«الاثنان يمثلان صوت الماضى لكن أحدهما يملك لسانا ثوريا، والطرفان أعداء لحركة الشارع وتنوير المجتمع»، بهذه الكلمات وصف المحلل السياسى، الدكتور مصطفى حجازى، رؤية كل من مرشح الإخوان المسلمين، محمد مرسى، والمرشح أحمد شفيق، للثورة التى تمثل المستقبل متوقعا استمرار الصراع السياسى ل5 سنوات قادمة. حجازى رسم، فى حديثه مع «الشروق»، عددا من السيناريوهات المتعلقة بوصول أى من المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، متوقعا أن تكون علاقة شفيق بالعسكر «ناعمة وهادئة»، فيما ستكون حافلة بالصفقات فى حال فوز مرسى، كما توقع أن تظل القوات المسلحة دولة داخل دولة ومتمتعة بقوة تفوق قوة أى رئيس. المشهد الذى رسمه حجازى لم تطرأ عليه اختلافات حادة بين وصول شفيق أو مرسى لكرسى الرئاسة، متوقعا حرص مرسى على علاقة هادئة مع العسكر وعقد صفقات فى حالة خسارته، كما لن يتم الإجهاز على الإخوان المسلمين إلا إذا كرروا أخطاءهم التاريخية و«تحرشوا بالدولة» فوز مرسى وارد اعتبر المحلل السياسى فوز مرسى أمرا مطروحا وأنه لا يمكن الجزم بوصول شفيق للرئاسة، رغم المقدمات التى تبدو «تآمرية» وسبقت إجراء الجولة الثانية، مثل قرار منح الضبطية القضائية لأفراد الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية، وحل البرلمان، إلا أنها أيضا تصب بدرجة كبيرة لصالح مرشح الإخوان، فكثير من القطاعات التى كانت ترفض التصويت له لمنع احتكار الإخوان للسلطة التشريعية والتنفيذية ستصوت له بعد صدور هذه القرارات، لكن الأمر فى النهاية مثل البورصة فى حالة صعود وهبوط ولا يمكن حسم أى توقعات، على الأقل قبل انتهاء اليوم الأول. شفيق والعسكر «علاقة ناعمة» «علاقة ناعمة وهادئة»، هو الوصف الذى اختاره حجازى لتوصيف العلاقة بين العسكر من جهة والمرشح أحمد شفيق فى حال فوزه بمنصب الرئيس، مضيفا «هم رفقاء فى إدارة الوطن وسيتكلمون بشكل أهدأ»، وفى الوقت نفسه شدد حجازى على أن المؤسسة العسكرية ستضع لنفسها وضعا مختلفا أقوى، مضيفا: «هى الآن أقوى من أى رئيس». واستبعد حجازى استمرار الدور المباشر للمجلس العسكرى فى إدارة الدولة، مع استمرار تأثير ونفوذ العسكر فى اتخاذ القرارات، وقال «لن يتواجدوا فى صدر المشهد السياسى لكن لن يتخلوا عن دوائر نفوذهم»، مشيرا إلى استمرار تحرر اقتصاد القوات المسلحة والسيطرة عليه، وانفراد المجلس العسكرى باتخاذ القرارات الخاصة بالقوات المسلحة فى الترقيات وصفقات السلاح، واصفا هذا الوضع ب«أنها دولة داخل الدولة». وتوقع حجازى استحداث مجلس الأمن القومى يسيطر عليه عسكريون للجوء إليه لاتخاذ القرارات السيادية المتعلقة بالجيش، كما لفت إلى استمرار وجود العسكر فى قلب مؤسسات الدولة، مثل الوزارات والمحافظات والأحياء. وقال «إن وجودهم فى الجهاز الإدارى للدولة يصب فى صالح المؤسسة العسكرية، فالموظفون الذين يتولون هذه الوظائف مدينون بالولاء لهذه المؤسسة، ويفهمون جيدا أنها صاحبة الحل والعقد الحقيقى فى إدارة الوطن منذ عام 1952». وبشأن إمكانية حدوث تعارض بين شفيق والمجلس العسكرى، قال حجازى «هذا وارد، ولكن لن تحدث مواجهات حادة، شفيق يعلم حجمه الحقيقى وليس لديه أحلام تتجاوز قدراته الواقعية»، مشيرا إلى أن شفيق ليس لديه قواعد شعبية يستند إليها. أما عن إمكانية الصدام بين مرشح الإخوان، محمد مرسى، وبين المؤسسة العسكرية، علق حجازى «العسكر حسبوها عندما حاول الإخوان تقديم ضمانات لهم»، مشيرا إلى عدم حاجتهم لضمانات، وقال «رسالة العسكر تعنى أنت لا تملك منحى ضمانات، أنا الذى أملك». واعتبر حجازى أن انقلاب الناخبين على