أصابتنى السعادة فجأة، وهى حدث نادر فى هذه الأيام، والغريبة أن هذه السعادة المباغتة مصدرها خبر موت، وهل نفرح فى الأموات؟! قالت وكالات الأنباء إن وزير الدفاع السورى لقى حتفه فى تفجيرات مبنى الأمن القومى فى دمشق.. مات أحد الطغاة، رغم أنف روسيا والصين وإسرائيل. مات من قتل الآلاف فى وقت ظن فيه البعض أن المدفع والدبابة والطيارة أقوى من إرادة الشعب السورى. لم يتعلم بشار الأسد الدرس من تونس ومصر وليبيا واليمن، اعتقد -كما ظن بعضهم- أن القوة الغاشمة والمصالح الدولية قادران على اغتيال الحلم، فراهن على حصار شعبه وترويعه بالقتل ومنع التصوير، مستنداً إلى «فيتو» من هنا أو هناك.. اعتقد واهماً أن أمن إسرائيل قد يفرض على العالم حماية نظامه المستبد الفاسد، وأن الشعب كما خرج على سجانى البعث سيعود مرة أخرى إلى سجنه راضياً حياً أو ميتاً! لم يتعلم بشار من سابقيه، لم يتأمل ما حدث مع العقيد معمر القذافى، الذى علا صوته عندما أوشك على السقوط، وأن نهايته كانت مفزعة وقاسية، مع أن أى مراقب كان يشك فى أن يثور الشعب الليبى المقموع الذى تم تجريده من كل حقوق الإنسان. كنت أعتقد أن الشاب بشار الأسد سيفهم ما حدث فى العالم العربى، وأن العثرات التى واجهت دول الربيع العربى لا تعنى هزيمة الثورات؛ لأنها عثرات طبيعية لأى مجتمع يخرج من سنوات قمع وظلم وفقر. كانت أمام الأسد فرصة «على عبدالله صالح» فأضاعها، ولم يكن بذكاء «زين العابدين بن على» ليفر بماله وزوجته تاركاً الوطن بما حمل.. وبقى أمامه الآن خياران، أعتقد أنه سيختار أسوأهما، إما أن يكون «مبارك» ويواجه مصيره قضائياً، وإن كان الأمر أصعب بسبب آلاف الشهداء والمصابين، ويبقى خيار «القذافى» هو الأقسى والأصعب والأقرب. فكما نجح الثوار فى الوصول إلى تفجير مقر الأمن القومى فى سوريا وقتل وزير الدفاع، يمكن نجاحهم فى الوصول إلى قصر الرئاسة السورى.. الدم لا يولد إلا دماً، والثأر يعقبه ثأر، ونهاية بشار الأسد أصبحت قريبة، الشعب على أبواب الحرية، لتكتمل منظومة الثورات العربية، التى يمكن أن تعيد تشكيل المنطقة التى ظلت أسيرة الطغيان والاستعمار لقرون طويلة. نعم الأصعب قادم، ومسئولية الشعوب كبيرة، ولكن هكذا دائماً ثمن الحرية، فليت الطغاة يفهمون، ينسحبون ويتركون المستقبل بأيدى الشعوب التى هانت ودانت!