كم أنا مقصرة بحق أخى أحمد أبو دومة المحبوس الآن فى أحداث مجلس الوزراء. ويعلم الله أننى غير معذورة فى هذا التقصير، إخص علىّ وعلى وشّى. قد أتحجج بتوالى الأحداث المفجعة، والمقاتل البشعة، والوقت الذى أضعناه ونحن نطارد مجلس الشعب المنتخب لاستلام السلطة من العسكرى الذى لا ينفك يقتلنا حتى أصبح تشييع العرسان من العادات التى لا تتحرك لها مشاعرنا، تحولنا، لم نعد نرهب الموت. بعد اعتقال دومة بأيام قلائل دار الحوار الآتى بينى وبين الناشط إبراهيم فضلون على الهاتف: - أيوه يا نوارة، فيه واد فى القصر العينى محتاجين له دوا.. اكتبى على التويتر خلّى الناس تجيبهوله. - طب يا فضلون.. - بصى هو الواد شكله بيخلص.. بس احنا بنعمل اللى علينا. - طب عموما الدوا حيجيلك.. وبص.. هو الواد حيخلص.. أنا شامة ريحة المسك من الصبح.. لما يخلص كلمنى. - ماشى.. سلام. ترن ترن.. ترن ترن.. - أيوه يا فضلون.. مات مش كده؟ - آه.. البقية فى حياتك. - وحياتك.. سلام. - سلام. أقسم بالله إن هذا هو نص الحوار، وقد ذكرت اسم الناشط ليكون شاهدا يؤيد كلامى. نقف فى شارع منصور: ييييى... الواد عينه طارت.. -طارت خالص؟- آه اتصفت... -طب أنا داخلة الشارع تانى بقى أنت جاى ولا حتشم نفسك من الغاز شوية؟- لا جاى معاكى.. بقيت كويس. إن سامحنا العسكر على الدماء التى أريقت، والأعين التى فقئت، فأنّى لنا أن نسامحه على ما أصابنا به من تبلد تدريجى حتى قال لى مالك مصطفى: أنا خايف على إنسانيتى، ده أنا حتى مش متأثر بإصابتى الشخصية.. كده احنا حنبقى مش بنى آدمين. ولو أن دومة كان حرا طليقا لسافر إلى بورسعيد بمجرد أن شاهد المذبحة على التليفزيون، ولم يكن لينتظر قدوم الجثامين، ولو أن دومة كان حرا طليقا لرأيته فى الصفوف الأمامية فى شارع منصور، ولو أن دومة كان حرا طليقا وكنت أنا المعتقلة لفرش جريدة أمام السجن واعتصم هناك، لو أن أحمد أبو دومة حر طليق لفعل كل ما ذكرت فى ذات الوقت، ولا تعلم من أين يأتى بالطاقة، ولا القدرة النفسية والعصبية لفعل كل ذلك، بل والتنبه لكل شاردة وواردة تحدث فى مصر، بل إنه يعلم ما يدور فى المحافظات، ويسافر إلى بؤرة الأحداث، لا يقصر بحق شهيد، ولا مصاب، ولا يتخلف عن تظاهرة، ولا يفوّت صلاة جنازة، ولا ينسى أصدقاءه، ولا يحتاج إليه قريب أو بعيد إلا وجده. ها هو أبو دومة فى غيابات السجن مظلوما، معذبا، يتعرض لمعاملة لا إنسانية، ويتهم بتهم باطلة، وها أنا، التى كلما احتجته وجدته.. أقصر فى حقه بحجة الأحداث المتوالية والدماء السائلة والإصابات المتتالية، والمصائب المتواترة، وهو الذى لم يترك لى ولا لغيرى المجال للتحجج بضيق الوقت أو تسارع الأحداث. بدأت قضية أبو دومة بتطوع أحد «المواطنين الشرفاء» بالتقدم ببلاغ ظالم وشهادة زور ضد أحمد أبو دومة، المواطن الشريف يدعى هشام الشاذلى (53 سنة)، الله.. أمال فين عبعزيز فهمى عبعزيز رئيس عموم الشهادات الزور فى مصر، والذى شهد زورا على علاء عبد الفتاح، وعلى الشيخ مظهر شاهين، وممدوح حمزة، والفقيرة إلى الله؟ رفتوه؟ آه يا غدارين.. مالكمش أمان. عموما، فلنرحب سويا بالرئيس الجديد لقسم شهادات الزور فى مصر السيد هشام الشاذلى الذى ادّعى على أحمد أبو دومة أنه طلب منه ملء زجاجات فارغة بالبنزين! آه.. طب وحضرتك مين يا كابتن؟ من أنتم؟ وعدم اللا مؤاغزة، 53 سنة.. يعنى، لا مؤاغزة تانى، لا حتحدف طوب، ولا فيك نفس تجرى، ولا تتشعلق، ولا تحدف مولوتوف.. حيسيب الميدان كله ويجيلك أنت يطلب منك مولوتوف ليه؟ ده يدوبك يطلب لك الإسعاف. يقول السيد الرئيس هشام الشاذلى بأنه حين شاهد أبو دومة فى برنامج الحقيقة، لمقدمه وائل الإبراشى، تعرف عليه.. يعنى وقع من على السلم واتخبط فى راسه ورجعت له الذاكرة.. طب وأخبار القط الأسود إيه معاك؟ وكالعادة، فإن دومة تم استدعاؤه على أثر ذلك البلاغ، ومن ضمن الأدلة المقدمة ضد دومة، حديثه فى برنامج الحقيقة، حيث قال بأن قذف الحجارة والمولوتوف على من يطلق علينا الرصاص هو دفاع سلمى مشروع عن النفس. طيب أنا أيضا أقول ذلك، بل والأمم المتحدة تقول ذلك. وإلا فلنعتبر أن انتفاضة الحجارة لم تكن سلمية. وللحديث بقية