الإخوان المسلمين عقب الانتخابات البرلمانية لن يعطى لهم مبررا قويا للتصدى للعسكر «إلا لو حاول مرسى إيجاد علاقة منطقية متزنة مثل تجربة حزب العدالة والتنمية فى تركيا الذى قدم نموذجا فى احترام الحريات وقدم إنجازات تثبت أنه ينحاز للناس بالفعل وليس القول». صفقات الإخوان وبشأن مستقبل العلاقة بين شفيق والعسكر من جهة وبين الإخوان المسلمين فى حالة خسارة مرشحهم، محمد مرسى، قال حجازى «أعتقد أن الإخوان لديهم القدرة على عقد الصفقات مع كل الأنظمة السابقة واللاحقة»، مضيفا: «هناك تواصل بينهم الآن، حتى فى هذه اللحظة يتعايشون مع بعض». أما عن إمكانية الصدام مع الإخوان فتوقع حدوثه إذا كرر الإخوان أخطاءهم التاريخية، مشيرا إلى ما سماه «الاستقواء والتحرش بالدولة» مثل الاستعلاء على القضاء والأزهر، معتبرا أن «التحرش بالدولة» خط أحمر لدى النظام لن يصمت أمامه، وقال «هذه مواقف لا تشفع لهم فيها صفقات ولن يبقوا فى شهر العسل إلا لو اتسموا بالعقل والرزانة ليتعايشوا»، وأشار حجازى إلى لحظة التعايش والألفة بين العسكر والإخوان التى كان ضحيتها الشعب المصرى أثناء أحداث شارع محمد محمود. ووجه حجازى حديثه للإخوان «لا تضعوا أنفسكم فى حالة نفور مع المجتمع فيرفع أيادى الرحمة عنكم، ولو نكل بكم من أى سلطة سيغض الطرف عنها، ثم ينكل بالمجتمع ككل من بعدكم»، ووصف العلاقة بين العسكر والإخوان بأنها «صراع دولة المماليك»، موضحا أنه تنافس على السلطة. الانقضاض على الحريات أما عن مستقبل الحريات والمكتسبات التى انتزعها الشعب المصرى عقب الثورة فاعتبر حجازى أنه فى حالة فوز شفيق أو مرسى سيحدث نوع من المراوغة لتقييد المصريين، وقال «لن يوجد مخرج إلا من خلال ثبات قوة الشارع ومأسسة الميدان عبر إيجاد قنوات أخرى للاشتباك السياسى»، وتابع «فى حالة وصول مرسى أو شفيق سيتم الانقضاض على الحريات، فليس من مصلحة الإخوان وجود مجتمع مدنى قوى لأنه سيؤدى إلى وجود تيارات منافسة لهم وهذا يفسر رغبتهم فى الهيمنة على الجميعات الأهلية». معركة الماضى واعتبر حجازى أن المعركة بين شفيق والإخوان «معركة من الماضى»، قائلا «المعركة بين طرفين يمثلان الماضى، والثورة تمثل المستقبل والاثنان يجرونا للوراء»، وتوقع استمرار الصراع السياسى لمدة تصل إلى 5 سنوات متمنيا أن يقوى خلالها «تيار الثورة التيار الوطنى الجامع»، مشددا على أن شفيق والإخوان فى موقف «العدو الذى يتصدى لتنوير المجتمع وحركة الشارع»، على حد تعبيره. أما عن تعامل شفيق مع قوى الثورة التى وعدها برد ثمار الثورة لها، فتوقع حجازى أن تستمر العلاقة «إعلامية مع الثوار»، وهو الأمر الذى توقعه أيضا بالنسبة لمرشح الإخوان، مسترجعا موقف الاغلبية البرلمانية من قضايا الثورة. وتساءل «كيف كان تعامل البرلمان مع ملف الشهداء والنظام السابق أين كانت الأولويات؟»، وتابع: «الطرفان شفيق ومرسى يمثلان صوت الماضى، لكن أحدهما له لسان ثورى وعقل رجعى، لكن التفكير واحد فالاثنان يستندان إلى أهل الثقة». الثوار والعمل السياسى واعتبر حجازى أن الثوار خطر على الطرفين اللذين يمثلان نموذج الاستبداد، داعيا الثوار إلى الدخول فى تنظيمات سياسية تجعل من الفعل الثورى إطارا منظما وتجعل الثوار العنصر الأكثر حضورا فى مجلس الشعب القادم. وشدد على ضرورة عدم التعامل مع الثوار على أنهم المجموعة الضيقة التى تتصدر المشهد الإعلامى وقال «الثوار ليسوا الذين ظهروا فى الفضائيات ولكنهم 10 ملايين مواطن لا يعملون فى السياسة، هم مواطنون طبيعيون من التيار الرئيسى المصرى الذين لم يثقوا أنهم أصحاب المشهد فتركوا المشهد لنخبة من الشباب».