو أول من نادي بمجانية التعليم قبل طه حسين وغيره، وقال في 1910 : يجب أن يكون قصدنا جميعاً الوصول إلي جعل التعليم الابتدائي إلزامياً ومجانياً لكل مصري ومصرية. محمد فريد هو بطل معركة منع مد امتياز قناة السويس لمدة أربعين عاماً إضافية، فقد كان الاتفاق الأصلي بين ديليسبس والخديو سعيد علي أن يكون الامتياز مدته تسعة وتسعين عاماً، فأراد الإنجليز مده أربعين عاماً أخري مقابل أربعة ملايين جنيه، وتراسلوا بذلك مع الحكومة، وكان رئيس الحكومة وقتئذ هو بطرس غالي باشا، ووصلت المفاوضات إلي مرحلة متقدمة جداً، وحينئذ سرب أحد الموظفين الشرفاء كل الأوراق الخاصة بالموضوع للزعيم محمد فريد، ففضح الاتفاق الذي سيتسبب في ضياع حقوق مصر لمدة أربعين عاماً إضافية، ووصل الموضوع للجمعية العمومية ( البرلمان ) فانتهت إلي رفضه. ومحمد فريد هو رفيق الزعيم مصطفي كامل، شارك معه في تأسيس أول حزب مصري، وهو الحزب الوطني عام 1907، وأنفق علي الحزب وصحفه من ماله الخاص مبالغ هائلة. وقد تولي رئاسة الحزب بعده، وبويع بالرئاسة مدي الحياة. وقاد النضال الوطني ضد الإنجليز، رافعاً شعارات الحزب الوطني المعروفة : الاستقلال التام أو الموت الزؤام، ولا مفاوضة إلا بعد الجلاء. ودخل فريد في خصومة مع الخديو عباس حلمي الثاني، بعد أن تحول من مواجهة الإنجليز للمهادنة معهم، وتسبب هذا في سجنه، وفي السجن جاء مندوب من القصر ليعقد صفقة معه، مؤداها أن يهادن القصر مقابل حريته، لكنه رفض، وانتهي أمره إلي الخروج من مصر، والبقاء خارجها حتي وفاته عام 1919 إنني أدعو اللجنة التاريخية بالمجلس الأعلي للثقافة لعقد مؤتمر حول محمد فريد، وأدعو دار الكتب إلي إعادة إصدار مؤلفاته وأوراقه، كما أدعو المركز القومي للسينما لتقديم فيلم تسجيلي عنه، وأدعو الثقافة الجماهيرية ووزارة الشباب لتنظيم محاضرات وندوات حول الزعيم ونضاله لنقدم لهم نموذجاً عظيماً للوطنية.