فى أول تصريحات رئيس الحكومة الجديدة الائتلافية بين الإخوان وفلول مبارك أنه «لا تهاون مع مسؤول فاسد والقانون سيطبق على الجميع».. وهى مقولة سمعناها كثيرا من حكومات قبل الثورة.. وبعدها.. ومع هذا كان الفساد للركب.. بل ووصل إلى الرأس. وقد تم ضبط وزراء، بل ورؤساء وزراء، متلبسين بالفساد، وهم الذين كانوا يقولون نفس كلام هشام قنديل! ففى السجن الآن متهما بالفساد عاطف عبيد الذى باع شركات القطاع العام مقابل حصوله على عمولات بثمن بخس.. وأيضا فى السجن يوسف والى الذى أهدر الزراعة فى مصر وبدأ فى إهدار أراضى مصر الزراعية بتوزيعها هدايا على المحاسيب.. وأيضا فى السجن محمد إبراهيم سليمان وزير إسكان مبارك الذى كان نموذجا لفساد الوزراء وإفسادهم، ويوزع أراضى الدولة والشاليهات على كبار المسؤولين فى نظام مبارك.. وكل واحد حصل على هديته إما ببلاش وإما بأسعار بخسة ليعيد بيعها بالملايين.. فقد كان رسولا للفساد، فكانت الوزارة مصروفة له يفعل فيها وبها ما يشاء ويحصل على مناقصات الدولة لحساب مكتبه الهندسى الخاص.. حتى لو كان يضع شركاء له من أقاربه فى مكتبه مدعيا بعد ذلك أنه ليس له علاقة بذلك المكتب الهندسى. وأيضا سامح فهمى وزير بترول مبارك فى السجن، بتهم الفساد أيضا، الذى كان يهدر أموال البترول بمزاجه على المحاسيب والموالين ويشترى ذمم بعض الصحفيين، للأسف، ليروجوا له ولمشروعاته واكتشافاته المتكررة والمعادة ليبدو الرجل مُنجِزا.. كما أن أنس الفقى وزير إعلام مبارك وابنه جمال فى السجن أيضا، لا لفساده السياسى الذى كان ضالعا فيه مع أمانة سياسات جمال مبارك وترويجه للتوريث وتزوير إرادة الأمة فى الانتخابات المزورة.. بل أيضا فى إهدار المال العام فى التليفزيون وفساده المالى.. بالإضافة إلى أحمد نظيف رئيس وزراء مبارك الذى تغطى وتلفح بالفساد منذ صعوده إلى رئاسة الوزراء ومن قبلها كان وزيرا فى حكومة عاطف عبيد.. وإذا فُتح تحقيق دقيق فسنجد وزراء كثرا فاسدين سواء كان فى عهد مبارك أو بعض من استمر فى حكومات بعد ذلك. وشاركوا فى إفساد الآخرين.. وتركوا الدولة تُنهَب وتُسلَب أمام أعينهم وهم صامتون، بل وأحيانا مشاركون، وأهدروا المال العام على مشروعات ادعوا أنها كبرى.. وفجأة أصبحت مشروعات.. لا لزوم لها وفاسدة. وكل هؤلاء كانوا موظفين أو كبار موظفين لا يملكون شيئا.. وفجأة بعد أن تولوا مناصبهم الوزارية أصبحوا من أصحاب الفيلات والقصور وأصحاب الأسهم فى الشركات ومن أصحاب الأراضى فى المدن الجديدة والطرق الصحراوية.. ناهيك بالملايين من الأموال فى حسابات البنوك لهم ولأسرهم الذين كانوا لا يملكون من حطام الدنيا شيئا.. بخلاف الأموال والمصوغات التى استطاعوا تهريبها إلى الخارج.. قبل وفى أثناء الثورة.. طبعا جرى ذلك فى غياب الشفافية الذى هو سمة من سمات نظام مبارك ورجال أعماله ووزرائه الفاسدين ولجنة سياسات ابنه. لكن أين الشفافية الآن؟! فليس هناك شفافية فى اختيار حكومة إخوان مرسى برئاسة قنديل.. ولا أحد يعلم حتى الآن لماذا جاؤوا بقنديل! وأيضا هناك كثير من الوزراء الذين يمكن أن تضع علامات استفهام كثيرة عليهم.. فهناك مَن جاء إلى الوزارة من رجال الأعمال وأصحاب المصالح والشركات.. ومن بين زوجاتهم وأبنائهم مشاركون فى شركات ولو كانت شركات للصحافة والنشر.. وأيضا فى هذه الحكومة شركاء فى مكتب هندسى، فمن يفضّ التشابك فى تعارض المصالح بين الوزير أو المسؤول الكبير فى الحكومة وأعماله الخاصة؟ فلا يمكن أن يتم ذلك إلا بالشفافية.. لكن الشفافية اختراع لم يعرفه بعدُ الرئيس مرسى ورئيس حكومته قنديل ووزراؤه.. فكل هؤلاء ما زالوا يتعاملون كأننا فى عهد مبارك.