أبدان كتب الله لها النجاة، وأخرى ظلت منهوشة ينقصها قطع لحم لتكتمل مرة أخرى، عظام تحت لحم آدمى، ظهرت وتراءت أمام الأعين المُجردة، مشاعر متناقضة، أُم طفلها قُتل ترقد إلى جواره وتخاطبه وكأنه ما زال موجودا معها، أخرى يأتيها هاتف بأن ابنها فى المستشفى نتيجة «عضة كلب» فلا تُبالى كونها اعتادت الأمر، وسيدة تسير صوب منزلها صباحاً، فتصير مركزاً لدائرة تتوسطها من الكلاب، هنا المُقطم؛ حيث لا فرق بين طفل أو سيدة أو شيخ عجوز، الجميع طاله «العضّ» و«النهش» و«القتل»، المنطقة السكنية أصبحت حديقة حيوان مفتوحة، غابة ملكها «الكلاب»، حتى لو كتب الله لأشخاص النجاة، فما زال صوت تقطيع لحم وأذن «بدرية» فى أذنها، ويستيقظ «ياسر» كل يوم مفزوعاً من مرقده وقت سماعه لأى نباح، وتستمر «أم أحمد» فى مخاطبة وليدها الذى ربته 11 سنة وفى النهاية ذهب فى «عضة كلب». «بدرية»: «صوت تقطيع الكلاب فى لحمى مش قادرة أنساه».. و«رمضان»: «الكلاب دى مابتخافش.. وشكلها غريب» الشمس فى قمة أوجها، الساعة الثانية ظهراً، الصمت يعُم مساكن البحر الأحمر بمنطقة المقطم، اللهم إلا همهمات أطفال تخرج منهم أثناء لعبهم بالكرة، يمشى «أحمد حمدى» ابن ال11 عاماً، على استحياء مرتدياً زيه المدرسى، يراقب بعينيه زملاءه وهم يلعبون، أصوات نباح الكلاب اقتربت منهم، لم يعبأوا بالأمر، وظلوا فى لعبهم يمرحون، قبل أن يهاجم قطيع منها لاعبى الكرة من الأطفال، فتبعدهم عن المكان، فى الوقت الذى ظلّ فيه «أحمد» جالساً على الرصيف مُراقبا للأمر، مفزوعا مذعورا، حاول الجرى وراء زملائه، لكنه فوجئ بثلاثة كلاب تحاصره، انقض أحدها عليه فسقط الطفل بجسده النحيل، صُراخه كان كفيلا بأن يترك عم «صلاح» بضاعته التى يبيعها ويذهب لتفقد الأمر، خرج متعكزا على عُكاز طبى، فوجد أكثر من 7 كلاب ضخمة تقتاد الطفل الصغير صوب الجبل، حاول الصُراخ، لكن أحدا لم يستجب، فى الوقت الذى كان يهُم فيه أحد الكلاب بغرز أنيابه فى عُنق الطفل الصغير، لم يلتفت الحيوان إلى الرجل العجوز، ليغرز أنيابه دون النظر إلى أى شخص يعُطل مهمته. الدماء خرجت كنافورة مياه فى أحد ميادين المحروسة، تتدفق بقوة من عُنق الطفل «أحمد»، وقف «صلاح»، الرجل العجوز، مذهولا، سار بخطوات سريعة، رغما عن عُكازه، تخلل جسده بينهم، فنال «عضة» صغيرة كإشارة تحذيرية منها، استخدم عُكازه فى هشّ وإبعاد الحيوانات، لكنها لم تلتفت له، بل حاولت مهاجمته «كلب منهم كان عاوز ينهشنى»، صرخ «صلاح» بصوت مبحوح: «الحقونى.. الواد بيموت.. الكلاب هتاكل الواد»، جمل مُتهدجة لم تُسمع أحدا رغم بزوغ الشمس فى الأفق، إلا أن الشارع يبدو وكأنه مهجور، استيقظ «حسين»، أحد الجيران، على الصوت، نظر من شرفته، فوجد المشهد واضحا، هرول صوب المكان، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، استل فى يده عصا خشبية، فيما أمسك «صلاح» بهاتفه المحمول، طلب رقم النجدة 122، لأكثر من 4 دقائق وهم يستجوبونه قال لهم على كل البيانات، الطفل «أحمد» لا يتحدث، عيناه مُعلقتان فى السماء، مستسلما للكلاب الضارية، حاول «حسين» إبعاد الكلاب، حتى ابتعدت أخيرا، وفى أفواهها قطع من جسد «أحمد» غنيمة لهم. السم يقتل ولكن لا يحل الأزمة