الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة يكشف فى حواره مع «الوطن «كيفية صدور دستور دون أن يحدد موقف نائب رئيس الجمهورية، وما دلالات ذلك فى الفترة الحالية ومستقبلاً. ■ ما دلالة عدم وجود مادة فى الدستور لنائب الرئيس؟ - لم ينص الدستور فى أى من مواده على كلمة نائب الرئيس، فى حالة تمرير المسودة الحالية للدستور الجديد، وفور نفاذه سيكون المستشار محمود مكى نائب رئيس الجمهورية ليس له وجود داخل رئاسة الجمهورية إلا إن عيّنه الرئيس فى منصب آخر سواء داخل الرئاسة أو خارجها. ■ هل يستطيع مرسى تعيين نائب له فى المستقبل؟ - لا يستطيع ذلك إذا نفذ الدستور الجديد، ويمكنه أن يعين نائباً فى حالة واحدة هى إجراء تعديل دستورى يتضمن وجود نائب لرئيس الجمهورية إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة الرئيس لاختصاصاته، هذه هى الحالة الوحيدة التى يمكن فيها إيجاد منصب نائب الرئيس. ■ وماذا سيفعل الرئيس فى حالة وجود مانع يحول بينه وبين مباشرة اختصاصاته؟ - مسودة الدستور الجديد قالت إنه فى هذه الحالة يحل محله رئيس مجلس الوزراء، وفى حالة خلو منصبه للاستقالة أو الوفاة أو العجز الدائم عن العمل أو لأى سبب آخر، يعلن مجلس النواب خلو المنصب ويخطر المفوضية الوطنية للانتخابات، ويباشر رئيس مجلس النواب مؤقتاً سلطات رئيس الجمهورية، وهو أمر غريب أن تتحول اختصاصات الرئيس إلى رئيس الوزراء فى حال وجود أى طارئ فى ظل وجود شخص يجلس بجانب مكتبه على مقعد النائب، حتى وإن كان لا يوجد له نص دستورى يحدد موقعه وصلاحياته.مرسى يمكنه أن يعين نائباً له بعد إقرار الدستور فى حالة واحدة هى إجراء تعديل دستورى ■ إذن لماذا عيّن مرسى نائباً له من البداية إن كان سيلغيه فى الدستور الجديد؟ - الرئيس كان ملتفاً حول الثوار عندما قام بتعيين المستشار محمود مكى نائباً له، لسمعته الطيبة وباعتباره أحد المنادين باستقلال القضاء منذ الثمانينات، وبالفعل كسب مرسى ثقة الثوار وظهر لهم أنه رئيس ديمقراطى، ولكن بعدما تمكن من السلطة وفى أول تجربة ديمقراطية حقيقية، ظهر لهم بصورته الحقيقية، التى تؤكد أنه كاره للديمقراطية والحرية. ■ هل كان هناك عوار فى دستور 1971؟ - نعم هناك أوجه عوار كثيرة بين نصوصه وتمت معالجتها بالإعلان الدستورى الذى أصدره المجلس العسكرى فى مارس 2011 واستفتى عليه الشعب. ■ وفى مسودة الدستور الجديد؟ - الدستور الجديد خرج على ما يسمى بالطبيعة الدستورية وما به من قواعد تتعامل مع حالات غير محددة وغير محصورة فى المستقبل، بمعنى أنه مثلاً فى الجزئية الخاصة بالعزل السياسى، والتى جاءت لتتحدى حكماً قضائياً بعدم دستورية هذا القانون لأن تطبيقه كان شمولياً لكل من كان تابعاً للحزب الوطنى الديمقراطى أو نائباً عنه فى البرلمان، دون أن ينص على ثبوت فساده بحكم قضائى نهائى، فقامت مسودة الدستور الجديد بإضفاء الشرعية على الانتهاك الدستورى، الذى يتنافى مع مبادئ المسودة نفسها التى تؤكد على أن الشعب مصدر السلطات وعلى الديمقراطية والحرية والمساواة والكرامة، وحق المواطن فى ممارسة حقوقه السياسية، لأنها هنا استثنت جزءًا من الشعب بغرض الانتقام وتصفية الخصوم. ■ وماذا أيضاًً؟ - أطاحت مسودة الدستور الجديدة ب 8 أعضاء من المحكمة الدستورية العليا انتقاماً منها أو من أعضاء بعينهم، القانون الذى سيضعه هو أم مجلس النواب القادم والذى ستكون الغالبية فيه لجماعة الإخوان المسلمين. ■ وماذا عن صلاحيات الرئيس فى المسودة الجديدة؟ - المسودة الجديدة حصنت الرئيس من المساءلة السياسية مثل دستور 71، وعندما قالت إنه يحاسب جنائياً، قالت فى ذلك «يكون اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب جناية أو بالخيانة العظمى؛ بناءً على طلب موقّع من ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقل؛ ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس»، وهو الأمر الذى يعد من رابع المستحيلات!. ■ وماذا أيضاًً؟ - رئيس الجمهورية يعين جميع رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بالدولة، وستكون الإجابة طبعاً «سمعا وطاعة!»، وهو ما يؤكد أن جميع الصحف والقنوات المستقلة سوف تنسف قبل انتهاء الفترة الانتقالية. ■ وما رأيك فى تسليم الرئيس مجلس الشورى سلطة التشريع عقب انتهاء الاستفتاء على الدستور الجديد؟ - أنا عن نفسى أفضل حالياً انفراد الرئيس بسلطة التشريع فى ظل عدم وجود مجلس شعب، لأنه منتخب بنسبة 51%، ويكون بذلك أكثر شرعية من مجلس الشورى المنتخب بنسبة 6% فقط. ■ هل هناك تحصينات أخرى للرئيس بالدستور؟ - نعم، هناك الأهم وهى المادة 236 والتى جاءت آخر مادة فى مشروع الدستور أكثر تحصيناً للرئيس وقراراته التى شملها الإعلان الدستورى الأخير، حيث قالت إنه «تلغى جميع الإعلانات الدستورية الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية منذ الحادى عشر من فبراير سنة 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور، ويبقى نافذاً ما ترتب عليها من آثار فى الفترة السابقة»، ومعناها أن جميع قراراته السابقة والإعلانات الدستورية نافذة لا رجعة فيها.