لم نتعاطف نحن أبناء شعوب الدول العربية مع الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما وهو يدلي بخطابه الأخير في مدينة شيكاغو الخميس الماضي مودعا فيه الشعب الأمريكى والعالم وهو يزرف الدموع من عينيه والتى لا نعرف ان كانت حزنا على مغادرته مقعد رئيس أكبر دولة فى العالم أم على فشله فى الاحتفاظ لبلاده بمكانتها ومصداقيتها الدولية واشعال الحروب فى الدول العربية ويكفيه فشله فى تحقيق أى تقدم فى عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وهو الذى وعد باقمة سلام عادل بين الشعبين علاوة على ماتركه من حطام الشرق الأوسط وأوروبا المتعبة وفشله أمام الدب الروسى ليترك مقعده ودولته متقزمة فى المنطقة بعد فشل الولاياتالمتحدة فى غزوها الشامل للعراق وتركها للفوضى والدمار وميلاد عصابات الارهاب الداعشية ليس فى العراق وحدها بل فى سوريا وليبيا ودول المنطقة وزد على ذلك ما فعلته قواته التي قتلت مئات الأبرياء في أفغانستان وسورية والعراق. وعلينا أن نتأمل ما بين خطاب أوباما في جامعة القاهرة في بداية يونيو عام 2009 وخطابه الأخير ومرور ثمانى سنوات من حكمه شهد العالم خلالها أحداثًا كثيرة وتحولات سياسية واقتصادية متعددة لنلاحظ أن الصورة لم تعد وردية كما كنا نأمل وأن الآمال العريضة التى تطلعنا اليها لم تتحقق على يديه فى مشارق الأرض ومغاربها لكن الواقع أنه يترك منصبه والصورة تبدو قاتمة ومأساوية في كثير من أرجاء العالم وبصورة خاصة فى منطقتنا العربية. ويبدو أن أوباما الذى حيا المصريين والعرب والمسلمين خلال كلمته بجامعة القاهرة وقتها بتحية الاسلام قائلا " السلام عليكم " ليلهب أكف الحاضرين بالتصفيق داعب أحلام الناس ودغدغ مشاعرهم ودفعهم ليحلموا بمرحلة جديدة ربما فاقت كل التوقعات بشأنها لكنه لم يفعل لهم شيئا بل على العكس بعثر كل الأوراق وسار على طريق أسلافه فى سياسة محكومة بتوازنات السلطة وحسابات المصالح والتى لايمكن للرئيس أن يغيرها وحده . وحقيقة كان خطاب اوباما الأخير مؤثرا على مؤيديه وخاصة عندما انهمرت دموع الوفاء على خده وهو يشكر زوجته واسرته الذين قدموا الكثير من التضحيات بسبب توليه الرئاسة لفترتين وانما أيضا لانه أراد فى حديثه أن يتحدث عن مارآه هو ايجابيات ويتباهى بإنجازاته الشخصية والسياسية لكنه نحى جانبا الحديث عن سلبيات ثمانية سنوات من حكمه ومنها أنه لم يحقق بعض وعوده مثل اغلاق معتقل جوانتانامو في القاعدة الامريكية في كوبا الذي يشكل وصمة عار أخرى في التاريخ الأمريكي ولم يوقف الاستيطان الإسرائيلي في فلسطينالمحتلة ولم ينجح في تحقيق حل الدولتين علاوة على اشعال الحروب الأهلية ووضع بذور ثمار تقسيم دول المنطقة الى دويلات وها هو يغادر البيت الأبيض خلال أيام قليلة تاركا أميركا أكثر انقساما مما كانت عليه عندما تسلم قيادتها والعالم أكثر توترا وإحباطًا بل وأن الرئيس المغادر لا بد أن يشعر بغصة لأنه لا يسلم الرئاسة إلى حليفته الديمقراطية هيلاري كلينتون بل إلى خصمه اللدود دونالد ترامب الذي أعلن على الملأ أنه يريد محو إرثه .