رغم ما تردد عن أن الانقلاب الذي قيل انه كان يستهدف نظام أردوغان الاستبدادي كان من صنعه هو نفسه.. فإن المسرحية مازالت مستمرة. لتحقيق هدفه في تصفية كل الأصوات المستهدفة المعارضة. علي هذا الأساس فإن كل التطورات تؤكد أن هذا الانقلاب لم يكن سوي خدمة لتطلعات هذا الأردوغان الساعي لأن يكون الحاكم الأوحد المقدس الأبدي في تركيا. لوثة هذا الانقلاب مازالت متحكمة في تحركات واجراءات هذا النظام وتتعاظم يوما بعد يوم وهو ما أدي إلي انقسام واهتزاز واستقرار الدولة التركية. هذه الاستراتيجية السياسية تجسدت في اتخاذ قرارات وإجراءات جديدة تقضي بفصل آلاف الأتراك من وظائفهم في كل الأجهزة الحكومية بتهمة الانتماء أو التعاطف مع حركة المعارض »جولن» الذي أنكر صلته كلية بهذا الانقلاب. انعكست هذه السياسة الخرقاء علي أحوال تركيا خاصة الاقتصادية متمثلة في الأزمة التي أصبحت تعيشها حاليا مسجلة تراجع معدلات النمو وانخفاض قيمة الليرة التركية وانحصار السياحة بنسب كبيرة. كما هو معروف فإن النهضة الاقتصادية التي كانت وراء ازدهارها ورخائها - وفقا لرؤيا المتخصصين- لم تكن سوي حصيلة جهود الأنظمة التركية الحاكمة علي مدي سنوات. ليجيء أردوغان ويجني ثمارها بعد وصوله إلي الحكم. من ناحية أخري امتدت هذه الأزمة إلي الأوضاع الأمنية لتتصاعد أعمال العنف والإرهاب التي راح ضحيتها المئات من بينهم سياح أجانب. كان آخر هذه الحوادث عملية اطلاق النار في الملهي الليلي ليلة رأس السنة حيث بلغت الحصيلة 39 قتيلا وعشرات الجرحي من بينهم 11 قتيلا من السياح الأجانب والعرب.. ليس من توصيف لما تشهده تركيا سوي أنه تأكيد للمثل الذي يقول »وانقلب السحر علي الساحر». هذا المعني جسده تبني أردوغان بالتحالف مع قطر للعمليات الإرهابية في سورياوالعراق وليبيا بالتمويل والتسليح والرعاية لخدمة تطلعاته وأطماعه العثمانية المجنونة. ولأن التطرف والإرهاب لا مبادئ ولا دين لهما ولا صاحب فقد انقلب علي أردوغان.. مدمرا لآماله ومخططاته ليذوق من نفس الكأس التي أراد ان يسقيها لغيره من الدول العربية. أجبرته تداعيات هذا التخبط والفشل والتآمر الذي لحق به وأصاب بلده إلي أن يجد نفسه مجبرا للدخول في حرب مع الإرهاب والعمل في نفس الوقت لإنهاء خلافاته مع من كان يتآمر عليهم ومنهم العراقوسوريا. جاء ذلك من خلال التودد والتقارب مع دول المعسكر المناوئ متمثلا في روسيا وإيران. وإذا كانت مصر الحضارة والتسامح الساعية لخير وسلام شعوب العالم خاصة العربية والإسلامية فإنها وعلي ضوء معاناتها من تصرفات أردوغان.. اراد الله لها ان تكون منزهة تماما من الشعور بأي شماتة في هذا الوضع الذي أصبح عليه. هذا الشعور يأتي انطلاقا من علاقات الروابط والصداقة التاريخية التي تربطها بالشعب التركي البريء من تحمل نتائج جرائم أردوغان ضد الدولة المصرية. كان ومازال من ركائز هذه التصرفات المتمثلة في دعم ومساندة حكم الإرهاب الإخواني الذي سعي إلي دمار وخراب مصر. إنه وفي هذا الإطار تعمد ويصر علي الوقوف ضد إرادة الشعب المصري الذي أطاح بهذا الحكم الظلامي لانقاذ وطنه وتراثه وتاريخه. تعبيرا عن هذا التوجه الإجرامي الذي يعبر عن الحقد والإحباط الأردوغاني لما حققه الشعب المصري دفاعا عن مقدراته.. فتح أردوغان أبواب تركيا لاستقبال الرموز الإخوانية الهاربة مقدما لها الإيواء والدعم المالي واللوجستي الذي ضاع وأصبح كله »فاشوش». ليس من تعليق علي هذه التطورات سوي القول الكريم »إن ربك لبالمرصاد» وسبحانه وتعالي القادر علي أن يرد الظلم إلي صاحبه.