لاشك أن ارتفاع نسبة الزيادة السكانية في مصر عاما بعد آخر باتت تشكل أحد أهم المعوقات التى تعانى منها البلاد منذ سنوات كونها تلتهم النمو الناتج عن أى تحسن فى الإقتصاد فما بالك اذا كان هذا الاقتصاد شبه منهار ويعانى من مشكلات عديدة تراكمت عبر السنين وبدأ ينتفض لعلاج وتصويب الأخطاء المتراكمة ويعمل على اقامة مشروعات تنموية عملاقة وزيادة الاستثمارات الأجنبية لتمويل الخطط الاقتصادية الطموحة للدولة المصرية لعلاج الديون المتراكمة والخلل فى ميزان المدفوعات وارتفاع نسبة التضخم وغلاء الأسعار الذى يؤثر بالسلب على مستوى معيشة المواطنين وبالتالى زيادة نسبة الفقراء حيث لايختلف أحد من الخبراءعلى أن هذا النوع من النمو السكاني الجنوني يمثل تحديا حقيقيا لأي دولة في العالم وبصفة خاصة لمصر . وأرى أن كل الشواهد تبين أن الحكومة لاتعمل بشكل كاف فى مجال مجابهة خطر الزيادة السكانية كما يحدث فى دول العالم الأخرى خاصة بعد حالة الاستقرار السياسى التى عادت للبلاد ولابد معها من العودة لتفعيل الخطط الطموحة لمجابهة هذه المشكلة التى تكاد أن تكون قد توقفت منذ ثورة يناير 2011 فالواقع يؤكد زيادة عدد السكان في مصر بسرعة غريبة فقد قفز من حوالي 66 مليون نسمة مع بداية القرن الحالى إلى أكثر من 92 مليون في مطلع عام 2017 حيث يؤكد الخبراء أنه اذا استمرت معدلات الولادات الحالية على هذا النحو فإنه من المتوقع أن يصل التعداد السكاني للبلاد إلى 150 مليون نسمة مع حلول عام2050خاصة وأن معدل النمو السكانى فى مصر ينمو بنسبة 2.4٪ أى أسرع بكثير من معظم البلدان النامية الأخرى . ومن الغريب أنه على الرغم من الضغوط الاجتماعية الرهيبة وتزايد معدل الفقر وتراجع مستوى معيشة المواطن المصرى الا أنه مازال متمسكا بتقاليد بالية عفا عليها الزمن وهى العزوة والتى تعنى أن كثرة الأطفال هى دفئ للاسرة وزيادة فى الدخل رغم ندرة فرص العمل علاوة على ميراثه الاجتماعى عن الأب والجد فى انجاب كثير من الأطفال دون النظر الى تكلفة هذا الطفل منذ ميلاده من انفاق على تغذيته وتعليمه وملبسه وصحته وغير ذلك من نفقات ضرورية ليصبح مواطن نافع لاسرته ووطنه. وأعتقد أن من الواجب على الحكومة الحالية والحكومات المستقبلية التى تعانى من نقص الغذاء وشح المياه العمل بكافة الطرق لمواجهة الزيادة السكانية وابتكار خطط جديدة للتوعية بأهمية الحد من المواليد والاكتفاء بمولود واحد أواثنين خاصة فى الريف والصعيد والعودة الى ماكان متبعا فى السبعينات بتبنى إستراتيجية قوية لتنظيم الأسرة والتى آتت ثمارها فبعد أن كانت نسبة زيادة المواليد 3.5% فى السبعينيات تراجعت إلى 1.7% مع بداية عام 2000 وخفت هذه الجهود أمام صعود صوت التيار الدينى من السلفيين والاخوان الذين يحرمون تحديد النسل لكن وبعد تفاقم المشكلة لابد هنا من التنسيق المستمر بين الوزارات المعنية مثل المالية والصحة والاوقاف والمحافظات المختلفة في إطار من التعاون للعودة الى معدل معقول للمواليد حتى تشعر الأجيال القادمة بميزة نسبية فى تحسن مستوى المعيشة.