كنت واحدا ممن تابعوا نشأة الاتحاد الأوروبي.. عندما خرجت الفكرة من واحد من أبناء قرية فرنسية أسمها »الكونياك» لتكبر وتتضخم حتي كان اللقاء بين أديناور زعيم ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب وظهور أديناور ووزير اقتصاده إيرهارد الذي استطاع أن ينشئ أكبر اقتصاد في قلب أوروبا ويستفيد من الدعم الأمريكي لأوروبا. وفي يناير 1950 راح أديناور لزيارة الزعيم الفرنسي الجنرال ديجول في الإليزيه رغم مابين الدولتين من حساسيات إلا أن أفكار الزعماء كانت أقوي وبدأت الفكرة تكبر حتي تخطت الدولتين إلي إيطاليا ثم هولندابلجيكا ولكسمبورج.. ووضعوا في مارس من سنة 1957 أسس اتفاقية الحديد والفحم بمعني أنهم يريدون أن يستخدموا المواد التي كانت تنتج آلات الحرب لتنتج آلة التقدم الصناعي ل »أوروبا» راحت دول أخري تنضم إليها حتي أصبحت 12 دولة.. ورغم أن هذه الدول كانت مختلفة الأعراق لكنها راحت تضم إليها أو تنضم إليها دول أخري حتي أصبحت إحدي وعشرين دولة من دول أوروبا الغربية.. هنا راحت هذه الدول تتوسع في انضمامها إلي الوحدة الزراعية ثم المجتمع الأوروبي وانتهت إلي توقيع اتفاقية »ماستريخت» للحريات الأربع وبذلك ألغت أوروبا الحدود بينها أما ماستريخت فهي مدينة صغيرة في جنوبهولندا استطاعت أن تكسر كل القيود بين أبناء أوروبا.. والتي لحقت بها اتفاقية »الشينجن» وشينجن هذه.. التأشيرة الموحدة لأي دولة داخل أوروبا.. وشينجن ذاتها هي »ميدان» في قلب لكسمبورج قريب جدا من البرلمان الأوروبي وكانت المملكة المتحدة ذاتها واحدة من الدول التي انضمت إلي أوروبا في سنة 1971 إذ تقدمت بطلب الانضمام متأخرة جدا. • وقلت وقتها إن الاختلاف في الشعوب والاختلاف في القوميات لن يسمح لهذه الوحدة الأوروبية أن تدوم.. أما الشخصية البريطانية فهي تختلف اختلافا كبيرا عن شخصية وسط وجنوب أوروبا حتي في داخل المملكة المتحدة ذاتها فاختلاف الإنجليز مع اختلاف شخصية أبناء اسكتلندا وويلز.. شيء لا ينبئ بالاتفاق ولا حتي مع شمال أيرلندا (اليستر) التي ماتزال بعيدة كل البعد عن هذا كله.. وتصوري أن السر الأكبر وراء خروج إنجلترا من عباءة الاتحاد الأوروبي هو أن الإنجليز يتصورون أنهم بذاتهم شخصية اقتصادية وسياسية مستقلة ليست في حاجة إلي عباءة الاتحاد الأوروبي لأنهم أساسا منفصلون عن الأرض الأوروبية التي تجمع الآخرين..!