أكبر حركة للمحافظين صدرت الخميس الماضي لتشمل تعيين 22 محافظا جديدا و18 نائبا للمحافظين.. حركة بهذا الحجم كانت ضرورة ملحة في إطار التغيير الكبير الذي تقف مصر علي أعتابه مع بداية الفترة الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي.. تغييرا يحتاج لمسئولين ذوي مواصفات خاصة ولعل أهمية تلك الحركة تظهر في التكليفات التي أعلنها الرئيس للمحافظين بعد أدائهم اليمين الدستورية ومنها بذل أقصي الجهد لخدمة المواطنين وتلبية احتياجاتهم.. واستغلال الميزات التنافسية في كل محافظة وتحويلها إلي فرص استثمارية.. وتطوير المحافظة ومواردها وتحسين مستوي المعيشة بها.. والاستماع إلي مشاكل المواطنين، والتواصل المستمر معهم، ووضع حلول مبتكرة للمشاكل.. وطالبهم بتطوير أداء الجهاز الإداري للدولة، وتنمية مهارات العاملين ومحاسبة المهملين والفاسدين. وضبط الأسعار ومكافحة الغلاء وضبط المرافق الداخلية وإشراك المواطنين في القرارات المهمة بمحافظاتهم و من أهم ما قاله الرئيس للمحافظين في الاجتماع أن مصر تنتظر الكثير من الجهد والعمل الجماعي والتفاني لمواصلة التنمية والبناء وهو الأمر الذي يتطلب الطاقة الإيجابية والقدرة علي تحقيق الإنجازات وبث الأمل في نفوس المواطنين. ولعل الكلمات الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي خاصة بث الأمل في نفوس المواطنين تلخص المرحلة الجديدة التي يجب أن يدرك أبعادها المحافظون الجديد والمستمرون في مناصبهم.. وان يكون معلوما أن تكليفات الرئيس ليست مجرد تكليفات إنما أسلوب ومنهج عمل يتم محاسبتهم علي أساسه.. ولعلها تكون دافعا لبدء مرحلة جديدة للحكم المحلي بمصر.. مرحلة يدرك كل محافظ أنه رئيس جمهورية محافظته.. يسعي لتطويرها وتنمية شعبها تماشيا مع كافة الخطوات التنموية الهائلة التي تشهدها مصر.. ويدركون كما قال الرئيس أن بناء الإنسان المصري هو الهدف الرئيسي للمرحلة الحالية وأهم أسس هذا البناء استعادة ثقة المواطن في نفسه أولا ووطنه ثانيا.. وهذا يتحقق بعدة وسائل مهمة يجب ان تكون في مقدمة أولويات المحافظين أولها ترسيخ أسس العدل والمساواة.. ونبذ المنافقين.. والقرب الشديد من المواطن وإشعاره بأهميته ومكانته.. فليبتعد المحافظون عن المكاتب وبطانة السوء التي تحجبهم عن المواطنين.. وتحجب عنهم الحقيقة وتحاول إيهامهم أن كله تمام وهو افضل من تولي هذا المنصب.. إلتحام المحافظين بمواطنيهم والغوص مباشرة في عمق مشاكلهم له مفعول السحر في استعادة الثقة في الدولة كلها.. لا نريد مسئولين يسكنون أبراجا عاجية.. انما مسئولون يتصببون عرقا في الشارع وسط الناس.. ينحنون بتواضع وتفاعل أيضا مع مشاكل الناس وهمومهم.. يجعلون شعارهم توفير تعليم متميز ورعاية طبية جيدة وبيئة نظيفة ومياه نقية وغذاء صحي سليم ومراكز شباب وأندية فاعلة شعارها تنمية واكتشاف المواهب وملء الفراغ الذي يفرغ شبابا مشوها عاطلا ناقما بل متطرف أيضا أن يدرك المحافظ أن دوره إعادة اكتشاف محافظته من جديد وإزاحة الستار عن كنوزها وتسهيل مهمة كل من يسعي لاستغلال تلك الكنوز بقرارات قوية تزيل كل العراقيل التي لا معني لها.. بعيدا عن الأيدي المرتعشة والقدرة علي اتخاذ القرارات والبعد كل البعد عن الروتين والبيروقراطية. أن يضع كل محافظ خطة للتجول في ربوع محافظته باعتبارها مهمة قومية تبث روح الانتماء لدي البسطاء وما أكثرهم.. بالطبع لن يستطيع المحافظ تنفيذ كل هذا بمفرده.. إنما من خلال معاونين أكفاء والكفاءة فقط معيار اختيارهم.. وبث روح العمل الجماعي لدي جميع المسئولين.. ومعها شعار لا مفر منه ألا وهو مكافحة الفساد.. والفساد هنا ليس تلقي الرشاوي فقط.. لكن تعطيل مصالح الناس هو الفساد الأكبر.. والإهمال والتراخي في حقوقهم من الكبائر.. وإذلال البسطاء وسوء معاملتهم والتضييق عليهم ومضايقتهم جريمة لا تدانيها جريمة. المحافظ الحقيقي الذي تحتاجه مصر الآن هو من يشعر بالمصريين وهمومهم وآمالاهم وآلامهم.. فإما ان يكون كل واحد منهم هو هذا المحافظ الحقيقي او إبعاده فورا ودون انتظار حركة تغييرات لمحاسبته.. فالمحافظ الحقيقي كلمة السر والمفتاح السحري لمستقبل مصر.