بداية تتجه الأرض نتيجة علاقاتها الكونية مع الشمس للدخول في دورة جديدة من البرودة وينتظر سكان العالم موجات من الجفاف والفيضانات الكاسحة والعواصف الشديدة والصقيع وأنواء الثلج وتواجه منطقتنا المناخية ذبذبة وتطرف حراري بين فصلي الشتاء والصيف وتغير في قوة المنخفضات الجوية المتعمقة مع سوء حالة الطقس وكمية الأمطار المصاحبة بدرجة السيول مع التقارب التكراري في زمن الحدوث. تذكرنا سيول أكتوبر 2016 بسيول نوفمبر 1994 ويناير 2010 وغيرها التي ضربت مناطق واسعة في البلاد والنكبة في التعدي علي مخرات السيول والبناء في حرمها والأنكي فشل الأجهزة المحلية بالمحافظات في التعامل مع آثارها المدمرة في ظل غياب الاستراتيجية العامة لإدارة الكوارث الناتجة عن السيول وموقف تدخل القوات المسلحة الدائم بخبرتها وإمكانياتها في السيطرة والإخلاء لتقليل الخسائر. ويفترض أن مخرات السيول تمثل نهايات الأودية الجبلية في طريقها للتخلص من فائض الأمطار بالمجاري المائية وأنها من ثوابت التخطيط العمراني ويجب حماية حرمها من التعديات وصيانة مجراها وتقوية جوانب مساراتها داخل الكتلة السكنية وقبل ذلك منع وتجريم البناء فيها ولكن الشاهد بالمحافظات خروج هذه المخرات عن وظيفتها الرئيسية. ويجب الحذر مع دخول منحني الخطر نتيجة لتغير المناخ العالمي أن منطقتي المعادي وحلوان ستواجه السيول الجارفة بالنسبة لمحافظة القاهرة مثل رأس غارب بمحافظة البحر الأحمر وغيرها من المدن في الآونة الأخيرة. تلقي مجري النيل مياه السيول وما جرفته معها من مكامن المناطق الجبلية في الجنوب الشرقي من البلاد نتيجة سوء الأحوال الجوية والتي ربما تعوض النهر عن الطمي الذي يحتجزه السد العالي وما يسببه للأراضي المروية من الحرمان في محاولة من الطبيعة لتخفيف الآثار البيئية التي طالت الأرض والزراعات وعلي خلفية ذلك يستعيد النهر والسكان علي جانبيه فاصلا قصيرا يختزل من مشهد الفيضان الأعظم قبل عقبة السد المياه المختلطة بالروبة وألوانها القاتمة. والعجيب اعتماد مراكز كثيرة للأبحات في مصر علي برامج التنبؤ بسقوط الأمطار من حيث الكمية والزمن وكذلك نظرية الإدارة بالأزمات ولكن الوضع يؤكد الفشل في الربط بين المعطيات والنتائج والموقف الفعلي بالمناطق العمرانية المعرضة لكوارث السيول وكذلك لدينا خريطة معتمدة لمخرات السيول وأخري للأودية الخطرة في الجبال ولكن هناك تجمعات عمرانية كثيرة استوطنت وسط هذه المواقع المهددة بقدوم السيول بحجة أنها قد تغيب عنها لسنين طويلة ولكنها تعود لتضربها في مقتل. علاوة علي الاستراتيجية القومية لمواجهة كوارث السيول من شعبة البيئة بالمجالس القومية المتخصصة (2010). ولدينا العديد من الأكواد الهندسية والبيئية التي تضاهي مثيلتها في البلدان المتقدمة ولكن ينقصنا دولاب فني وإداري لا مركزي مؤهل للوقاية قبل العلاج واتخاذ القرار في الفعل وليس رد الفعل فالطبيعة لا يستهان بها ولا نستطيع قهرها ولكن التعامل معها بالعلم والإدارة بالأزمات ومنها دراسة التجمعات العمرانية القائمة وفي الظهير الصحراوي بمناطق السيول والمقارنة بين حمايتها في مواقعها الحالية أم تفريغها من وظيفتها مع الأخذ في الاعتبار التكلفة الاقتصادية للمشروع وأنها ليست نقاطا حصينة في الجيوش. أصاب الذعر سكان القاهرة وغيرها من زيادة مستوي العكارة في مياه النيل بصورة مخيفة وانصرفوا عن خطورة تلوثها بالعناصر الثقيلة من صرف المصانع فيها بدون معالجة. وكما نشرت مواقع التواصل الاجتماعي حوادث السيول في نهاية أكتوبر 2016 بالبحر الأحمر وسيناء ومحافظات جنوب الصعيد فقد تداولت مخاوف من فشل محطات إنتاج مياه الشرب علي مواجهة أحمال الطمي بالمياه والتي تفوق قدرتها في عمليات التنقية الأمر الذي يتطلب إنشاء هيئة قومية لإدارة كوارث السيول.