كنت أتمني أن يحرص الموسيقار هاني مهنا رئيس الاتحاد العام للنقابات الفنية على أن تكون المطربة الكبيرة نجاة ضمن كبار الفنانين الذين جرى تكريمهم فى عيد الفن بعد عودته من جديد وبحضور الرئيس عدلى منصور والمشير السيسى وكبار رجال الدولة ليس من المهم أن تحضر نجاة أو بعض الكبار ، لايجب أن يقترن التكريم بالحضور ولأن نمارس ضغوطا على بعضهم أو بعضهن " كما حدث مع الفنانة الكبيرة نادية لطفى " ليظهرن بعد فترة غياب واحتجاب تبدلت فيها الملامح وترك الزمن أثاره ونال المرض منهن ، ليسوا كلهن فى شجاعة القديرة فاتن حمامة التى لم تتردد فى الحضور ولم يشغلها أن يراها البعض بعد سنوات من الغياب كنت أتمنى أن يستثنى قرار حضور الاحتفال بعض الكبار الذين حالت ظروفهم دون الحضور والذين يرفضون الظهور لأسباب تتعلق برغبتهم فى الحفاظ على صورتهم القديمة فى عيون معجبيهم ، تتوارى بعضهن عن الظهور وتحتجب فى بيتها وتنزوى أو تخرج متخفية حتى لاتبدد هذه الصورة أو تسمع من يقولون " معقولة ؟ هل هذه فلانة ؟ شوفوا الزمن عمل فيها ايه " كانت الفنانة الكبيرة ليلى مراد قد اعتزلت الفن قبل رحيلها بسنوات طويلة واختارت أن تتوارى عن العيون ليحتفظ الجمهور بصورتها وهى فى أوج تألقها واقتصرت علاقتها بكثير من الموسيقيين الكبار والكتاب على التليفون وكانت تخرج متخفية ، تضع نظارة سوداء تخفى ملامحها ، لكن فى احدى المرات تعرف عليها الناس من صوتها وسألوها فلم تستطع أن تنكر نفسها ، تستحق نجاة ان نحتفى بها وهى لاتزال بيننا فما جدوى التكريم اذا جاء فى غير وقته ، يستحق هذا الصوت الحالم الذى دخل قلوبنا بلا استئذان ان نكرم صاحبته بقدر ما أمتعتنا على مدى سنوات وبقدر اخلاصها لفنها فقد عرفت بأنها شديدة الدقة التى تصل لحد الوسوسة كما عرفت بانها " سيدة الصمت الأولى " فليست من محبى الظهور الاعلامى ولم تكن تمنح ثقتها لاحد بسهولة ، لم يكن طريقها الى النجاح والشهرة ممهدا ولا مفروشا بالورود فقد ظهرت فى عصر ازدهار غنائى وسط أصوات العمالقة الكبار من أم كلثوم لعبد الوهاب لليلى مراد لشادية لصبا ح وفايزة أحمد وعبد الحليم وغيرهم كان والدها الخطاط حسنى البابا قد التفت الى موهبتها الصوتية فعهد الى شقيقها عزالدين حسنى لتدريبا على أداء أغنيات أم كلثوم وبرعت الصغيرة بشكل كبير وكتب الاديب فكرى أباظة عنها " أنها الصغيرة التى تحتاج الى رعاية حتى يشتد عودها وفى حاجة الى عناية حتى تكبر " كانت نجاة محظوظة بظهورها وسط كبار الشعراء والموسيقيين وحينما كتب لها الشاعر الكبير مأمون الشناوى أغنية " اوصفوا لى الحب " من تلحين محمود الشريف كان ذلك بمثابة ميلاد لموهبة كبيرة أعتبرها النقاد " خليفة أم كلثوم " وحين صافح صوتها ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب فى " كل ده كان ليه " التى غناها عبد الوهاب بعد ذلك ثم " لاتكذبى " التى بث فيها الشاعر القدير كامل الشناوى قصة حبه لها ثم ساكن قصادى التى كتبها المبدع حسين السيد فى شكل درامى يتصاعد فيه الحدث من البداية للنهاية وحققت نجاحا كبيرا دفع بعبد الحليم حافظ لان يطلب من حسين السيد أن يكتب له أغنية درامية مماثلة فكانت " فاتت جنبنا " شاركت نجاة فى بطولة سبعة أفلام بدات ب" هدية " وانتهت " جفت الدموع " لكننى أنحاز بشكل كبير لفيلم " الشموع السوداء " الذى لعبت بطولته أمام المايسترو صالح سليم لان مخرجه الفنان عزالدين ذو الفقار استطاع أن يقدم بطليه فى أروع صورة ظلت علاقة نجاة وشقيقتها سعاد حسنى يشوبها قدر من الغموض وربما هى حساسية المنافسة بعد أن لحقت سعاد بنجاة وتفجرت موهبتها الفنية ، لكن رحيل سعاد بهذا الشكل المآساوى تسبب فى صدمة لنجاة التى انسحبت بهدوء عام 2003 بعد آخر أغنياتها " اطمن " للموسيقار صلاح الشرنوبى أتمنى ان تقوم نقابة الموسيقيين بتكريم مبدعيها الكبار وأن تقيم مسابقة للاصوات باسم نجاة وغيرها من كبار المبدعين ليس من المهم أن تكون نجاة فى القاهرة أو تقيم فى لندن أو أنها تحجبت ونقلت اقامتها الى المدينةالمنورة المهم أنها لاتزال بيننا وأنها سوف تسعد بأن هناك من يقدر عطائها ويتذكرها وأنها لم تدخل الى دهاليز التجاهل والنسيان وما أقسى ذلك على الفنان . هذا الشبل لعله الان يشعر بسعادة وهو يرى ابنه المصور الشاب يفوز بعد ثلاث سنوات من عمله الصحفى بجائزة الكبيرين مصطفى وعلى امين فى التصوير الصحفى، ويأتى فوز كريم مواكبا لذكرى رحيل والده الفنان الكبير فاروق ابراهيم صاحب أجمل اللقطات والانفرادات الصحفية والمصور الخاص لأم كلثوم والرئيس السادات والذى تعيش على صوره لعبد الحليم حافظ كافة الصحف والمجلات العربية والمصرية والذى عرفته عن قرب منذ أكثر من عشرين عاما ورأيت مدى حبه لعمله وتفانيه فيه وتواضعه الكبير وبساطته الشديدة مع الصغار قبل الكبار ولازلت أحتفظ فى ذهنى بصورته فى الأيام الأخيرة قبل رحيله حين كان يحمل كاميراته فى وقت مبكر من صباح الجمعة وكنت التقيه أثناء دخولى مبنى أخبار اليوم فأجده جالسا فى استعلامات المبنى ينتظر محررا صغيرا وحين أسأله لماذا جئت مبكرا ا يقول لى من أجل الذهاب ا لميدان التحرير لمتابعة الأحداث الساخنة كان هذا اثناء صورة يناير 2011 ،وقد رأيت كريم وهو لايزال صغيرا ورأيته شابا يرفض التفريط فى كاميرا والده ثم يختار أن يسير على دربه ولا أنسى حين نشر اسمه " كريم فاروق " على أحد صوره فاذا به يغضب ويكاد يبكى ويقول لن أتنازل عن نشر اسمى الثلاثى كريم فاروق ابراهيم ، وقد حقق كريم خبطات صحفية فى وقت قصى مؤكدا مقولة "هذا الشبل من ذاك الأسد " ألف مبروك لأبننا كريم ورحم الله فاروق ابراهيم