أرجو أن نكون جادين هذه المرة بعد سنوات من الفشل المتكرر في التعامل مع مشكلة النظافة في القاهرة. هذا الفشل الذي كاد يجعل من أكوام الزبالة أحد المعالم الثابتة التي تخفي سحر واحدة من أجمل مدن الدنيا وتفسد متعة العيش فيها. مع نهاية الأسبوع تعود أجهزةالنظافة بمحافظة القاهرة لتولي مسئولياتها في استعادة وجه القاهرة الجميل. يبدأ العمل من حي »المعادي» حيث ينتهي عقد الشركة التي قيل إنها أجنبية تمهيداً لانتهاء عقود باقي الأحياء مع نهاية العام، لتخضع القاهرة كلها لمنظومة نظافة مكتملة.. أو هكذا نرجو! ولعل التجربة الأليمة التي مررنا بها في هذا المجال ولانزال، تكون قد علمتنا أن نتعامل مع قضية النظافة بالاهتمام الواجب.. ليس فقط باعتبارها محوراً أساسياً في قضية السياحة، ولكن وقبل أي شيء باعتبارها ضرورة حياة يستحقها كل مواطن في هذا البلد، وصمام أمان من أمراض نهشت أكباد المصريين وحملت الدولة والمواطنين ما لا طاقة لهم به في علاج أمراض كان يمكن أن تكون النظافة هي الوقاية منها لو بذلنا بعض الجهد وزرعنا الكثير من الوعي. جهد محافظة القاهرة كما أعلنت يتركز علي التعامل مع مشكلة »الزبالة» وهي مشكلة أساسية بلاشك سيكون النجاح في الخلاص منها إنجازاً حقيقياً. لكن بعض الجهد الإضافي قد ينجح في تطوير المهمة لتكون أشمل. فما هي المشكلة في أن تصاحب الحملة للتعامل مع »الزبالة» حملة موازية في نفس الحي من جانب وزارة الصحة لضمان نظافة المقاهي والمطاعم والمحلات، واللياقة الصحية لكل العاملين فيها؟ ولماذا لا نفكر في أن يرافق ذلك تطبيق برامج صارمة للنظافة في المدارس واستعادة ما كانت المدرسة تغرسه في نفوس الأطفال في زمن مضي بأن »النظافة من الإيمان» وتطبيق ذلك علي الواقع.. علماً بأن الأمر لا يتعلق بالغني والفقر. ولقد نشأنا في بيوت بسيطة لكنها كانت عنواناً للنظافة، ولم يكن ممكنا أن نذهب إلي مدارسنا »الحكومية» بقميص متسخ أو بحذاء لا يلمع! ثم.. لماذا لا نبدأ في نشر التجربة بالتوازي في كل المحافظات. نختار حياً في كل مدينة نكرر فيه تجربة »المعادي» ثم ننقلها إلي باقي الأحياء واحداً بعد الآخر؟ أي أموال تنفق في ذلك ستعود علينا بأضعاف أضعافها. وأي جهد سيبذل لن يضيع سدي. المهم أن نكون جادين، وأن تتوحد الجهود لإنجاح التجربة. وأن نعمل بروح تؤمن أن الإنسان الذي يعرف قيمة النظافة سوف يرفض كل مظاهر القبح من حوله، ولن يتعايش مع عنف أو فساد أو رشوة أو إرهاب أو... زبالة!!