سعوديات يرفضن الزواج بالقوَّة «زواج عتريس من فؤادة باطل» ذلك الهتاف الجماهيري الذي أطلقه أهل إحدى القرى المصرية في فيلم «شيء من الخوف»، الذي أنتج في ستينيات القرن الماضي، لم يكن إلا إقراراً شرعياً بعدم تزويج الفتاة رغماً عنها؛ ومؤخراً لجأت خمس فتيات من مختلف مناطق السعودية إلى القضاء لفسخ عقد الزواج؛ لأنه حصل بالقوة.«سيِّدتي نت» استطلعت آراء السعوديين والسعوديات والمختصين في هذه القضية التي أثارت الكثير من الجدل في الشارع السعودي. تربط الناشطة الاجتماعية والحقوقية «إنعام العصفور» بين الزواج بالقوة والعضل، رافضة كلا الأمرين، ومعتبرة ذلك نوعاً من أنواع التجارة بالبشر، وعن ذلك تقول: «إذا كان العضل هو منع الفتاة من الزواج طمعاً في راتبها مثلاً، فإن الأمر يتساوى مع تزويجها رغماً عنها، وإذا كان بسببه لجأ عدد من الفتيات إلى المحاكم لمحاولة الحصول على حقهن، فإن من حق الفتاة أن تذهب إلى المحكمة لمنع تزويجها بالقوة أيضاً، والفكرة السائدة لدى الكثيرين تتلخص في أن الفتاة ليس لها رأي، وتأتي مسؤولية الدولة في سن قوانين واضحة وصريحة تضمن لهؤلاء الفتيات قوانين لا تترك مجالاً للأحكام الهوائية». فيما ترى سيدة الأعمال السعودية فاطمة أبو زيد، أن فتاة اليوم تعرف حقها في الحياة أكثر من الماضي، وليس معنى أن خمس فتيات تقدمن بقضايا اتهام لأولياء أمورهن بتزويجهن بالقوة، أن هذا الأمر يعتبر ظاهرة في المجتمع السعودي». وتؤكد «أ.م» أن الزواج بالقوة ناتج عن أمرين، أحدهما هو ضبط الفتاة بمكالمة هاتفية مع أحد الشباب، أو ظهور أمر ما على سلوكها، ولي صديقة حدث لها هذا، فما كان من أخيها إلا أن قبل أول خاطب لها فوراً وأمرها بالزواج منه، والنتيجة أنها عادت مطلقة إلى بيت أهلها بعد أقل من 6 أشهر على زواجها.. صمتت «أ.م»، وتبعت: "في بيتنا 6 صكوك طلاق، فالمأذون في كل حالة زواج لم يسأل أياً منا عن موافقتها أو رفضها للزواج». من حقها يجد الإعلامي حسين الحربي أن من حق المرأة أن لا تجبر على التزويج بالقوة من إنسان لا تريده وإلا بطل الزواج، والإسلام شرع للفتاة التي تم تزويجها بالقوة أن تتجه للقضاء إذا انعدمت الحلول وأغلقت الأبواب في وجهها. ويتعجب الناشط الاجتماعي المهندس منير العوامي من هذا الأمر، في القرن الحادي والعشرين، ومع انتشار الوعي والثقافة الأسرية ومعرفة حقوق وواجبات كل طرف فيها، فوسائل الإعلام ومراكز الدراسات تطالعنا بحالات تزويج للفتيات بالقوة وإكراه الفتاة؛ بالزواج من شخص تم اتفاق الأهل على تزويجها له من دون أخذ موافقتها، بل مع معارضة صاحبة الشأن والقرار الأول، ومن دون استشارتها، بحجة معرفة الأهل بمصلحة البنت أو لمصلحة تعود على العائلة من مثل هذه الزيجات. النجيمي: عقد الزواج بالقوة فاسد الدكتور محمد بن يحيى النجيمي، رئيس قسم الدراسات المدنية بكلية الملك فهد الأمنية في الرياض، والأستاذ في المعهد العالي للقضاء، وعضو بمجمع الفقه الإسلامي، يطالب بعدم تزويج البنت رغماً عنها أو بالقوة، ويقول: لا يجوز شرعاً؛ لأن الرضا شرط لعقد الزواج، ويعتبر من شروط الصحة، كما ورد في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: «لا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا إِذْنُهَا؟ قَالَ: السّكُوتُ». ويضيف النجيمي: «أي إنسان يزوج ابنته من دون رضاها فالعقد فاسد وينبغي تصحيحه؛ إما بإجازتها وموافقتها أو فسخ العقد، أمَّا بالنسبة لولي الأمر الذي يزوّج ابنته بالقوة رغماً عنها، فهو بهذا التصرف لا يصلح للولاية، وتنقل الولاية لمن يليه في الولاية، أو يزوجها القاضي». وعن رأي الشرع الإسلامي في قضية الفتاة التي تذهب إلى القاضي، يقول الشيخ النجيمي: «يرحب بفعلها، فهذا من حقها شرعاً، فهي ذهبت تشتكي، وهذا من حقها». محمد السنيدي: الشرع والقانون حرَّما تزويج البنت بالقوة اتفق المحامي والمستشار القانوني محمد السنيدي مع ما قاله الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- حين قال: «هاتوا لي بمثل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وهاتوا لي بمثل أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها»، القانون يحترم الشرع، والشرع في بعض المسائل فيه اختلاف، وإذا وصل إلى حد الاختلاف يجب أن يوقف، ولولي الأمر أن يقيد المباح لمصلحة الأمة. وهناك في بعض مناطق المملكة، حين تولد البنت يقول الأب لأحد أقاربه: «هديت لك ابنتي»، ولا يزال بعض الناس ممن يتبعون مذهب الإمام أحمد بن حنبل يجيزون هذا، وهذا الاتجاه لا يتوافق مع الواقع، وحياة الناس اليوم».