- قدري أن تعمل في خدمتي شغالة من إثيوبيا بالدولار.. فاكتشفت أنني بعد تعويم الجنيه أدفع لها كل معاشي الذي أتقاضاه عن خدمة خمسين عاما في بلاط صاحبة الجلالة.. لكم أن تتصوروا حصاد السنين أدفعه لشغالة.. صحيح أن المضطر يركب الصعب بعد أن أصبحت أنا وزوجتي في مرحلة تحتاج إلي الخدمة اليومية.. - وللحق أن تشغيل شغالة أجنبية لم يعد من باب الفشخرة لكنه أصبح من باب الاحتياج لأن البنت المصرية »تتأفف» من العمل شغالة.. ويصعب عليك أن تجدها لأنها تحب التنطيط في إشارات المرور وهي تمد يدها، وإذا سألتها لماذا لا تعملين في بيت يسترك من الشارع و»تاكلي وتشربي وتلبسي وتاخدي فلوس».. تعطيك ظهرها لأنها سعيدة بالتنطيط في إشارة المرور عن العمل في بيت فيه سيدي وستي مع أن الألقاب تغيرت الآن وأصبح رجل البيت يلقب »بمستر» وست البيت »بالمدام».. ومع ذلك أصبحت » الشحاتة » في إشارات المرور أو علي أبواب الجوامع أهم بكثير عند البنات والستات والأطفال لأنهم يعرفون عن المصريين الطيبة والضعف الإنساني.. - من يومين فاجأتني الشغالة الإثيوبية بطلب علاوة فهززت لها رأسي وأنا في داخلي دهشة، فهي تتقاضي شهريا خمسة آلاف جنيه وأنا صاحب البيت لا استمتع بمعاشي، مع أنها تراني كل ليلة أنا وزوجتي ونحن نعيد حساباتنا ونصرخ من ارتفاع الأسعار.. بصراحة هذا المشهد جعلني اختلي بنفسي وأفكر طويلا في حالة إصرارها أو هروبها وإن كنت أعلم أن عائلات كثيرة علي استعداد أن يدفعوا لها أكثر مني.. المصيبة أن الذين يدفعون أي راتب تطلبه الشغالة الأجنبية لا أخلاق لهم.. لأنهم يعرفون أنها هربانة من بيت مصري ولا يهمهم معرفة كيف دخلت هذه الشغالة البلاد مع أنهم علي علم بأنها هربانة من الكفيل التي دخلت البلاد علي اسمه ومع ذلك يفتحون لها صدورهم ويعطونها الراتب الذي تطلبه حتي ولو وصل إلي 400 دولار في الشهر ولو أن وزارة الداخلية أو القوي العاملة وضع كل منهما ضوابط لعمل الشغالات الأجانب وأصبح هناك شرط بأن تحمل ترخيصا بالعمل لأصبحت كل أسرة ملزمة بالإخطار عن شغالتها وهنا سوف تختفي ظاهرة هروب الشغالات.. - السؤال هنا.. لماذا لا تستفيد البنت المصرية بمرتب الشغالة الأجنبية الذي يصل ما بين 4000 و5000 جنيه، لكن ماذا تقول » للفقر والعنطزة » يوم أن ترفض أن تعمل » شغالة » حتي »مديرة البيت» وللأسف تفضل الشحاتة عن العمل في البيت تحت أي مسمي.. كلمة حق أقولها إن المصرية أفضل من الأجنبية التي كانت سببا في تلف أعصاب زوجتي.. فقد كان الغباء وعدم الفهم وصعوبة اللغة عند الأجنبية من أسباب مرض زوجتي.. أنا شخصيا أعتبر زوجتي بطلة لأنها تتحمل ضغوطا نفسية بسبب الخسائر التي تحققها الشغالة من تكسير الفازات التي لها ذكريات عندها والصيني الذي لا يخرج إلا في المناسبات لقيمته التاريخية.. ومع ذلك تسكت وتلتزم الصمت أمام هذه الخسائر.. لذلك أدعو الجمعيات النسائية والتي تتبني قضية الفتيات المتخلفات عن مسيرة التعليم برفع ثقافتهن لتقبل العمل كمديرات في المنازل.. لأنهن أحق من الأجنبية بهذا الراتب.. أتذكر أن زوجتي أيام ما كانت في بيت والدها قبل زواجنا كان تاجر الزبدة يستبدل الشغالات لهم وكأنه يستبدل » أقماع » الزبدة وكان مرتب البنت الشغالة في الشهر خمسة جنيهات وتسافر بلدها في الأعياد وقد لا تعود بعد أن ظهر عليها التغيير في الشكل والمظهر فسرعان ما يعلن أهلها عن خطبتها فيأتي تاجر الزبدة ومعه ثلاث بنات غيرها لتختار حماتي واحدة جديدة من الثلاث.. طبعا هذا الزمن اختفي تماما ولا أعرف سببا لرفض البنت المصرية للعمل الآن في البيوت.