ليس عندي أدني شك في وجود مؤامرة دولية تهدف إلي إعادة تقسيم الوطن العربي علي أساس طائفي وعشائري لضمان استمرار التبعية وللسيطرة علي خيرات المنطقة، وما حدث خلال السنوات الأخيرة وأسماه البعض بالربيع العربي ما هو إلا لعبة أدارها الغرب بامتياز حتي تصدي الشعب المصري وجيشه الباسل لهذه اللعبة وأنهاها في30 يونيه 2013 ولكن هذه القوي المعادية لم تعلن استسلامها بعد، ومازالت حتي الآن تحاول إتمام خطتها وزج المنطقة إلي حرب شيعية سنية، وفي كتابه »البندقية وغصن الزيتون» كشف الصحفي البريطاني ديفيد هيرست عن خطة تحويل سورياوالعراق ولبنان إلي دويلات طائفية وعرقية، وقال بالحرف الواحد »إن عملية إضعاف هذه الدول عسكريا تمثل هدفا قصير المدي ولسوف تنقسم سوريا إلي عدة دويلات علي أساس خطوط بينها العرقية والطائفية، ونتيجة لذلك تقوم دويلة علوية، كما سيكون إقليم حلب دويلة سنية، وبينهما دويلة شيعية، أما العراق ففيه كل أنواع المواجهات الداخلية وسوف ينقسم إلي ثلاث دول أو أكثر، فثمة دويلة للاكراد وأخري للسنة وثالثة للشيعة» وقد أردت نقل النص حرفيا لأضعه نصب أعين هؤلاء الذين يرفضون فكرة المؤامرة الخارجية علي الوطن العربي ويؤكدون أن هذه الفكرة مجرد ادعاء من الأنظمة الحاكمة وفزاعة للشعوب العربية، وأعتقد ان كل من لا يري مؤامرة فيما فعله الغرب في المنطقة بداية من القرن الماضي حيث وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو، وانتهاء بما يحدث الآن فهو لا يفرق بين التمرة والجمرة، وربما تناسي البعض كتاب شيمون بيريز »الشرق الأوسط الجديد» الذي نشره في أوائل التسعينات من القرن الماضي حيث عرض تصوره لنظام إقليمي جديد في ضوء السلام مع اسرائيل وذلك لضمان تحقيق الأمن والازدهار الاقتصادي للمنطقة، والذي يجب أن يعتمد علي التعاون المثمر بين دول المنطقة، وقد تحدث بيريز عن المخاطر التي تهدد الشرق الأوسط في القرن القادم - الذي نعيشه الان - معتبرا أن نقص المياه هو أكبر خطر سيهدد المنطقة بأكملها وسيدفع كل سكانها إلي التعاون وليس عجيبا أن يأتي اليوم الذي تجد فيه العرب يحاربون جنبا إلي جنب مع إسرائيل في معركة من أجل المياة،والحقيقة ان دعوات الغرب لإعادة تقسيم المنطقة إلي كيانات عرقية ودينية وقبلية قد طرحت علانية في أكثر من مناسبة وقد ورد ذلك في عام 2006 علي لسان وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كونداليزا رايس عندما تحدثت عن ولادة الشرق الأوسط الجديد عقب حالة عامة ستحدث في المنطقة ابتداء من 2010 وأطلقت علي هذه الحالة اسم »الفوضي الخلاقة» وأذكر أن لقاء تليفزيونيا علي شاشة قناة المحور للصحفي الراحل محمود فوزي في برنامجه »حوار علي نار هادئة» والذي استضاف فيه السيد عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية وقتها ولما سأل عن المحاضرة التي ألقتها رايس وكيف أن عمرو موسي قد رد عليها وهاجمها فقال الرجل بالحرف الواحد »أن ما تقوله كونداليزا رايس لن يتحقق لعدم فهمها طبيعة المنطقة، فهي تتحدث عن ثورات في العالم العربي ابتداء من 2010 وهذا لن يحدث» ولكنه حدث، وبدأ الأمر بتونس ثم انتقل إلي مصر وليبيا واليمن وسوريا، وها هي خطة التقسيم تسير بإيقاع سريع فعلي أرض الواقع ظهرت دول جديدة وسيتم الاعتراف بها دوليا في أقرب وقت، فالعراق الان ليست دولة واحدة وكذلك سوريا واليمن وليبيا وثمة دولة وليدة نطلق عليها داعش بينما يطلق عليها الغرب تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، هذا التنظيم الذي خلق فجأة في 2013 وأصبح يسيطر علي مناطق عدة في سورياوالعراق ثم امتد إلي دول مختلفة وليس عجبا أن نري هؤلاء يحاربون بأسلحة أمريكية حديثة، فكيف أتت إليهم، والسؤال الان: تري من المستفيد من جراء ما يحدث في المنطقة؟ والجواب الذي لا أجد غيره يكمن في الغرب إلي جانب اسرائيل، فالغرب قد ضمن البقاء لسنوات طويلة داخل الأراضي العربية لإعادة تعمير المنطقة بعقود طويلة الأجل لشركاتهم، أما إسرائيل فقد ضمنت استقرارها التام في ظل ضعف جيوش المواجهة، عدا الجيش المصري ومن ثم تظل مصر صوب الاعين للزج بها في مشكلات إقليمية وربما في حروب يحاول البعض فرضها علينا كي نحارب عنه بالوكالة، ولأن قادتنا يعلمون مخاطر ذلك فقد رفضوا تماما هذا الامر، فجيشنا لن يحارب بالوكالة عن أحد، والهدف العام لهؤلاء الآن هو إضعاف قوة جيشنا الذي يزداد صلابة وقوة خاصة بعدما تعددت وتنوعت مصادر السلاح والتدريب، وإذا كانت قناة الجزيرة وغيرها تشن حربا علي جيشنا بمساعدة الطابور الخامس وبعض الذين يسمون انفسهم بالنشطاء فإننا نقول لهم اقرأوا التاريخ لتعلموا ان نهاية المغول كانت علي يد جيش مصر وكذلك الحملات الصليبية فنحن خير جند الارض كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم.