كشفت أزمة النائب العام مع الرئاسة.. أن مؤسسة الرئاسة تعبث بمقدَّرات هذا الشعب وثورته. وأن الرئيس محمد مرسى ليس على مستوى إدارة البلاد. وأن مستشارى الرئيس ليسوا على مستوى المنصب والحدث. وأن الشفافية غائبة. وإن غابت الشفافية.. ساد الفساد. فمؤسسة الرئاسة ما زالت على فسادها. ولعل الروايات التى خرجت عن إقالة أو استقالة أو قبول النائب العام منصب سفير مصر فى الفاتيكان.. تفضح الحالة التى تسير عليها الرئاسة. إنها تخبط. إنها عبث. وقِسْ على ذلك قرارات كثيرة تُتّخذ يمكن أن نعرف بعضها.. وأغلبيتها لا نعرف عنها شيئا. لم يتعلم الرئيس محمد مرسى من الإهانة التى وضعه فيها مستشاروه من داخل القصر وخارجه فى قضية إصدار قرار عودة مجلس الشعب المنحل، ليدخل فى خصومة مع المحكمة الدستورية.. التى حافظت على استقلالها ورفضت قرار رئيس الجمهورية وأصرت على حكمها الذى يعتمد على مرجعية القانون والدستور.. فى حين كان قرار مرسى يعتمد على عشوائية وفتاوى «مستشارى السوء»! ويستمر الرئيس فى إهانة نفسه وإهانة منصب رئيس الجمهورية المنتخب بعد ثورة عظيمة كان مقدَّرًا لها أن تنقل البلاد إلى مصافّ الدول المتقدمة التى تحترم الحريات وتُعلِى من شأنها وأن تكون دولة ديمقراطية.. وأن يشترك الشعب فى كتابة دستوره لا أن تتغول جماعة أو تيار فى السيطرة والحرص بكل ما يملكون، على أن يكونوا الأغلبية لتحديد المسار والمصير لمستقبل هذا البلد.. وبجره إلى الخلف بطرح قضايا انتهت منذ زمن.. وفرض قيود على الحريات فى أمور كنا نظن أن النقاش فيها انتهى، بعد أن جرى أخذها من نظام مستبد فاسد بنضال استمر سنوات من أجل الحصول على تلك الحريات. ويستمر الرئيس فى إهانة نفسه وإهانة منصب رئيس الجمهورية المنتخَب.. بالتعدى مرة أخرى على القضاء بموقفه من النائب العام.. وتخرج جماعته التى فى السلطة وصاحبة القرار لتعلن تأييدها له فى مظاهرات.. وتعتدى على مظاهرات المعارضة التى خرجت لكشف حساب الرئيس فى المئة يوم التى وعد بها منذ أن تَسلّم السلطة. هل فيه جماعة أو حزب فى السلطة وهى صاحبة القرارات.. تخرج فى مظاهرات؟! إنها البلطجة.. إنه العبث الذى تُدار به مؤسسة الرئاسة الآن. وبعد أن انكشف ما دار فى أزمة النائب العام.. وعدم شفافية مستشارى الرئيس الذين أداروا الأزمة.. وكانوا أصحاب القرار ولم يكشفوا عن التهديدات التى وجهوها إلى النائب العام «للتخلى» عن منصبه، وتولِّى أى منصب آخر مثل سفير مصر لدى الفاتيكان، والتى وصلت إلى التذكير بما حدث مع المستشار السنهورى عام 1954 بدخول الجماهير عليه فى مكتبه بمجلس الدولة وضربه.. فهل كان مستشارو الرئيس يريدون دخول الجماهير مكتب النائب العام والاعتداء عليه؟ وهل كان الرئيس محمد مرسى يريد ذلك؟! ومع هذا لم تخرج الرئاسة وتعتذر على لسان أىٍّ ممن فيها «على اللى جرى» وإنما سارت على سياسة اللف والدوران.. وهى السياسة «العقيمة» التى كان يتبعها النظام السابق.. ولكن بإخراجٍ أفضل مما عليه الرئاسة ومستشاروها الآن! إذا غابت الشفافية.. فأبشروا بفساد أكثر!