لماذا ضعف المسلمون، علي مستوي العالم، حتي تسلط عليهم عدوهم بل واحتل بعض بلادهم، هل وصل المسلمون إلي الحال الذي وصفه رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم لأصحابه بأنه يوشك أن تداعي عليكم الأمم من كل أفق كما تداعي الأكلة علي قصعتها، فرد أصحابه: أمن قلة يومئذٍ؟ قال: أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع الله المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن. قال أصحابه: وما الوهن؟ قال: حب الحياة، وكراهية الموت، المسلمون في العصر الحالي يدركون أنهم كثرة، وبالملايين ولكنهم لا يعلمون أنهم غثاء كغثاء السيل، وأنهم بأنفسهم جعلوا الأمة الإسلامية رهينة للغرباء يتصرفون في مصيرها كيفما يشاءون، مع أنهم في كل صلاة يطيلون الدعاء، والعالم لا يحترم إلا الأقوياء، الذين يستطيعون انتزاع حقوقهم، فالغرب يتعامل وفق مصالحه، ووفق ما يراه مناسبا لتحقيق هذه المصالح، كما يتعامل وفق منطق القوة، الغرب يتحدث منذ سنوات عن الفوضي الخلاقة، وعن شرق أوسط جديد، ونحن نسمع ولا نعي، هم يتحدثون ويتحركون بمنطق الفعل، ودائما نحن العرب نتغني بأننا الضحية، وكذا المسلمون في كثير من أنحاء العالم، يتحدثون بنفس المنطق، ودائما ما كنت أسأل نفسي لماذا يحدث هذا مع المسلمين رغم وعد الله لهم بالنصر، إلي أن وجدت الإجابة علي لسان الشيخ الشعراوي عندما سأله أحد المستشرقين في سان فرانسيسكو: هل كل ما في قرآنكم صحيح؟ فأجاب الشيخ بالتأكيد نعم، فعاود المستشرق السؤال: لماذا إذن جعل للكافرين عليكم سبيلا؟ رغم قوله تعالي: »ولن يجعل الله للكافرين علي المؤمنين سبيلا»، فأجاب الشيخ: لأننا مسلمون ولسنا مؤمنين، فسأل المستشرق: وما الفرق بين المؤمنين والمسلمين؟، فرد الشيخ الشعراوي: المسلمون اليوم يؤدون جميع شعائر الإسلام من صلاة وزكاة وحج وصوم رمضان، إلخ من العبادات، ولكنهم في شقاءٍ تام، شقاء علمي واقتصادي واجتماعي وعسكري، فسأله المستشرق لماذا إذن هم في شقاء؟، أجاب الشعراوي: القرآن الكريم أوضح ذلك، لأن المسلمين لم يرتقوا إلي مرحلة المؤمنين، فلو كانوا مؤمنين حقاً لنصرهم الله، بدليل قوله تعالي: وكان حقاً علينا نصر المؤمنين، لو كانوا مؤمنين لأصبحوا أكثر شأناً بين الأمم والشعوب، بدليل قوله تعالي: »ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين»، هم مسلمون ولكنهم لم يرتقوا إلي مرحلة المؤمنين، قال تعالي: »وما كان أكثرهم مؤمنين»، فالله تعالي ربط النصر والغلبة والسيطرة ورقي الحال بالمؤمنين وليس بالمسلمين.