من هنا عبر محمد وعيسي هنا سالت دماء عبدالله وبطرس وهنا رفع علي وجرجس علم مصر أتحدث عن الضفة الشرقية للقناة، والعبور إلي سيناء يوم أن انتصر الجيش المصري علي العدو الإسرائيلي الغادر الذي كان يحتل أراضينا. قفزت هذه الصورة والذكري التي حدثت منذ 44سنة، وأنا أشهد العبور الجديد للضفة الشرقية من تحت الأرض وتحت الماء، وفوق الأرض وفوق الماء.. بعد أن نجحت الهيئة الهندسية والشركات المدنية في حفر 4 أنفاق تحت القناة، وكوبريين عائمين فوق مياه القناة.. لتسهيل العبور من وإلي سيناء. كان عبور القناة في 73 ملحمة، والعبور الجديد في 2017 أيضا ملحمة، العبور الأول كان في 6ساعات، وكانت كل التقارير والتحليلات العسكرية تقول إنه مستحيل العبور.. أما عبور 2017، فطبقا للمقاييس العالمية فإن حفر الأنفاق الأربعة يستغرق ما بين 4 أو 5 سنوات، إلا أن المصريين حفروها في سنة ونصف السنة، وسيتم تشغيلها بكامل طاقتها في 30 يونيو 2018، كما أمر الرئيس السيسي. وكما أبي الرئيس الشهيد أنور السادات أن يكون أجنبي واحد مساهما في حرب عبور 73، فعلها أيضا الرئيس السيسي في تحدي عبور 2017، فكل العاملين في مشروعات الحفر شركات وسواعد مصرية 100٪، وحفرها أبناء وأحفاد محمد وعيسي وعبدالله وبطرس. وأثناء معركة التحدي في حفر أنفاق العبور بجهد وعرق المصريين، تدور رحي معركة تطهير سيناء من دنس الإرهابيين.. ومع المعركتين يعلن الرئيس عن أكبر مشروع تنموي شامل لسيناء يتكلف 100مليار جنيه. • • • الملحمة الوطنية التي تجري علي أرض سيناء تحتاج إلي مجلدات لتكتب عنها، كي تعرف الأجيال القادمة ماذا فعل المصريون لهذه البقعة الغالية في وطننا الغالي. سنوات طويلة لم تأخذ سيناء حقها من الاهتمام والتنمية.. وأعقبتها شهور عجاف استولي فيها الإخوان علي حكم مصر، وبدلا من أن ينمّوا سيناء أو يفكروا في حفر أنفاق تربط الضفتين الغربيةوالشرقية للقناة، تواطأوا مع الأعداء لتكون الأنفاق بين غزة ورفح المصرية، وبدلا من أن يعملوا علي نقل العِدد والمؤن والسلع الغذائية لأهل سيناء والعمل علي توظيف أهالينا في سيناء، اتفقوا واشتركوا - مع سبق الإصرار والترصد - علي دخول الإرهابيين وتوطينهم في سيناء، وعلي دخول الأسلحة التي تقتل المصريين، وأن يتم سرقة قوت المصريين ووقودهم وتهريبه إلي غزة. والآن تتحمل القيادة السياسية والشعب المصري جراء أخطاء الماضي.. ولكن ليس بالكلام ولكن بالجهد والعرق، كما قال الرئيس السيسي. • • • جسور وأنفاق ومشروعات التنمية في سيناء ليست رسالة طمأنة وأمل للمصريين، ولكنها رسالة لكل من تسوِّل له نفسه أن يطمع في سيناء، فهي ليست رملا وجبالا، ولكنها جزء من جسد مصر.. والرئيس قالها صراحة: لو اقتضي الأمر أن نموت جميعا ولا أن يقترب أحد من أراضينا.. ونحن مستعدون للتضحية بأنفسنا بداية مني أنا، ولا تُمس مصر.. ولن يستطيع أحد أن يمس أرض مصر أو شعبها. • • • الإعجاز ليس في حفر الأنفاق ولا في مد الجسور ولا في تعمير سيناء، ولكن الإعجاز أن مشروعات التنمية تجري علي قدم وساق في كل شبر وكل بقعة علي أرض مصر، من أسوان والإسكندرية ومرسي مطروح والشرق والغرب والصعيد وبحري، وفي كل المجالات، الطاقة والإسكان والأمن الغذائي، وتحديث أسلحتنا وتنويعها والتدريب علي أعلي مستوي، وتأمين الجبهة الداخلية والخارجية، والنجاحات المتواصلة داخليا وخارجيا، لا الإرهاب يهددنا، ولا قرارات أمريكا ترهبنا، ولا ألاعيب قطر تعرقلنا، ولا مؤامرات تركيا تؤثر فينا. أمريكا المتغطرسة هزمناها دبلوماسيا في الأممالمتحدة، فلم تجرؤ صحافتها أن تصفنا بأننا أعداؤها، واكتفت بأن تقول »نيويورك تايمز» إن مصر »حليف فظيع».. نعم سنكون في منتهي »الفظاعة» إذا حادت أمريكا عن الحق، فالقيادة السياسية المصرية قالت إنها تمارس السياسة بشرف.. وما فعلته مصر وتفعله هو ترجمة حقيقية للشرف الذي لا تعرف معناه الإدارة الأمريكية. فإذا كانت مصر فظيعة لأنها تنحاز للشعب الفلسطيني، والقضية الفلسطينية، فهذا شرف. وإذا كانت مصر فظيعة لأنها ترفض الغطرسة الأمريكية وانحيازها للمحتل الإسرائيلي، فهذا شرف. وإذا كانت مصر فظيعة لأنها تدافع عن حقها في إدارة شئونها الداخلية، ولا تسمح لأمريكا أو لغيرها بالمساس بالقرار المصري، فهذا شرف أيضاً. نحن لا نعتدي علي أحد.. ولن نسمح بأن يعتدي أحد علينا. نحن لا نتدخل في شئون أحد.. ولن نسمح بأن يتدخل أحد في شئوننا. نحن لا نلوي ذراع أحد.. ولن نسمح لأحد بأن يلوي ذراعنا. نحن نتعامل بشرف.. ولا نسمح لأحد بأن يجعلنا غير شرفاء حتي لو وُصفنا »بالفظعاء». آخر كلمة بسم الله الرحمن الرحيم { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَي اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ } صدق الله العظيم