ما حدث منذ يوم الجمعة هو ما نَصِفُه دائما بافتقار الأحزاب الإنسانية المدنية فى مصر إلى قيادة ديناميكية.. الجملة دى تبدو عادةً غير مفهومة، أو مجرد جملة من الكلام المجعلص والسلام. عظيم. جا الوقت اللى نقول فيه قصدنا إيه. وباقول فى بداية المقال، المقال دا موجه إلى الزعماء السياسيين اللى دعوا لمظاهرات الجمعة الماضية احتجاجا على الدستور، وعلى نكوص الرئيس فى وعوده بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية، ثم تعرضت الجماهير التى استجابت لدعوتهم لاعتداء من ميليشيات الإخوان الشعبية. يا سادة، يا زعماء، يا كبار! إنتو دعيتو لمظاهرة سلمية من أكتر من أسبوعين، وحددتو يوم 12 أكتوبر موعدا للنزول. جت الجماعة الفاشيّة التى تحكم البلد وأرسلت ميليشياتها الشعبية لتخريب المظاهرة التى لم تكن من الدعاة إليها ولا المشاركين فيها من الأساس. دى مصيبة يا قُوى يا سياسية. مصيبة ماينفعش معاها ترجع بيتكم وتشتكى ولا تكتب تويتات. مصيبة تستدعى إنك تقول للشباب اللى زى الفل، اللى مليان طاقة، اللى غيّر المسار السياسى فى محمد محمود ومجلس الوزرا، ودفع أغلى تمن، إنكم تقولوا له إيدنا فى إيدك دلوقتى نازلين على الميدان لغاية ما نشوف لنا حل مع الجماعة الميليشياوية اللى حاكمة البلد. تصرُّف زى اللى عملته جماعة الإخوان المسلمين برئيسها، بمرشدها، بقادتها الميدانيين، بسلطاتها، ببابا غنوجها، تصرُّف لا يمكن السكوت عليه. دا مش وقت تضييع الجهد والساعات والدقايق فى نقاشات عقيمة مع المدلسين الاستراتيجيين التابعين لها، لا فى الصحافة، ولا على «الفيسبوك»، ولا فى المنتديات. دا وقت قلع القمصان والنزول للشارع. واطلع لى يا طرف يا تالت علشان إحنا عرفناك وكشفناك ولازم نحاسبك. اللغة اللى فوق لغة متعصبة شوية.. طيب خلينى أقول لكم كلام مترتب. السياسة، يا ساسة، هى فن ترتيب الأولويات. مش معقول جماعة بلا خيال ولا إبداع زى جماعة الإخوان المسلمين تضحك عليكم، وتفرض هى محاور النقاش. إنت نازل بمظاهرة علشان الدستور، بوّظت لك غرضك. طيب، الكوتش الكويس، بيعرف يدير المباراة حسب المتغيرات. لأن الإخوان المسلمين ارتكبت خطأ رهيبا، لو أحسنتم الاستفادة منه هتقلبوا الموازين لصالح إقامة دولة ديمقراطية حقيقية، دولة فيها شفافية.. لدينا جريمة مكتملة الأركان من جماعة السلطة ولازم تتحاسب عليها. لو ماعملناش ده، يبقى كل ما هنعترض على حاجة هننضرب، أو كل ما ننوى نعمل تحرك، يطلعوا قرار إعلامى يكذبوا به على الناس، من اللى بيسموه فى السياسة spinning (لف ودوران). هذا وقت الخروج للميادين لإنقاذ مصر. هذا وقت «الطَّرْق على الحديد وهو ساخن». هذا وقت الزعامة السياسية الديناميكية القادرة على اتخاذ القرار السريع. هذا وقت توجيه مشاعر الغضب لدى الناس التى استجابت لكم ونزلت إلى الميادين سياسيا، هذا وقت رد الاعتبار لهم بعدما تعرضوا لاعتداء مواطنين مثلهم ينتمون إلى ميليشيات الجماعة الحاكمة، ولكن من خلال فعل سياسى محسوب. يجب النزول إلى الشارع اليوم، وغدا، وكل يوم. هذا وقت أخذ زمام المبادرة لكى نوجه نحن الأنظار إلى النقاط المستحقة للنقاش، لا إلى حكى المصاطب بين وزير العدل وغيره من موظفى الدولة. وما يستحق النقاش هو هذه الميليشيات التى أرسلتها الجماعة لضرب معارضيها. ما يستحق النقاش هو فى جملة مختصرة «جماعة الإخوان المسلمين، وميليشياتها، ومصادر تمويلها، ووضعها القانونى». إما أن تخضع هذه الجماعة للقانون، وإما أن يطبق عليها القانون وتُحَلّ. لا بد من «تقنين وضع الجماعة الفاشية التى تحكم البلد». فى يوم براءة المتهمين فى موقعة الجمل، يجب أن نتعلم الدرس، وأن لا نكرر خطأ السماح لمن أرسلوا ميليشياتهم لضرب المتظاهرين بالنجاة بفعلهم. يجب أن نضغط ونضغط لكى نعرف مدى مسؤولية عصام العريان الذى كان يوجه الناس من خلال «تويتر»، ومدى مسؤولية محمد البلتاجى الذى انسحبوا بناءً على دعوة منه فى وسائل الإعلام. وطبعا.. مش هننسى الدستور، مهما عملوا هنفضل نحتج على دستور «مفاخذة الصغيرة»، اللى عايزين يحكمونا بيه، وسنظل نذكّر الرئيس بوعده الانتخابى الذى نكص فيه، بإعادة تشكيل «التأسيسية».